الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 / 24-جمادى الأولى-1446

دور الأهل في اختيار زوجة الابن



رأيهم بات غير ملزم في الكثير من المجتمعات..

لا شكّ في أنّ هناك مقاييس ينظر إليها الأهل في العروس الجديدة التي ستنضم إلى أسرتهم، وهي صفات تتفاوت بين رأي الأُم والأب وإخوة العريس وأخواته، بناءً على وجهات نظر كلّ واحد منهم. فما هي المواصفات التي يتمانها الأهل في عروس الابن؟ وهل يحق لهم التدخل في تحديدها؟

يبدو أنّ العريس ليس الوحيد الذي يملك الحقّ في التفكير في مواصفات عروسه، إذ أنّ هناك أطرافاً أخرى لديها الحقّ في التفكير في هذا الأمر، من ضمن هؤلاء الأشخاص طبعاً، أهل العريس وإخوته. وبغض النظر عن الطرف الذي يملك الكلمة الأولى والأخيرة بشأن مواصفات العروس، إلا أنّ آراء أفراد أسرة الزوج تبقى مؤثرة وتؤخذ بعين الاعتبار. صحيح أنّ رأي الأهل في عروس الابن بات رأياً استرشادياً وليس ملزماً في الكثير من المجتمعات في عصرنا هذا مقارنة بما كانت عليه الحال في الماضي. وصحيح أنّه يصعب أن تتفق آراء جميع أفراد الأسرة بشأن مواصفات عروس الابن، إلا أنّ هذا لا يقلل من أهمية رأي الأهل وأهميته، لأنّ آراء أهل الزوج نابعة من قلوب محبة ذات خبرة ودراية بالحياة.

الجمال مهم:

في سياق تعليقها على الموضوع، ترى سلامة سعيد (موظفة) “أنّ الجمال من السمات التي يجب أن تكون ضمن مواصفات زوجة أخيها”، مبررة ذلك بالقول: “أفضل أن تكون زوجة أخي جميلة وهذا مصدر فخر لي أمام صديقاتي ودائرة معارفي. كما أنّ أخي سيكون محظوظاً بزواجه بامرأة جميلة خصوصاً إذا صاحب هذا الجمال الخارجي جمال الجوهر أيضاً”. وترى سلامة “أنّ اختيار الجمال كصفة على رأس الصفات في زوجة أخيها يتيح للعروسين ميزة إضافية وهي إنجاب أطفال يتمتعون بدرجة عالية من الجمال”. وتقول: “في الحقيقة، أتمنى أن يتمتع أبناء أخي بقدر وافر من الجمال، ولا شكّ في أنّ أُم وأب يتمتعان بالجمال يمكنهما إنجاب أطفال (حلوين)”.

الموضة:

من ناحيتها، تشير وفاء علي (موظفة) إلى “أنّ الاهتمام بأحدث صيحات الموضة، هو من المواصفات التي تفضل أن تتوافر لدى زوجة أخيها”. وتتابع موضحة: “إنّ رغبتي في أن تكون زوجة أخي ذات اهتمام بالموضة لم يأتِ من فراغ، ذلك أنّ حبي وشغفي بعالم الموضة هو الذي دفعني إلى أن أعتبر هذه الصفة مهمة في زوجة أخي”. وتجد وفاء جوانب إيجابية عديدة في هذا الأمر “منها على سبيل المثال ذلك الوقت الممتع الذي ستمضيانه معاً في التسوق والحديث حول آخر مستجدات الموضة، وهذا في حدّ ذاته سبيلاً لتقوية علاقتها بزوجة أخيها وتوطيد صلتها بها”.

متعلمة واجتماعية:

وعن رأي الأُم بشأن المواصفات التي تتمنّى أن تكون في زوجة ابنها، تقول حكمت طلعت (ربة بيت): “هناك صفتان في غاية الأهمية من وجهة نظري، وكنت شديدة الحرص على توافرهما في عروس ابني، حيث كنت أود أن تكون اجتماعية ومتعلمة”. وتواصل حكمت حديثها مؤكدة أنّ زوجة ابنها “تتمتع بالفعل بهاتين الصفتين، فهي اجتماعية بالدرجة الأولى وتجيد التواصل مع الآخرين، فضلاً عن أنها متعلمة ومثقفة ولديها دراية واسعة بكيفية تدبير حياتها الزوجية بشكل جيد”. وفي سياق متصل، تشير حكمت إلى “أنّ المجال أمسى محدوداً أمام أُم الزوج في ما يتعلق بتحديد مواصفات معينة في عروس ابنها، لذا فإنّه من الأفضل أن ينحصر اهتمامها على صفة واحدة أو صفتين ترى فيها مصلحة ابنها وأسرته، شرط أن تكون تلك الصفات جامعة تشمل عدداً كبيراً من الشمائل الحسنة”.

اجتماعية بحدود:

من ناحيته، يُشير خالد خيري (موظف) إلى “أنّ من الجيد أن تكون الفتاة الجديدة التي سوف تنضم إلى عائلتنا بصفتها زوجة أخي، من النوع الاجتماعي الذي يندمج مع الناس بسهولة ويُحسن التعامل معهم”، لافتاً إلى “أنّ هذه الصفة مرغوبة من قبل أفراد الأسرة كافة من دون استثناء”. إلا إنّه يعود ليوضح “أنّ من الضروري أن تدرك زوجة أخي أنّ ثمة حدوداً ينبغي الالتزام بها في ما يتعلق بتعاملاتها مع الآخرين. فلا مانع من أن تكون ذات شخصية اجتماعية وهو أمر جيد، لكن شرط أن يكون ذلك ضمن حدود حتى تتجنب الوقوع في مشكلات عديدة لا نهاية لها”.

ربة بيت:

“ربة البيت هي المرأة المثالية” من وجهة نظر السيد أبو الفتوح (موظف) وهي التي تحمل على عاتقها الشق الأكبر من مسؤوليات الأسرة. ويوضح: “بصراحة، أنا أُفضل أن تكون زوجة ابني ربة بيت تهتم في المقام الأوّل بزوجها وشؤون أسرتها، وألا يكون هناك ما يشغل تفكيرها سوى أبناءها وزوجها، حيث تسعى إلى إسعادهم وراحة بالهم قبل كلّ شيء”. ولا يكتفي السيد أبو الفتوح بذكر هذه المزايا الإيجابية التي يجدها في الزوجة ربة بيت، إنما يقول أيضاً: “إذا كانت زوجة ابني ربة بيت، فهذا يعني أنّ زوجتي (حماتها) محظوظة، لأنّ زوجة ابنها ستقضي معها أغلب وقتها معها سواء في البيت أم أثناء التسوق، وهذا الأمر سيوطد العلاقة لتسود الألفة والمحبة بينهما، وهذا جانب إيجابي تفتقده أسر كثيرة”.

موظفة:

من وجهة نظر مخالفة تماماً، فإنّ محمّد العقيلي (موظف) يبدو مُصراً على أن تكون زوجة أخيه “موظفة”. ويبدو أنّ هذا الإصرار لم يأت من فراغ، إنما هو نتيجة أسباب عديدة يتحدث عنها قائلاً: “في الحقيقة، أنا أميل إلى فكرة أن تكون زوجة أخي موظفة، فهذا سيجعل لديها اهتمامات ثقافية وطموحات عملية، عدا عن أنّ المرأة العاملة تتمتع غالباً بشخصية عملية واجتماعية وذهن متفتح”. ويؤكد العقيلي “أنّ تلك الصفات من شأنها أن تجعل المرأة أكثر قدرة على إدارة شؤون أسرتها وتربية أطفالها بشكل جيِّد. كما أنّ انشغالها ببيتها وعملها، سوف يجعلها تغض الطرف عن الكثير من المشكلات اليومية الصغيرة التي تعترض حياة الأسرة”.

هادئة الطبع:

ويصنف عبدالله فريد (موظف) صفة “الهدوء” ضمن “أهم المواصفات المتميزة” التي يجب أن تتوافر في شخصية زوجة أخيه. يقول: “أظن أنّ الهدوء يدل على أنّ صاحبه شخص على خلق طيب وحسن العشرة ولديه طباع جيدة، وهذه جميعها أمور ترفع من رصيد الفتاة التي سوف تصبح فرداً من العائلة، وهي إشارة إلى أنّ علاقتها بجميع أفراد الأسرة سوف تكون على ما يرام”. من ناحية أخرى، يؤكد عبدالله “أنّ الرجل بطبيعته يجد صعوبة في تقبل المرأة المهووسة بالموضة”. ويتابع موضحاً: “من الطبيعي أنّ جميع النساء لديهنّ اهتمام شديد بالموضة، لكني أعتقد أنّ أخي لن يقبل الارتباط بفتاة لديها هوس بعالم الموضة، أو حتى تميل إلى المبالغة في الاهتمام بمظهرها، فغالباً ما يتسبب ذلك في وقوع مشكلات كثيرة بين الزوجين”.

لصاحب الشأن فقط:

أما جمانة محجوب (ربة بيت)، فترى “أنّ القرار الأوّل والأخير يعود إلى الرجل في اختيار مواصفات عروساً له دون غيره”. وتتابع: “أعتقد أنّ الرجل لديه حرية اختيار عروساً له بالمواصفات التي يراها مناسبة من وجهة نظره، ولا مانع من أن يبدي أفراد الأسرة رأيهم في هذا الشأن ذلك ولكن بالشكل المعقول بعيداً عن التعنت وفرض الرأي، لأنّ الرجل هو من سيعيش الدهر كلّه مع الفتاة التي يراها مناسبة له. لذا يجب أن يتمسك برأيه”. وتضيف جمانة: “أنا لا أرتاح إلى فكرة أن يرتبط شقيقي بفتاة شديدة الطموح أو أعلى منه تعليماً، ذلك أنّ من الأفضل أن يختار الرجل امرأة لا تفوقه تعليماً، لا لشيء وإنما تجنباً لاحتمال أن تتعالى عليه وتقلل من شأنه في بعض الأمور، إذ أنّ هناك نماذج عديدة من الزيجات التي تفرض المرأة فيها رأيها في كلّ شؤون العلاقة الزوجية، مبررة ذلك بأنها أكثر اطلاعاً وعلماً من زوجها، وهذا الأمر لا يقبله الرجل مهما كانت الأحوال”.

قرار العريس:

من منظور أسري ومجتمعي، تؤكد الاستشارية الأسرية الدكتورة غادة الشيخ “أنّ دور الأهل تراجع في ما يتعلق باختيار عروس الابن المقبل على الزواج”. وتفسر ذلك بالإشارة إلى “إنّ قيام أفراد الأسرة بإبداء الرأي في عروس الابن يعتبر أمراً طبيعياً، مع التسليم بأنّ رأي الأهل لم يعد كما كان عليه في السابق من ناحية الأهمية والإلزام، حيث أصبح القرار في يد الزوج وحده، وهذا هو عين الصواب حتى لا يُلقي اللوم على أحد من أفراد الأسرة إذا رأى من عروسه ما لا يرضيه”.

وترى د. غادة الشيخ أنّ اهتمام الأهل في اختيار العروس الجديدة “ينصب على مواصفات معروفة سلفاً وقد تكون متشابه بين الأسر”. وتقول: “في الحقيقة، إنّ تركيز الأهل يتمحور حول أن تكون عروسة ابنهم ذات أخلاق رفيعة وتحسن التعامل مع الآخرين، ولا يكون لديها اهتماماً بالمظاهر الخارجية والشكلية”. وتشير د. غادة إلى “أنّ الأسرة تحسن التعامل مع العروس الجديدة إذا كان الاختيار قد تم من قبلها”. وتضيف: “قد يكون الأمر مقبولاً بالنسبة إلى أهل الزوج في حال الأخذ بمشورتهم في ما يتعلق بمواصفات العروس، ولكن سيختلف الأمر تماماً إذا اكتفى الرجل في أخذ قرار الزواج بنفسه بحسب ما يرغب، حيث ستكون ردة فعلهم في الحالة أكثر ميلاً للتحامل على العروس، خصوصاً من جانب الكبار من أفراد العائلة”.

خصوصية الرجل:

من منظور نفسي، يشدد الطبيب النفسي الدكتور محمّد النحاس (مدير عام لـ”مركز استشارات نفسية”) على “أنّ الرجل هو الذي يحدد مواصفات فتاة الأحلام (العروس). ويقول: “أعتقد أنّ العريس هو الأولى في تحديد مواصفات العروس الذي سيرتبط بها، ذلك أنّ العريس يرى في شخصية عروسه أموراً دقيقة قد تنال رضاه أو تتعارض مع رغباته، لذا فهو الأحق في اختيار مواصفاتها”. ويشير د. النحاس إلى “أنّ هناك حالات استثنائية لا يكتفي فيها الأهل بمجرد أن يكون لهم آراء وأمنيات وتفضيلات بشأن عروس الابن، حيث يحدث نوع من إجبار الابن على اختيار عروس بمواصفات معينة يمليها الأهل. وهنا تحدث مشكلات عديدة” هذه المشكلات، يتحدث عنها د. النحاس قائلاً: “من بين تلك المشكلات على سبيل المثال الخلاف بين أفراد الأسرة، وعدم تقبل العروس كفرد جديد في العائلة وصعوبة التعامل معها بشكل مناسب، هذه الأمور تؤثر في شكل الأسرة وطبيعة العلاقات بين أفرادها”. ويتابع: “أعتقد أنّ أفراد الأسرة لن يتقبلوا بسهولة العروس التي اختارها ابنهم بمفرده، لأنّهم يعتقدون أنّ رأيهم مهم ومؤثر. في هذه الحالة سيواجه الأهل صعوبة في تقبل هذا الأمر، حتى أنّ تعاملهم مع العروس سيكون محدواً، وقد يختلف هذا الأمر من وجهة نظر الأُم أو الأب أو الأبناء في طريقة التعايش مع الزوجة الجديدة”. ويؤكد د. محمّد نحاس “أنّ الرجل يجب أن تكون لديه خصوصية تامة في شؤون الحياة الزوجية، ولا يمنح للأهل حرية التدخل في اختيار عروس بالمواصفات التي يرغبها كلّ فرد من الأسرة”، قائلاً: “من الأفضل ألا يتدخل الأهل سواء من الأُم والأب والابن في تحديد مواصفات عروس البيت، لأنّ كلّ شخص سيكون له رأي مختلف بشأن هذا الموضوع ولن يتفق عليه الأفراد معاً”. ويضيف: “إنّ اختلافات وجهات النظر بين أفراد الأسرة بشأن مواصفات العروس التي ستحل على البيت، يخلق مشكلات لا نهاية لها بين أفراد الأسرة، ويأتي السبب الأولي في خلق تلك المشكلات هو محاولة كلّ شخص من أفراد الأسرة فرض رأيه بشأن مواصفات العروس، وهذا الأمر غير مقبول على الاطلاق”.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم