◄كم من مرّة يأتي إلينا صديق أو صديقة محاولاً الاستعانة بنا في علاقة معقدة مع شريك صعب الميراث. وفي الكثير من المرّات يكونوا قد استعانوا بأشخاص قبلنا كي يعطوهم نصائح لتصحيح أو تحسين مسار العلاقة؛ لكن في الواقع ومن حيث لا يدرون هم يبحثون عن أشخاص يتواطؤون معهم، بمعنى آخر يبحثون عن أشخاص يعطونهم نصائح تتناسب مع حاجتهم، وتحديداً حين يدركون أنّهم يقومون بخيارات غير مناسبة. فما الدور الذي يتوجب على الصديق أن يلعبه في حال وضع أمام هذا الظرف؟
ليست مسألة سهلة، مهمّة إعطاء نصيحة أو مساعدة صديق على اتخاذ قرار مرتبط بعلاقته بشريكه. خصوصاً وأنّ العلاقة مع الآخر تُبنى على الكثير من التفاصيل والديناميكية الخاصّة لا يعيشها إلّا الثنائي نفسه. وبالتالي أي طلب للتدخل من الأصدقاء لن يكون موضوعياً، وقد لا ينتج تدخل الآخرين، نصائح موضوعية أيضاً.
لكن حين يلجأ إلينا صديق يمر بظروف صعبة في علاقته مع شريكه، من السهل الوقوف إلى جانبه حتى ولو لم يقتضِ ذلك إعطاء النصائح أو حتى التطرّف بالآراء معه. أحياناً حين يطلب الصديق المساعدة أو الدعم أو حتى إبداء الرأي، فإن لم نكن نملك معرفة لمساعدته أو حتى لإرشاده أو توجيهه لاتخاذ قرار مناسب، يمكننا أن نلعب دوراً حيوياً لكن صامتاً في الوقت نفسه من خلال الاستماع إليه.
فقلما يخبرنا الصديق مشكلاته منتظراً حلولاً أو إجابات، بل أحياناً كثيرة يخبرنا بمشكلاته لأنّه في حاجة للتفريغ ليس أكثر أو لمن يستوعبه ويتعاطف معه. في هذه الحال، حين يخبرنا بمشكلاته او يقوم بلوم الآخر أمامنا من دون أي يتعلّق منّا، قد يساعده ذلك على سماع نفسه وفهم الكثير من الأمور ووضع مسافة بين الحقيقة وقراءته لها. وبالتالي قد تمنعه من القيام بفعل متهور أو ربما غير مدروس.
في كثير من الأحيان، يميل الصديق إلى إعطاء النصيحة لصديقه عندما يلجأ إليه ليستشيره، من خلال إعطاء رأيه الخاص من وجهة نظره هو أو من خلال خبرته الخاصّة، أو لمجرد حبّه لصديقه وغيرته عليه وتعاطفه الزائد معه؛ لكن ديناميكية العلاقات تبقى معقّدة أكثرمن أن تنتهي أو أن تصل إلى الحل بمجرد فكرة أو نصيحة. لهذا السبب تحديداً إذا كان رأي الصديق حازماً، من خلال دعوته لإنهاء العلاقة مثلاً، سيقع المحظور لأنّ الحيرة ستساور مَن لديه المشكلة لأنّه قد لا يتمكّن من العمل برأي صديقه وفي الوقت عينه هو لا يريد خسارته، وبالتالي سيضطر ربما إلى عدم التواصل معه أو الابتعاد عنه كمخرج موقت تجنباً للإحراج.
لذلك رأي الصديق ليس ملزماً، ويبقى رأياً خاضعاً لتعديلات عدّة مرتبطة بالكثير من الظروف، ذلك أنّ إعطاء نصيحة لأحد الأصدقاء يُعدّ أمراً دقيقاً، ومهما كانت النصيحة يجب أن يعرف صاحب العلاقة أنّ النصيحة قد لا تعدو كونها منطلقة من اختبار أو رأي محض شخصي. لذا يجب عدم إعطاء نصائح ملزمة تحرج الصديق، لأنّ هذا الصديق المتورط قد يكون وحيداً وليس لديه أي شخص آخر يلتجئ إليه، ومن هنا قد يتخذ قرارات خاطئة ومتسرعة إذا انفرد بقراره كي لا يلجأ إليه مجدداً وذلك بسبب عدم قدرته على اتباع نصائحه، وفي الوقت عينه لعدم رغبته في خسارته.
عزيزي القارئ!
من الضروري حين يخبرك صديقك بمشكلاته مع الشريك، أن تصغي لطلبه خلف الرواية التي يرويها قبل أن تأخذ طرفاً معه أو تعطيه نصيحة قد لا تكون في مكانها وقد تؤدّي إلى خلاف وتدمير للعلاقة. اعرف جيِّداً أنّ الأشخاص يميلون لإخبار الجزء الذي يخدم مصالحهم في العلاقة. لذلك حين يخبرك عن أي أمر فلا يعني ذلك أنّه ضحية شريكه ولا حتى أنّه مطلق الحقّ.. فالشريك لديه وجهة نظر أخرى أيضاً مختلفة عن شريكه. فحذار لعب دور المشجّع على الشرّ من دون إدراك ذلك، حتى ولو بهدف الخدمة وبنيّة حسنة.
نصيحتي لك صديقي القارئ: كن حذراً عند إعطاء النصائح للآخر، لاسيما عند انتقائك لعباراتك وتوجيهاتك وأفكارك وقراراتك لأنّه قد ينتهي الأمر بصديقك وشريكه في النهاية إلى المصالحة والتفاهم، فتصبح حينها في وضع محرج جدّاً، لاسيما إذا اطلع أحدهم الآخر على تفاصيل الحوارات والنصائح.►