الخميس 26 ديسمبر 2024 / 25-جمادى الآخرة-1446

دور الأسرة في تخطي مرحلة المراهقة.



http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRHtmLkZpcRtxR-8hG0Lu8mI8zRfLvnqXSyl0YEdjbmwyGVoBv94_ra7voE
أ. مرتضى عبدالله .

المراهقة مرحلة مهمة في حياة الشباب والفتيات خصوصاً، فهي مرحلة تغير نوعي تتطلب تضامن جهود الأسرة والمجتمع بمؤسساته المختلفة ليتجاوز الشباب تلك المرحلة بنجاح .

ولا أحد يستطيع أن يُغفل أبداً دور الأب في هذه المرحلة، إذ لدوره أعظم الأثر في اجتياز هذه المرحلة الصعبة، ولا يمكن الوصول إلى بر الأمان دون تماسك وترابط أسري عظيم،

فالجو والبيئة الأسرية المحيطة بالفتيان والفتيات في سن المراهقة لهما أكبر وأعظم الأثر على تحولاتهم النفسية في هذه السن .

ومن ناحية أخرى نُناشد الأم أن تتحلى بأكبر قدر ممكن من الصبر وضبط النفس أثناء هذه المرحلة،

فكل معضلات هذه المرحلة من الرغبة الجامحة المفاجئة للقاء الجنس الآخر، إلى تمرد على أسلوب الحياة بصفة عامة، ورغبة في إثبات الذات .. كلها معضلات لا سبيل للتعامل معها إلا بقدر كبير من التفهُّم لطبيعة هذه المرحلة .. الصبر وقبل هذا وذاك قدر كبير جداً من الاحتواء .. هذا ما قالته وتنصح به رباب . ح . معلمة وأم لأربع بنات تجاوزن مرحلة المراهقة .

” الاحتواء “

أما نورة (17 عاماً ) فتقول: لا أفكر في المراهقة كمرحلة صعبة ، فلم يكن هناك شيء أنفع لي من إحدى صديقات أمي، والتي اعتبرها في مقام خالتي، فكان عندها قدرة هائلة على احتوائي خلال هذه المرحلة ،

فقد كانت مأمن سري، لأنها استطاعت بكل نجاح أن تهبط إلى مستوى تفكيري ..

فلم تسفِّه أفكاري ولم تسفِّه آرائي ورؤيتي لمعظم الأمور التي حينما أتذكرها الآن

أتعجب من تفاهتها وسذاجتها !!.

“الأسر الممتدة “

تدخلت أم نورة في أطراف الحديث متسائلة عن تواجد مثل هذه العلاقات في مجتمعاتنا المدنية الآن، فلا نحن نتمتع بالأسرة الممتدة، ولا حيلة لنا أمام العلاقات الإنسانية التي تزداد تفككاً عقداً بعد عقد؟

فقد كانت في الماضي مهمة الوالدين في توجيه وإرشاد المراهق والمراهقة أقل صعوبة، فكانت هناك العمة والخالة وزوجة الخال والجارات اللاتي كن كالخالات ، وكانت هناك مساندة ودعم أسري خارجي يوجه ويرشد ويحتوي ويحتضن ويساهم بطريقة فعالة مع الوالدين،

أما الآن فقد انقرضت في مدننا الحديثة مثل هذه الأسر الممتدة، فما قمت به من البحث عن البديل من بين صديقاتي اللائي أثق فيهن وفي دينهن وأمانتهن ليقمن بدور الموجهة، وذلك بطريقة غير مباشرة، وذلك لتيقني بعدم مقدرتي على النزول إلى مستوى تفكير بناتي فرأيت ضرورة وجود البديل من المجتمع الصالح والصديقات الصالحات .

“حدود الحرية “

وحول مدى حدود الحرية في اختيارات المراهقة الشخصية وقراراتها المصيرية تقول نورة : أثناء مرحلة المراهقة كانت دوماً تراودني الرغبة في الانطلاق وكسر كافة القيود المفروضة، والغريب أنني كنت وقتها أعتبرها ” قيوداً “

أما الآن فاعتبرها ” حدوداً طبيعية للحرية ” مثل: الرغبة في الخروج من المنزل إلى الصديقات دون ضرورة التقيد بإذن مسبق من الوالدين، أو الرغبة في التأخر ليلاً دون التقيد بموعدٍ للعودة إلى المنزل.

أما الآن فقد أدركت تماماً أن المطالبة بالحرية المطلقة التي لا تحدها حدود من أي نوع هي ضرب من ضروب الجنون، لأن الشاب أو الفتاة في هذه المرحلة لا يحسن التصرف فلا يدرك ما ينفعه ولا يضره،

وتكون الرغبة هي اكتشاف العالم من حوله دون وصاية أو حتى رقابة ومتابعة، الشاب أو الشابة يرفض عون الآخرين ويضرب بخبراتهم عرض الحائط وهذا ما نراه يحدث في هذه المرحلة

“الشورى في بيوتنا “

وترى الأم أن القضية هي: كيف يمكن أن تصل بالشاب أو الفتاة بطريقة غير مباشرة وغير موجهة توجيهاً صريحاً إلى قناعة داخلية بضرورة تغلب كفة المصلحة الحقيقية على كفة المصلحة اللحظية ؟

وتضيف: لم يكن في تربيتنا لأبنائنا أي نوع من أنواع الإجبار أو القهر أو التسلط ، ومارسنا الشورى بصورة شملت كافة القرارات الأسرية ،

ومن الأمثلة الطريفة أننا فكرنا منذ عامين في إقامة تجديدات شاملة على البيت، فطلب الأب من كافة الأبناء رسم تصوراتهم الخاصة حول التصور والصورة التي يجب أن يرى كل منهم البيت عليها، وتسجيل رغباته على الورق حتى يتم التصحيح الجديد مراعياً قدر الإمكان لكافة الرغبات .

كانت هذه هي الطريقة المتبعة في اتخاذ كافة القرارات التي مسَّتهم فعندما رأينا ضرورة تغيير المدرسة، ونقلهم إلى مدرسة أفضل منها تعليماً، كان هذا بالطبع في أول الأمر ضد رغباتهم، وتناقشنا أياماً وليالي، ورغم ذلك لم نغلق باب بقائهم في مدرستهم حتى يصبح قرار المدرسة الجديدة نابعاً من أعماقهم .
 

ترى الأم أيضاً أن الشورى يمكن ممارستها منذ سن صغيرة ،
فلماذا لا تستشير الأم أطفالها في نوعية الطعام الذي يريدون تناوله
وفي اختيار أماكن المصايف ؟

” أثر الشورى على الطفل “

× تطبيق الشورى له العديد من المميزات التي قلما نلتفت إليها ومن أهمها :تعلم الطفل كيفية عرض رأيه بصورة عقلانية منطقية .

× إدراك الطفل دونما مواعظ وتوجيهات مباشرة أن هناك أموراً إستراتيجية لا يمكن المساس بها ،

منها على سبيل المثال التماسك الأسري .

فمثلاً إنفاق مبلغ طائل في هدية لأحد الأبناء دون مراعاة للآخرين أمر غير مقبول .

× تعرض الطفل منذ سن مبكرة إلى إدراك أن هناك رأياً آخر معتبر لابد من احترامه.

× تعلم الطفل طريقة الحوار والأخذ والرد وكيفية الوصول إلى حلٍ وسط .

_____________________

المصدر: موقع آسية .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم