بقلم المرشد الأسري أ. مجدي نجم الدين
يتعرض الإنسان في هذا العصر المتسارع تكنولوجياً لضغوط حياتية ومسؤوليات وتحديات مختلفة سواء دراسية أو مهنية أو اقتصادية أو أسرية أو صحية أو نفسية.
وضغوط الحياة من حيث التعريف هي سلسلة من التحديات والمواجهات والشدائد في مقابل فرصها وما توفره لنا من خبرات تراكمية تجعلنا ننمو معرفياً.
والأسرة المعاصرة بدءاً بالزوجين والوالدين تحتاج لمهارات إدارة الحياة وخصوصاً التمتع باللياقة التكيفية لعصر التسارع الذي تفرضه العولمة والتي يسيرها قانون القوة.
الإنسان كائن اجتماعي يتفاعل مع الآخرين والانفعالات مكون رئيسي من مكونات شخصيته ومن مكونات هذا التفاعل فهو يؤثر ويتأثر بمن حوله من خلال الاستجابات للخبرات المختلفة التي يمر عليها.
والانفعالات لا تسير بوتيرة ثابتة بل تتغير بين الحزن والفرح والامل والقلق والخوف مما يحدد درجة توافق الفرد مع نفسه ومع بيئته المحيطة بأشكالها المختلفة، وهي جزء لا يتجزأ من عملية النمو الإنساني الشامل للشخصية السوية.
الانفعالات ظاهرة إنسانية يعرف بها الإنسان، وهي استعداد موروث لديه وترتبط بالدوافع، لأن الإنسان ينفعل ثم يقوم بسلوك، فيحقد ثم يعتدي بالضرب أو الكلام، ويحب ثم يبتسم ويتقرب ويتواصل.
وهكذا فإن سيكولوجية الانفعالات ترتبط بالخصائص الإنسانية البشرية، والثقافة والدوافع، والحاجات، وتسيطر على سلوك الإنسان في معظم الحالات، فلا تجد سلوكاً جون أن يرتبط بانفعال وراءه.
وتنظيم الانفعال Emotional Regulation هو العمليات التي تؤثر من خلالها في مشاعرنا، وكيف نواجه هذه المشاعر ونعبر عنها، إذ أننا نواجه مصاعب في الوصول إليها، كما يتضمن العديد من هذه العمليات خفض، أو الحفاظ على، أو زيادة واحد أو أكثر من مظاهر الانفعال.
وللانفعالات دور في تحريك سلوك الفرد أو إعاقته، وتساعده على تنظيم انفعالاته وتوجيهها ليعبر عن الفرح أو الألم. فمشاعر الفرحة عند النجاح في الاختبار تقوي دافع التحصيل، فالانفعالات مظاهر داخلية تصاحب الحالة الانفعالية للفرد كارتفاع ضغط الدم، وسرعة التنفس، ومظاهر خارجية نستدل من خلالها على انفعالات ومشاعر الأفراد كتعبيرات الوجه التي يصعب إخفاءها، حيث أن التعبير الانفعالي يثار بمثيرات خارجية ويتأثر بالخبرات الذاتية التي تصاحب الحالة الانفعالية. فالخبرة الانفعالية هي خبرة غير إرادية سلبية أو ايجابية، ولها دور مهم في حياة الأفراد.
والبعض لديه صعوبات في التنظيم الانفعالي ومما أشارت إليه الدراسات إلى التأثيرات السلبية لهذه الصعوبات على المشكلات السلوكية والنفسية والاجتماعية للفرد كالنشاط الزائد والعدوان والتحدي والغضب وضعف مهارات التواصل والتعامل مع الآخرين والقلق وتعاطي المخدرات والانتحار وعدم الرضا الوظيفي.
وترتبط صعوبات التنظيم الانفعالي بتأثيرات سلبية متزايدة على العديد من المتغيرات فهناك علاقة بين صعوبات التنظيم الانفعالي واضطراب الشخصية الحدية، واضطراب القلق، وتعاطي المخدرات ، والعنف والعدوان، والانتحار.
وتبرز الأهمية النظرية لاكتساب مهارة التنظيم الانفعالي من خلال بعض الدراسات التي أجريت حول التنظيم الانفعالي مثل دراسة جروس (Gross, 2010)، وايفانس (Evans, 2014). وقد بينت هذه الدراسات أن تنظيم الانفعال له علاقة وثيقة بالتعاطف والسلوكيات الاجتماعية الايجابية والسلوك الأخلاقي والكفاءة الاجتماعية كما ان التنظيم الانفعالي يؤثر على الجانب النفسي والجسمي والشخصية ايجابياً.
وتتجلى أهمية تنظيم الانفعالات تطبيقياً في مساهمتها في مساعدة المتزوجين في حل المشكلات الزوجية من خلال تعزيز التوافق الزواجي بينهم الذي يعبر عنه بالحب المتبادل، والإشباع الجنسي، وتحمل المسؤوليات والقدرة على حل المشكلات، والاستقرار الزواجي والرضا والسعادة الزواجية والتصميم على مواجهة المشكلات وتحقيق الانسجام والمحبة المتبادلة.
* المرشد الأسري أ. مجدي نجم الدين
29/11/2018