إنّه تمارض الأبناء.. تلك الحيل الفطرية التي يلجأ إليها الابن دون أن يتعلمها من أحد وهدفه منها هو عدم الذهاب إلى المدرسة..
ظاهرة تحدث في كلّ منزل وتتكرر كلّ يوم مع أطفالنا وهي مشكلة الاستيقاظ مبكراً ورفض الذهاب إلى المدرسة، وتجد الأمهات صعوبة كبيرة لإقناع طفلها ليستيقظ ويتجه إلى المدرسة، وإذا استيقظ الطفل فإنّه يرتدي ملابسه ببطء ولا ينهي إفطاره في الوقت المخصص حتى لا يلحق بموعد المدرسة، وبعض الأطفال يدعون ببعض الحجج الواهية كالمرض وخاصة آلام البطن كوسيلة للهروب من المدرسة..
تتمثل ظاهرة التمارض عند الأولاد بإدعاء المرض لأجل استعطاف الأهل بالسماح للطفل البقاء في المنزل- حيث يقدم الطفل العديد من المظاهر التي توحي بأنّه مريض!
هل طفلك مريض أو متمارض؟
كيف نستطيع أن نفرق بين مرض الطفل الحقيقي وبين تمارضه؟
إذا كان الطفل يدعي المرض، وهذا الإدعاء خالٍ من الأعراض الحقيقية التي يشعر بها الناس عامة، فهو تمارض وليس مرضاً. أما عندما يدعي المرض وتكون العوارض على جسمه واضحة مثل:
– الغثيان والقيء.
– الإسهال.
– اكتساب الوجه اللون الاصفر.
– الارتفاع في درجة الحرارة.
– أعراض تثير القلق عند الأهل.
عند ذلك يجب اتخاذ الحذر والتوجه مباشرة إلى الطبيب لأنّ التأخر في عرض الطفل على الطبيب قد يؤدي إلى نتائج قد تدوم مع الطفل طويلاً.. نحن نعلم أن أرتفاع الحرارة عند الطفل وعدم التصرف مباشرة قد تؤدي إلى مشاكل دماغية طويلة الأمد- لا قدر الله- ..
ما هي الأعراض العامة للتمارض عند الأبناء؟
– آلام في الرأس.
– آلام في المفاصل أو الأرجل.
– الرغبة في التقيؤ أو الشعور بالغثيان.
– الرغبة في الدخول المتكرر للحمام.
أسباب تمارض الأطفال
في مرحلة الروضة:
1- بسبب التعلق الشديد بالأم.
2- المكاسب التي يحصل عليها الطفل مثل زيادة الاهتمام.
3- الخوف من المدرسة لأنّها شيء جديد عليه.
في المرحلة الأبتدائية:
1- الحنين للجلوس في المنزل كأخوته الصغار.
2- رغبة في لفت الانتباه إليه وخاصة من الأم.
3- عدم أدائه للواجب المدرسي المطلوب منه.
4- خوفه من المعلم والمدرسة.
في المرحلة الإعدادية:
1- الهروب من المادة التعليمية التي لا يحبها أو الخوف من المعلم.
2- التهرب من أداء الاختبارات لعدم التمكن من الأداء.
3- عدم الالتزام بالواجبات المكلف بها من المدرسة.
4- الملل من حصة أو يوم دراسي.
خلال المرحلة الثانوية:
1- الأولاد يميلون للتخلص من أداء الواجبات وانشغالهم بأشياء شخصية.
2- أما البنات فيميلون إلى نوع من لفت الانتباه بطريقة ما.
3- التقلبات الفسيولوجية والمزاجية في هذه المرحلة عند الأولاد والبنات تلعب دوراً مهمّاً في هذه الظاهرة.
كيف نتعامل مع تمارض الأطفال؟
فن إيقاظ الطفل:
تقول جوزيب لاثيزي طبيبة الأطفال النفسية: “إنّه يجب على الأم أن تتعلم فن إيقاظ طفلها والذي يتطلب إيقاظه قبل موعده بربع ساعة على الأقل حتى تتاح لها فرصة تدليله قليلاً، ثم تشجيعه على قص الأحلام التي رآها في منامه وتتابعه بعد ذلك، وهو يرتدي ملابسه بنفسه لتنمي لديه روح الاستقلالية- وتضيف الخبيرة أنه يجب على الأم أن تعي أن استيقاظ الطفل مبكراً يعتبر مجهداً بالنسبة إليه؛ لذا يجب مكافأته من وقت إلى آخر من خلال تقديم بعض الهدايا الصغيرة كتعويض له”.
إن تشجيع الطفل على الذهاب إلى المدرسة لن يتحقق بالأوامر؛ لأنّ الأوامر أو العتاب سيؤدي إلى زيادة إحساسه بالقلق- كما أن ارتباط العقاب بالدراسة يزيد خوفه ورعبه؛ لذا يجب أن نبث الأمان في قلب الأم لينتقل للابن بالإضافه إلى ضرورة توفير أدوات الجذب في المدرسة عن طريق زيادة الألعاب والمساحات المخصصة للعب.
يجب أن تكون الأم واعية لطبيعة طفلها، فربما يكون طفلاً متوحداً، أو تكون لديه نزعات انطوائية و فردية وحب الانسلاخ من المجتمع فيجد في التمارض وسيلة لتحقيق الانطواء، وقد يكون الطفل مريضاً بالفعل أو قد تكون المدرسة هي سبب تمارض الطفل لأنّها أحرجته أمام زملائه.
كيف تتصرف مع الطفل المتمارض؟
أبسط الأمور التي تتأكد منها هي قياس درجة حرارة الطفل، ولو كان الأمر أكبر من ذلك عليك استشارة الطبيب فوراً. أما إذا تأكدت من تمارض الطفل فيجب:
– أن تقنعه بالذهاب إلى المدرسة أولاً ثم تبحث عن موضوع تمارضه الذي يشتكي منه.
– أن تكون قريباً من الطفل عند عودته من المدرسة لتبحث معه سبب عدم رغبته في الذهاب إلى المدرسة. – أن تحاول الكشف عن المشكلة الحقيقية المسببة لعدم ذهابه للمدرسة، أهي الواجبات أم أحد الأصحاب في المدرسة أم المعلم. . . .
– أن تكون على اتصال مباشر في المدرسة للبحث في سبب إدعاء المرض عند الطفل.
– أن تبين لطفلك أن هذا السلوك هو نوع من الكذب، وهذا ليس من أخلاق الإنسان المسلم وفي حال تكراره سوف يؤدي إلى ابتعاد من حوله ويصبح كذوباً.
– أن نبحث عن سبب هذه المشكلة إن كانت في المنزل أو في المدرسة ببحثها مع معلم الابن أو الإخصائي الاجتماعي بالمدرسة ومعرفة الأسباب إن كانت من المدرسة كمؤسسة أم مع جماعة الأقران.
– أن نحاور الابن ونناقشه في سبب عدم ذهابه إلى المدرسة.. الأسباب والحلول وتشجيعه على الحوار والتحدث عما يواجهه بكل ثقة وبدون خوف أو تردد.
– التعزيز والمكافأة للابن في حال ذهابه والعكس الحرمان من رحلة أو من مصروف في حالة تحايله.
– إشعار الابن بالحب والعطف والحنان وإشباع حاجاته النفسية حتى يشعر بالأمان النفسي.
– تجاهل مرض الابن إذا كان فعلاً يتمارض وعدم السماح له بالتغيب عن المدرسة.. وعليه الذهاب للمدرسة وبعدها أخبره أنّك ستتناقش معه في الموضوع لأنّك عندما تسمح له بالتغيب تصبح لديه عادة- قد يكون الطفل يتمارض بسبب خوفه وخجله من المعلمين أو من زملائه أو بسبب شعوره بالنقص، وقد يتحول هذا الخوف إلى مرض جسمي، عندها يكون الطفل مصاباً بالسيكوسوماتية (الأمراض نفس جسمية)؛ فيشعر بالمغص أو بالتقيؤ أو غيرها من أعراض القلق والخوف فيجب طمأنة الابن وتهدئته ومعرفة الأسباب التي تشعره بالقلق والخوف ومحاولة إزالتها.
– تجنب الضرب والقسوة الشديدة على الطفل واستخدام الأساليب الأخرى مثل الحرمان كقول: (لو كنت ستذهب اليوم للمدرسة كنت سأذهب بك إلى التنزه، الملاهي…).
– من الأمور المهمة عند مرض الطفل.. عدم إظهار القلق والخوف أمامه والاهتمام المتزايد، بل الأفضل أن يشعر بأنّ كلّ إنسان يمرض ويتعافى، وهذا أمر طبيعي، وأنّه في غضون أيام سيعود لممارسة نشاطاته فيلعب ويركض كبقية الأطفال. بهذا الأسلوب تقوى عزيمة الطفل للتغلب على المرض، ولا نحمله على التمارض لينال قسطاً من الاهتمام والحنان. حقّاً إن الطفل لا يستطيع أن ينمو بشكل سوي وصحي سوى بالعاطفة، ولكن خير الأمور الوسط، فلتكن الأمور الوسط مسلكاً وطريقاً لتربية أولادنا الأحباء.
الهروب من حل الواجبات المدرسة:
على الرغم من الجهد الذي تبذله الأم في محاولة أن يبدأ ابنها أو بنتها بداية جيدة في عام دراسي جديد، إلّا أن الابن يحاول أن يهرب من الواجب بكل الطرق.
مثلاً: قد تحدث معركة بين الابن ووالديه من أجل تأدية واجباته المدرسية. وقد يقوم الطفل بالمجادلة لمدة ساعتين من أجل القيام بواجباته أو يتفنن في ضياع الوقت بأن يبري القلم مرة كلّ كلمتين أو يشطب الجملة، ويعيد كتابتها مرة أخرى أو يذهب إلى دورة المياه كلّ ربع ساعة أو أن يخلق الأعذار بأن يطلب الأكل أكثر من مرة.. كلّ هذه محاولات لتضييع الوقت ثم يبكي الطفل، وذلك لأنّ الوقت ضاع وأنّه تعب من الكتابة.
وباختصار يفعل كلّ شيء لكي يهرب من الواجبات المدرسية. وهذا النوع من الأطفال تجده أيضاً في المدرسة لا يكمل كتابة الدرس ويفضلون أن تكتب لهم أمهاتهم واجباتهم، رغم أن الأغلبية منهم أذكياء هذا التصرف قد يجعلنا نحكم عليهم بالإهمال ولكن هذا المفهوم خطأ، كما يقول علماء النفس إن الطفل هنا يحتاج إلى مساعدة نفسية وليست مساعدة في حل الواجب.
فالوالدان عندما يرون ابنهم مقصراً في حل واجباته فإنّهم يعتقدون أنّه مهمل رغم توفر كلّ وسائل الراحة له. إلّا أن عدم الاهتمام به يعطيه عدم الثقة بنفسه. فينعزل عن أصدقائه أو يغرق في قراءة الكتب أو مشاهدة التلفزيون ويصبح حساساً جداً من مشاكله الصحية ويمكن أن ينقلب إلى طفل مشاغب في المدرسة..
استشارات تربوية:
السؤال:
ماذا أفعل إذا أخذ ابني يبكي كلّ صباح ويرفض الذهاب إلى المدرسة.
الإجابة:
إذا كان ابنك من هذا النوع عليك أن تقنع نفسك أن هذا السلوك سوف يختفي بعد مدة إذا تعاملت معه بصورة صحيحة؛ ولهذا عليك أن:
1- لا تسمح لابنك بالتغيب عن المدرسة بأي حال إلا إذا كان مريضاً، حتى وإن حاول أن يستعطفك بقوله (إنها المرة الأخيرة).
2- احرص على أخذه من المدرسة في الوقت الذي يتوقعك أن تأخذه ولا تتأخر عنه، فهذا التأخير يجعل الطفل يشعر بعدم الأمان.
3- احرص على أخذه للمدرسة مبكراً وقبل الموعد المحدد.
4- حاول الاتصال بالمدرسة للتأكد أن ابنك قد انسجم مع باقي الفصل.
5- تكلم مع ابنك وأخبره أن جميع الأطفال يذهبون للمدرسة وأن بكاءه يحزنك، وأن عليه أن يستمتع بالوقت الذي يذهب فيه للمدرسة باللعب مع أصدقائه، واحرص على أن تتكلم معه كصديق وثق أنه سوف يفهمك.
________________________
المصدر: كتاب موسوعة مشكلات الطفل وسُبل علاجها في البيت والمدرسة