عبده الأسمري
أوضح مختصون أن الابتزاز لا يقتصر على كونه جريمة، وإنما تمتد آثاره إلى حدوث مشكلات نفسية تقود الأشخاص إلى ارتكاب الجرائم أو الإقدام على الانتحار، مؤكدين أن الأطفال والمراهقين هم الأكثر عرضة.
وأشاروا إلى أن المملكة راعت الأثر البالغ لجرائم الابتزاز، وقررت عقوبات على مرتكبيها، إذ نصت المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية “بأنه “يُعاقَب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين الدخول غير المشروع لتهديد شخص أو ابتزازه”.
وقالوا خلال .قضية الأسبوع.، إن من أهم الحلول لمعالجة الابتزاز، هو الرقابة الأسرية، وتثقيف الأبناء نفسيًا واجتماعيًا، ورفع الوعي لديهم بضرورة مصارحتهم ومنحهم الثقة التامة، وتحفيزهم على صناعة الإنجازات، وطالبوا بتوفير قناة موحدة لجمع إحصائيات عن الابتزاز وتداعياته والأمراض السلوكية بالمملكة.
د. عبد المنان بار : اضطرابات “سايكوباتية” مضادة للمجتمع
أكد أستاذ الإرشاد والعلاج النفسي للدراسات العليا د. عبد المنان بار، أن المبتز شخصية مرضية تتصف بالاضطراب الشخصي الأحادي، فيما يصنف الابتزاز في علم النفس المرضي بشخصية الاضطرابات النفسية السايكوباتية المضادة للمجتمع.
وقال: هذا النوع من الابتزاز ظهر في التسعينيات، وانتشر في مجتمعات العالم، وله أنواع كثيرة منها: الإلكتروني، العاطفي، المادي، والمهني وغيرها.
وأضاف أنه من خلال اطلاعه على عدة حالات، اتضح أن أكثرها لطلاب بالمرحلتين الثانوية والجامعية بين 16 – 30 عامًا، ومع تقدم العمر والاستقرار من النواحي الأسرية والقيمية والتربوية والشرعية، وتراكم الخبرات يصعب على المبتز تحقيق غاياته، وتقل النسب إلى 7% في الأعمار من 31 – 35 عامًا، وإلى 4% للأعمار بين 36 – 40 عامًا، و2% في الفئة العمرية الأكبر من ذلك.
وأوضح أن الابتزاز الإلكتروني الأكثر انتشارًا في المملكة والعالم، نتيجة دخول التكنولوجيا للفئة العمرية الأصغر، بينما يكون “العاطفي أو الأسري” الأقل بسبب طبيعة المجتمع والوازع الديني والأخلاقيات التي تمنع تلك السلوكيات وتحد منها.
وأكد أن الأطفال والمراهقين والفئة العمرية الأقل من 30 عامًا لديهم ضعف في المقاومة والشعور بالتهديد والخوف والقلق، مشيرًا إلى صعوبة توافر إحصائيات للابتزاز في المملكة، لعدم وجود منصة موثوقة للحالات التي ترد إلى الجهات المعنية لمعالجتها.
مؤشرات الابتزاز العاطفي الأسري والعائلي
أضاف د. عبد المنان بار أن أسلوب الابتزاز يحدث نتائج سلبية على نفسية الضحية، منها الخوف والقلق النفسي والاكتئاب والوساوس، وقد تصل إلى الاضطراب الثنائي الوجداني، والتي تعد من أكبر مؤشرات الابتزاز العاطفي الأسري والعائلي في المرحلة العمرية من 16 – 35 عاما، ومن النتائج السلبية للابتزاز حالة الانفصام الذهاني، الذي ينتشر في سن المراهقة، والناتج عن الابتزاز الأسري بأساليب مختلفة من تهديد وإكراه، واستخدام الأدلة وغيرها من الأمراض النفسية.
وأشار إلى أن العلاج يكمن في تعزيز الوازع الديني، ورفع مستوى القيم الدينية بطرق صحيحة.
عبده الأسمري : اتجاهات بائسة وخلل في التربية والسلوك
أوضح المستشار النفسي والسلوكي عبده الأسمري، أن الابتزاز من القضايا المهمة التي تهم كل المجتمعات، والمتورطون فيه والمدانون في جريمته، أشخاص ذوو شخصيات مرضية ومستغلة، تعاني خللًا في التربية، واختلالًا في السلوك، واتجاهات بائسة نحو الاستغلال، وكسب المصالح على حساب سمعة الآخرين أو مكانتهم أو شخصياتهم، وتؤدي إلى تدمير أسرهم، وضياع مستقبل آخرين.
وكذلك إيقاع الأذى النفسي والاجتماعي بهم، ودخولهم في دائرة “المخاوف”، والوقوع تحت ضغط الاستغلال المرتبط بكشف موضوع أو استغلال أمر يخص الضحية، ويرى أن إخراجه كشف لستره، ولذا يظل المبتز بمثابة الجلاد الذي يستنزف قوى وطاقة وموارد الضحية بشكل مخيف ومؤلم يعكس قلة الوازع الديني، وانعدام الإنسانية، والسير في دروب شائكة، وارتكاب أخطاء جسيمة ستوقعه ذات يوم في قبضة العدالة.
وطالب بإيجاد قناة أو إحصائية توفر المعلومات والأرقام والتداعيات النفسية، والأبعاد السلوكية، والانعكاسات الاجتماعية، وتوفر من خلالها الدراسات الخاصة بالقضايا، ووضع الحلول اللازمة من قبل الجهات المعنية التي تباشر تلك القضايا، مؤكدًا أن أكثر أنواع الابتزاز هو “المادي”.
إخضاع المتعرضين للابتزاز إلى علاج سلوكي ونفسي
أشار الأسمري إلى ضرورة إخضاع المتعرضين للابتزاز إلى علاج سلوكي ونفسي، وجلسات إرشادية لتعديل سمات الشخصية التي اتسمت بالضعف والخضوع في فترة الابتزاز، وتقويتها، وتنظيف الوعاء النفسي من رواسب الابتزاز، ليبدأ الشخص حياة جديدة بعيدًا عن تبعاته التي تحتاج إلى قوة ذاتية لنسيانها، مع أهمية دراسة حالات المتعرضين للابتزاز، ومعرفة ما يعانونه، خصوصًا السيدات اللاتي يصبن بأمراض نفسية مثل الاكتئاب والوسواس، وأيضا الفوبيا “الخوف المرضي”.
وأضاف: كما أن شخصية من تعرض للابتزاز يعاني متاعب تتعلق بالقلق والتوتر والعزلة والوحدة، وارتفاع مستوى الشك، وتتجسد في هيئة أعراض مختلفة بشكل متفاوت، وهو ما يتطلب اهتمام الجهات المعنية والخبراء والمختصين بالتثقيف المستمر عن الابتزاز، وتشجيع أي شخص يتعرض له على إبلاغ الجهات لمساعدته بشكل احترافي وسري، وضبط المتورط في الجريمة.
وتابع: مع التركيز على المدارس والجامعات والمساجد، وضرورة عقد ورش العمل والندوات عن الابتزاز، وكيفية الوقاية منه، والتعامل مع المبتز، إضافة إلى أهمية الوعي الذاتي من الأسر والأبناء والفتيات بالحفاظ على معلوماتهم وصورهم الخاصة، سواء فيما يتعلق بالتواصل مع الآخرين أو عند إصلاح الأجهزة الإلكترونية، والاحتياط داخل الأماكن المغلقة.
خطر انتشار الألعاب الإلكترونية بين المراهقين
أوضح الباحث الاجتماعي عبد الله المدني أن التطور التكنولوجي الحالي، والانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي “تويتر – سناب شات – إنستجرام – واتساب” أدى إلى إساءة استخدامها، ما خلق ظهور ما يعرف بالابتزاز الإلكتروني المتمثل في تهديد شخص لآخر بأن لديه صورًا له أو فيديوهات أو معلومات سرية عنه، وعند عدم تنفيذ رغبته أو منفعته في أمر ما “مادي أو معنوي”، فسوف ينشرها على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
وقال: كما قد يحدث في أحدث صورة عن طريق الألعاب الإلكترونية المنتشرة في الفترة الأخيرة بين المراهقين، من خلال التعارف على أشخاص غرباء، ومن مختلف الجنسيات، وابتزازهم من خلالها، بهدف الحصول على الأموال أو منفعة معنوية أخرى.
وتابع: وفي غالب الأمر فإن الأطفال والمراهقين هم الأكثر عرضة إلى هذا النوع من الابتزاز، بسبب قلة الوعي في المجتمع المتعايش معه يوميًا، وعدم المتابعة بالشكل المطلوب، وشراء ألعاب لا تتناسب مع العمر الحقيقي للأطفال أو المراهقين.
وأضاف أن الابتزاز لا يقتصر على كونه جريمة، وإنما يؤدي إلى حدوث مشاكل نفسية لدى الأشخاص ضحايا الابتزاز، ومنها: انفصام في الشخصية، ويكونون عرضة إلى لإصابة بمرض الاكتئاب، ما يدفعهم إلى الانطواء والابتعاد عن الأشخاص، وعلى المدى البعيد ارتكاب الجرائم أو الإقدام على الانتحار.
ميسار الجيلاني : رقابة أسرية وتثقيف نفسي واجتماعي
أشارت المحامية ميسار الجيلاني إلى أن الابتزاز الإلكتروني أصبح أزمة منتشرة في جميع الدول، وزادت بشكل كبير وتطورت إلى ظاهرة لا بد من الحد منها، بعد تعرض العديد من الأشخاص للابتزاز، سواء عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أو الألعاب الإلكترونية، وفي المدارس وبين الأزواج المنفصلين والمراهقين عن طريق الألعاب الإلكترونية.
وقالت: يجب أن تكون هناك رقابة أسرية، وتثقيف الأبناء من الناحية النفسية والاجتماعية، وتوعيتهم في حال التعرض لأي شكل من الابتزاز، وأهمية مصارحتهم ومنحهم الثقة التامة.
وتابعت: كما يجب على الأبناء التركيز على صناعة إنجازات في حياتهم وحياة القريبين منهم، وإن كانت صغيرة، ولذا قال متخصصون في هندسة العلاقات إنه يجب على المرء عدم الالتفات إلى الكثير من العلاقات التي يمكن أن تجعل حياتك “دائرة ، لا تستطيع الخروج منها، وتكون سببًا في هلاك الإنسان ومن حوله.
وأردفت: كما يجب على الإنسان أن يجعل من نفسه أولوية بالرغبة بالنجاح، وأن ترسخ العائلة مبدأ عدم الخجل من أشياء لا يخجل منها، وتحديدًا لدى المراهقين، وزرع روح حب الحياة والنجاح فيها.
وأضافت إن الجهات المختصة في المملكة تستقبل جميع البلاغات ومنها الابتزاز، وتحرص على متابعتها، ويمكن للأفراد التواصل مع “911” وعبر تطبيق “كلنا أمن”.
** أرقام وتوصيات :
– الابتزاز الإلكتروني الأعلى انتشارا في المملكة
– السجن عاما و500 ألف ريال.. غرامة عقوبة المبتز
** الحلول :
– الرقابة الأسرية ونشر الوعي وترسيخ الوازع الديني
– منح الثقة للأبناء ودفعهم إلى صناعة الإنجازات
– إيجاد منصة لحالات الابتزاز
– تحليل الأمراض النفسية والسلوكية وعلاجها
** قنوات الإبلاغ : في حال تعرضت عزيزي القارئ الكريم لعملية إبتزاز أياً كان نوعها بادر بالتواصل مع هذه الجهات :
– عبر الهاتف الرقم المباشر 911
– عبر تطبيق “كلنا أمن”
———————————————————-
المصدر : صحيفة اليوم السعودية