القاتل الصامت للسعادة الزوجية:
صمت دائم، وابتسامة مفقودة، وكآبة تلقي بظلالها على كثير من بيوتنا، لتنزع منه روح التواصل والسعادة بين أفراد الأسرة.. إنه النكد الزوجي فهو العدو الأول للحياة الزوجية السعيدة، ويتطلب تحقيق السعادة الزوجية الاحترام المتبادل ومراعاة مشاعر الطرف الآخر، لذلك يجب على كل زوجين في بداية حياتهما الزوجية الاتفاق على مجموعة من القواعد تكتب في شكل وثيقة أو اتفاق، وذلك ليحترم كل شريك شريكه ويشعر بقيمته. وليكن هناك نوع من الجزاء للمخالف مثل الخصام أو الاعتذار لمن اخطأ في حق الآخر، لكن في النهاية وجود التسامح ضروري لاستمرار الحياة الزوجية.
ما هو النكد الزوجي :
تصف الدكتورة هيرفون في كتابها (النكد الزوجي) مسألة “النكد” بأنه: “التعكير الدائم لصفو الآخر، وهو تمامًا كالحرب النفسية، وتُرجِع سببَه إلى الفراغ أو سطحية التفكير عند من يختلقه أو إلى تربيةخاطئة خضع لها منذ الصغر، أو محاولة لجذب انتباه الآخر كانتقام منه على تجاهله لشريكه في الحياة مثلا”.
وفي المقابل يؤكد الأستاذ أكرم رضا ـ الباحث في العلاقات الزوجية والأسرية ـ أن نكد الزوجات أبقى وأقوى وأشد ضراوة، فمن الزوجات من يختلقن النكد وتحول حياة زوجها إلى جحيم بسبب الشكوى المستمرة من كل شيء، فمن سوء الأحوال المادية إلى مشكلات الأولاد إلى إهمال الزوج لشؤون بيته إلى أمه التي تحشر أنفها في شؤونهم، وبدلًا من أن يَفتح الزوج الباب ويجد ابتسامة مشرقة ويدًا حانية وصوتًا رقيقًا؛ يجد وابلًا من الأخبار السيئة ومشكلات الأولاد والجيران والأقارب!
الشخصية النكدية :
يؤكد خبراء النفس أن الشخصية النكدية هي شخصية اكتئابية بالدرجة الأولى، وقد أرجع بعض خبراء النفس إلى أن هذا الاضطراب الذي يصيب بعض السيدات عن غيرهن قد يظهر لدى وجود استعداد وراثي لذلك ويسيطر على أصحاب هذه الشخصية الشعور بالحزن والكآبة.
وفي هذا السياق يصف الدكتور هشام حتاتة استشاري الطب النفسي، الزوجة النكدية بأنها شخصية كثيرة الشكوى، تحب أن تشعر بأنها “مظلومة” وهذا يفسر تصرفاتها مع زوجها عندما تقوم بتجميع الأحداث اليومية السلبية سواء كانت في الماضي أو الحاضر في أي زمان ومكان لتؤكد لنفسها ولمن حولها بأنها الضحية المظلومة، الأمر الذي يسبب استياء الزوج من زوجته وهروبه من بيت الزوجية، وتدريجيًا يغيب مفهوم “السكن” لغياب السكينة والراحة عن أجواءالبيت.
وقد قسم الدكتورالمرأة النكدية إلى نوعين:
1- شخصية كثيرة الشكوى بطبيعتها.
2- نكدية بعد الزواج:
هذه المرأة تتغير شخصيتها الطبيعية بعد الزواج ، لذا تحتاج إلى البحث عن سبب هذا التغير ، ويرجع فقد يكون هناك خلل في العلاقة الزوجية العاطفية أو وجود مشاكل نفسية لا تظهر إلا في صورة نكد ، أو نتيجة مشاكل معنوية أو مادية ، ومعظم هذه الأسباب يكون للرجل دور رئيسي فيها.
هل “هو” يمكن أن يكون مصدرالنكد؟
على الرغم من أن البعض يتهم الزوجات بأنهن “نكديات” بطبيعتهن، إلا أننا لا نستطيع غض الطرف عن الزوج لأنه أحيانًا يقوم ببعض التصرفات التي تجلب النكد للزوجة ولأهل البيت أيضًا، كأن يصر على عدم ذهاب زوجته لأهلها أو يضيق بأمها وأسرتها وقد ينتقد زوجته وشكلها وتصرفاتها، وقد يفضل السهر بعيدًا عنالمنزل ولا يهتم بشؤون أسرته. وغير ذلك من السلوكيات التي ترفضها الزوجة وتضطرها لمقابلة النكد بنكد مثله وهو ما يزيد الأمور اشتعالًا، فهناك من الرجال من لا هم لهم سوى نقد زوجاتهم ونقد أساليب حياتهن وأكلهن بحيث تشعر المرأة أنها غير مرغوب فيها في المنزل أصلا، رغم أنه هو الذي يفتعل النكد أحيانا كثيرة، ويصبح أحيانا مثل الطفل غير قادر على فعل شيء لو تركته زوجته وحده بضع ساعات ، ويفشل ربما في تجهيز كوب من الشاي لنفسه.
من المسؤول؟
وعن الطرف المسؤول عن افتعال النكد، أشارت دراسة سابقة للمركز القومي المصري للبحوث الاجتماعية، شملت 1000 زوجة إلى أن 73% منهن يرجعن سبب نكدهن في المنزل إلى “تكشيرة” الزوج، التي تضفي جوًا من الكآبة على كافة أفراد الأسرة، وأكدت 12% منهن أن جو المرح في الأسرة يعتمد على الزوجين معًا، بينما اعتبرت 6% منهن فقط يعتبرن أن الزوجة هي المسؤولة الأولى عن الحالة المزاجية لأفراد أسرتها، وذلك لقدرتها ودورها في معالجة المشاكل اليومية بذكاء ودراية أكثر من الرجل.
وصفة سحرية لعلاج النكد:
وبعيدًا عن الاتهامات وإلقاء كل من الطرفين اللوم على الآخر، يجب على كل من الزوجين في حالة احتدام الخلاف وتصاعده أن يتوصلا إلى حل وسط؛ وذلك بالمناقشة الهادئة والتعرف على أسباب الخلاف ومحاولة تجنبها من كلا الطرفين، فإن تراكم مشاعر الغضب بين الزوجين وغياب البوح.. يؤدي إلى تآكل الأحاسيس الطيبة ويقلل من رصيد الذكريات الزوجية الحلوة.
لذا على الزوجين أن يرفعا شكواهما لبعضهما أولًا بأول بكلمات واضحة وصوت مسموع ونبرة ودودة، ومن المهم فتح حوار بين الطرفين حول احتياجات كل طرف من الآخر بلا حياء، والعناد هو أكثر الطرق فاعلية لإشاعة النكد في المنزل، واستمرار الزوجين في العناد معناه عدم النضج. وأخيرًا فإن العلاقة الزوجية الصحية لا تقبل بدور “الضحية”، فيجب ألا يكون أحد الأطراف دائم الإصرار على رأيه، ولا أن يكون الطرف الآخر دائما متنازلًا عن أفكاره، وذلك لتسود المحبة والمودة البيوت.
ماذا بعد:
-عندما تختفي الابتسامة من وجه زوجتك فإنها ترسل إليك رسالة لتنبهك أنها تحتاجك .. فابدأ معها الحوار فورًا.
-لا تبادل زوجتك صمتًا بصمت, ولا تجاهلًا بتجاهل.
-لا توجه لرفيقة عمرك الكلمات اللاذعة أو الساخرة.
-لا تهمل زوجتك وتتشاغل بكل شيء بشكل دائم وتنسى أهم شريك في حياتك “زوجتك”.
-المرأة تميل إلى الحديث وتريد من ينصت إليها, فاستمع إلى زوجتك.. والرجل يميل إلى تقديم الحلول فتفهمي طبيعته.
-لا يوجد في العلاقات الزوجية قرارات نهائية تستخدم فيها عبارات “لقد رفضت رفضًا قاطعًا” فالتفاهم أصل العلاقة.
-للزوجة: عليك مراعاة حالة زوجك فور عودته للمنزل فلا تبادري بإبلاغه الأخبار السيئة, واختاري الوقت والأسلوب المناسبين لمناقشة الموضوعات.
-اهتمي بنفسك بجمالك, بمظهرك, بنظافتك, بصحتك ولا تعيشي في دور الضحية أو المظلومة في البيت فأنت مصدر البهجة والسعادة في حياة الأسرة.
-لا تهملي زوجك, واهتمي باحتياجاته الجسدية والعاطفية.
-انتهزي لحظات الصفاء وتحدثي إلى زوجك لتقارب وجهات النظر والأفكار في الأمور المختلف عليها.
-لا بد أن تقومي بعمل خير أو عمل تطوعي، ولا يكون مركز حياتك الزوج فقط ليكون لك اهتماماتك الخاصة وتشغلي وقتك دائمًا في الطاعة وعمل الخير.