الهجر الجميل
الكاتب : أ. منير بن فرحان الصالح
كتب لها على ورقة : أيقظيني الساعة السابعة والنصف . سيكون موعد الرحلة !
نام ، ولم يستيقظ إلاّ عند الساعة التاسعة .. فاستشاط غضبا من زوجته ، لكنه تفاجأ بورقة بجانب ( وسادته ) مكتوب عليها : استيقظ الآن الساعة السابعة والنصف !!
( الهجر ) بين الزوجين .
أسلوب من أساليب ( تربية الحب ) بين الزوجين ، وإثارة مشاعر شريك الحياة تجاه شريكه بـ ( الشوق ) و ( الإنجذاب ) والحب .
و ( الهجر ) المستثير لمشاعر الحب ، لا يمكن أن يكون كذلك حتى يكون هناك ( رصيد ) من الحب بين الزوجين . فتكون مهمّة ( الهجر ) تحريك هذا الرّصيد .
ولذلك جعله الله في الترتيب بعد ( الوعظ ) في قوله : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ) [ النساء : 34 ] .
وذلك لأن ( الوعظ ) بالحكمة واللين من شأنه أنه يعزّز الحب بين الطرفين ومشاعر الانسجام بين الطرفين والحرص على بعضهما .
فإذا حصل ( الهجر ) سرعان ما انجذب أحدهما للآخر بالاعتذار والتغاضي والتسامح والتنازل .
يخطئ بعض الأزواج في فهم ( الهجر ) فيستخدمه كوسيلة لـ ( الإنتقام ) أو الزّهو بـ ( الذات ) .
فربما هجر زوجته لأكثر من شهر ، وبعضهم يهجر بـ ( السنين الطوال ) !
وبعضهم يهجر ويشتم ويضيّق ..
وما هذه بخلق المسلم سيما مع المرأة التي استوصانا النبي صلى الله عليه وسلم عليها خيرا في قوله ( استوصوا بالنساء خيراً ) .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن أن يتهاجر المسلمان مع بعضهما فوق ( ثلاث ليال ) لما في طول الهجر والتهاجر من ( تفتيت ) الحب ومشاعر الانتماء والارتباط بين ( الاخوة ) فكيف الشأن مع الزوجة ؟!
أفضل ما يكون الهجر وأنفع بين الزوجين إذا اضطروا إليه :
1 – حين يكون هناك رصيد من الحب بين الطرفين .
2 – أن لا يكون معه تضييق أو إشعار بالانتقام .
3 – أن لا يكون فوق ( ثلاث ليال ) .
4 – أن يكون الهجر في الفراش . مع إظهار ما يثير مشاعر الآخر تجاه شريكه بالانجذاب إليه .
5 – القابلية للتنازل والتغاضي والتسامح بين الزوجين وعدم التشنّج والمشاحّة .