السبت 09 نوفمبر 2024 / 07-جمادى الأولى-1446

المهارات الزوجية سنة اولى زواج.



المهارات الزوجية سنة اولى زواج.


 الدكتورة أسماء بنت عبدالعزيز الحسين.

يتزوج الشاب والفتاة وعقل كل منهما صفحة بيضاء لا تحوي شيئاً عن هذه الخطوة المصيرية في حياة كل منهما، ومتطلبات نجاحها. فإذا واجها مشكلات- وحتماً سيواجهان- هرع كل واحد منهما إلى أسرته التي قد تسيء التدخل أو إلى الأصدقاء أو علاجها بأسلوب التجربة والخطأ. والنتيجة حياة زوجية تعيسة أو روتينية أو طلاق يخلف مآس.

كيف نقي الزوجين هذا المصير ونعدهما للزواج وهما لا يزالان يقفان على بابه؟ وما دور الوالدين في هذا الصدد؟ ومتى يبدأ هذا الإعداد؟

الموضوع مهم ومصيري لذا رأينا أن نحاور فيه الدكتورة أسماء بنت عبدالعزيز الحسين التي تخصصت في هذا الحقل المعرفي المهم ونالت درجة الدكتوراه عن بحث تناول التوافق الزواجي.

لوحظ مؤخراً كثرة حالات الطلاق في السنوات الأولى للزواج، مما يشير إلى عدم فهم الزوجين لمتطلبات هذه المرحلة فما أسباب ذلك؟

المرحلة الأولى للزواج خصوصاً السنة الأولى (مرحلة الزوجين دون أطفال) يشوبها غالباً الكثير من الحذر، والتقلب أو عدم الاستقرار، فالزواج يتضمن الحماس والرغبة في إيجاد مكان في المجتمع، وتتنازعه السلطة أو تحديد الأدوار والتعود على طباع الشريك أو محاولة تعديلها، وقد وجد بالفعل أن التوافق الزواجي قد ينخفض في أغلب الزواجات في وقت مبكر من الزواج لأسباب أهمها:

– اختلاف الحياة الواقعية عن الصورة المثالية التي يحملها الزوجان عن الزواج.

– البناء العضوي للجنسين وما يتخلله من فروق بينهما في النمو اللغوي فالرجال خلقوا مهيئين للاستقلال الذاتي، بينما خلقت النساء مهيئات للمودة والتعبير عن المشاعر، والاهتمام بالتفاصيل، وإلحاح الزوجة على زوجها للتعبير عن مشاعره لتعزيز المودة والألفة لديها قد يجعله يشعر بالرغبة في الاستقلال الذاتي أو الانسحاب.. وبصفة عامة فإن الزوجات أكثر انغماساً في الحياة الزواجية، بينما الرجال تتأثر سعادتهم بنواح غير أسرية أو لا تقتصر على الحياة الأسرية فقط.

ما السن المناسبة لتهيئة الفتاة للزواج؟ وكيف يتم ذلك؟

أفضل سن لتهيئة الفتاة للزواج سن الخامس عشرة والتهيئة لا تعني التزويج على كل حال ولكنها مهمة في تهذيب المراهقة وتوجيهها الوجهة السوية وتهيئتها للاستقرار وتحمل المسؤولية والتفكير الصحيح في دورها الفاعل في الحياة بإذن الله. وعلى كل حال في ضوء المعلومات التي أوردها علماء النفس والاجتماع فإنه يمكن تحديد السن الملائمة للزواج من الناحية النفسية بصورة تقريبية هو بعد أن يتم الاستعداد النفسي للزواج.

ما التغيرات التي أثرت في نظرة الفتاة للزواج عموماً ولزوجها خصوصاً؟

لاشك هناك تغيرات وتطورات تشهدها المجتمعات العربية أثرت على نظرة الطرفين نحو الزواج ومن تلك التغيرات تعليم الفتاة وخروجها لميدان العمل، وكذلك الانفتاح الإعلامي في كافة المجالات، والتطور الاقتصادي الذي ربما انعكس ببعض الخلافات الأسرية في ملاحقة الاحتياجات العصرية وظهور الخلافات الأسرية بصورة أكبر من الماضي مما قد ينعكس على المقبلين على الزواج بالتخوف والكثير من الحذر، فالفتاة التي تشهد مع أسرتها أو المحيطين بها مشاهد النزاعات الأسرية المستمرة فإن رغبتها في الزواج تقل وكذلك الشاب، أو أنهما على الأقل يدخلان الحياة الزواجية وفي ذهنهما العديد من التصورات الخاطئة والانطباعات السيئة التي قد توحي بفشل أو تعرقل الحياة الزواجية لاقدر الله

يظن البعض أن الفتيات فقط هن من يحتاج للتهيئة للزواج دون الشباب، ما مدى انتشار هذه النظرة، وما الأسباب وراءها، وما نتائجها؟

هذا الأمر شائع للأسف أي أن المجتمع لا يبدي اهتماماً بتهيئة الشاب للزواج وربما اقتصر الاهتمام على ما يتعلق بالناحية المادية وإهمال الجانب النفسي والثقافي الخاصة به وهو عامل مهم في اتساع الهوة بين الزوجين فيما بعد، وأتمنى لو أن الشاب المقبل على الزواج يتسنى له التزود من المعلومات الخاصة بطبيعة الشريك أي أن يدرس الرجل نفسية المرأة وطبيعتها.

أتمنى أن يتم هذا الإجراء بصورة ضرورية من قبل المعنيين على المستوى الرسمي، ولا يعني هذا أن الفتاة أوفر حظاً من الفتى بل للأسف لا يزال إعداد الفتاة للزواج هامشياً وشكليا لا يخرج عن الإطار المادي والظاهري أيضاً، وحتى بعد الخطبة على سبيل المثال فإن هم الفتاة وأسرتها توفير الاحتياجات المادية من لباس وزينة وأدوات منزلية وهي – وإن كانت مطلوبة – إلا أنه لا يجب المبالغة فيها أو أن تأتي على حساب الإعداد المعنوي الحقيقي، ولكم أن تسألوا كم هو عدد الأسر التي تلحق فتياتها بالدورات أو المحاضرات أو الدروس في هذا الشأن؟ إن من الأهمية بمكان التزود بالثقافة الزواجية والأسرية وإن أمكن فحبذا الالتحاق بدورات تدريبية في هذا المجال.

ما أهم الدروس التي ينبغي على الأسرة تقديمها لأبنائها الراغبين في الزواج؟

أهمها دروس حسن العشرة والحلم، والقدرة على تحمل المسؤولية، وتذكيرهما بالقرآن الكريم والسنة النبوية وما يتضمنانه من آداب وتشريعات وتوجيهات كريمة في هذا الشأن، وضرورة التعاون وحل المشكلات الطارئة بالطرق السلمية، والسرية، والمودة والرحمة، والأسلوب الجميل، والكلمة الدافئة، والثقة الطيبة، والصبر والحكمة، والرفق، والبعد عن الغضب ومسبباته ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وعدم الانصياع لمقترحات الآخرين خصوصاً ممن تعرضوا للفشل في حياتهم، وتجنب إطلاع الآخرين على أسرار الحياة الزواجية ما أمكن.

هل فقد الوالدان دورهما الإرشادي بعد زواج الابن أو البنت، وما هي الحدود والضوابط التي ينبغي عليهما الالتزام بها؟

الأمر يختلف من أسرة إلى أخرى والمفروض على الوالدين حسن التوجيه والإرشاد وإعانة كلا الطرفين لما فيه صالح الحياة الزواجية والعمل على كل ما يخدم استمراريتها ويقوي روابطها حتى بعد الزواج ويكون تدخلهما إذا ما استدعى الأمر بما يرضي الله سبحانه بحيث يتم توجيه كل منهما على حدة وبالتي هي أحسن، وفي أضعف الأحوال عدم تحريض طرف على آخر أو تشويه صورته أمام الآخر أو تضخيم المشكلات التي تسنى لهم الاطلاع عليها من باب التعاطف أو الجهل أو الكرامة المغلوطة.

فيما يقصر كثير من الآباء والأمهات في تأهيل أبنائهم وبناتهم للزواج فإنهم يسيئون التدخل في حياتهم بعد الزواج، كيف نضبط دور الوالدين في هذه المسألة؟

أغلب الأسر تهتم بتوافق طرفي الزواج وعلى الأخص أسرة الفتاة خوفاً من الفشل أو الطلاق، وغالب المشكلات الواقعية في المجتمع تنشأ بسبب اختلاف وجهات النظر بين الفتاة وأسرة الزوج أو الحذر وتضخيم المشكلات والتدخلات المستمرة.

هل نستطيع- كآباء وأمهات- تهيئة أبنائنا وبناتنا للزواج الناجح بمعزل عن المؤثرات المستجدة في حياتنا المعاصرة؟ وكيف؟

نستطيع ذلك ما دمنا متمسكين بالدين الإسلامي وقد غرسنا دعائم الدين في نفوس أبنائهم؛ لأن المسألة من الصعوبة بمكان ما دامت التيارات والظروف المعاصرة تهدد استقرار ورؤى الإنسان المعاصر وهو لم يتسلح جيداً بسلاح الدين الذي يعصمه وينجيه مهما تكالبت عليه الأخطار والحوادث.

تساهم بعض وسائل الإعلام بشكل عام في تقديم تصورات مغلوطة عن الحياة الزوجية تؤدي بدورها إلى زيادة هذه المشكلات، كيف نواجه ذلك؟

وسائل الإعلام سلاح ذو حدين فهي كما تستخدم في الشر تستخدم في الخير والتوجيه الطيب من خلال برامج الاستشارات والفتاوى وبرامج الإرشاد الديني وللحياة الزوجية منها نصيب طيب، ولكن سلبية وسائل الإعلام نراها فيما يقدم من أفلام هابطة وأجنبية وذات أهداف تجارية تضرب بالقيم والأخلاق عرض الحائط، وتفسد ذوق الشباب بما تبثه من سموم، وما تقدمه من إغراءات تثير الغرائز فهي تشترط للزواج الحب في صورة متأججة أو غاية في الرومانسية مما يجعل الشاب أو الفتاة يعلن الفشل سريعاً بمجرد أن يصطدم بالواقع الذي وجده مختلفاً عما تلقنه من هذه الأفلام، أضف إلى ذلك طموح الشباب الزائد عن الحد في الحصول على الفتاة المناسبة بسبب ما يراه في هذه الأفلام من صور فاتنة، وكذلك شأن أساليب الروايات العاطفية الأجنبية والعربية المدغدغة لغرائز الفتيات.

ما تقييمكم لما تقدمه المجلات الموجهة للمرأة والفتاة المسلمة حول هذا الموضوع؟

المجلات الموجهة للمرأة أيضاً سلاح ذو حدين ولكن هناك مجلات هادفة يديرها مسؤولون نحسبهم على دين وخلق وثقافة فهم يجتهدون في تنوير الفتاة والأسرة عموماً لكل ما هو مفيد ونافع وأحسب أن مجلة الأسرة إحدى هذه المجلات المعنية ولكن لا يعني هذا أن المسؤولية من السهولة بمكان فلا يزال الأمل في تحقيق الأفضل وعلى وجه خاص ما يتعلق بتنوير المقدمين على الزواج بالمعلومات والأساليب المثلى للتعايش في صورة واقعية وليس بالضرورة أن تأتي مثالية أو مبالغ فيها، ولابد من مراقبة لما يتم تقديمه للفتيات والشباب وجميع شرائح المجتمع حتى لا يتحمل أولئك المسؤولون في قطاعات الإعلام عموماً أوزار انحراف الشباب وضياعهم.

لابد من وجود حالات ضعف يقع فيها الشاب أو الفتاة، ما هي الطرق والوسائل الشرعية والاجتماعية المعينة على الرجوع إلى طريق الحق دون إحداث مشكلات عائلية؟

الشاب والفتاة عرضة للتأثر ولكن لو أن كلاً من أفراد المجتمع وأجهزته اعترف بالمسؤولية وأداها تجاه أولئك الشباب كل حسب اختصاصه لأمكن الحد من المشكلات بحول الله ، البرامج الإرشادية الإعلامية، الخطب الدينية، الدروس التعليمية في المعاهد والجامعات والصفوف العليا من المرحلة الثانوية، الأصدقاء والصديقات، الدعاة والداعيات، ومكاتب الاستشارات النفسية والاجتماعية وغيرها.

الزواج المبكر في هذه الأيام يقدم على أنه الحل لجميع مشكلات الشباب والفتيات. ما مدى صحة هذه المقولة؟

لا شك أن الزواج عصمة وحماية، وسكن واستقرار، ولكن له أصول وشروط فليست العبرة في الزواج أو التزويج المبكر لغرض الزواج، بل ينظر في العواقب والسلبيات وحالات الفشل والطلاق لاقدر الله التي قد تقع في حالة حدوثه دون ضوابط ودعامات. جميل أن يأتي الزواج المبكر في حالة رغبة الأطراف المعنية به، في إطار الباعث الديني والخلاقي، والنضج النفسي، والكفاءة.

ومتى ما تحققت تلك الشروط والضوابط فهو بإذن الله بمثابة الحصانة للشباب والفتيات وحل لأغلب مشكلاتهم. ولكن على أن يتم ذلك تحت مظلة الدين والعقيدة. ولا ننس أن هناك الكثير من الفتن التي تحوط بالطرفين مالم يتمسكا بدينهما على كل حال.

بحكم التخصص لابد أنك مررت بتجارب تستحق إلقاء الضوء عليها في هذا المقام. هلا شاركت قراء الأسرة في بعض منها؟

تناولت موضوع التوافق الزواجي عبر بحثي للدكتوراه في علاقته بالاكتئاب ومتغيرات أخرى بالنسبة للزوجات فتبين من خلال البحث عدد من الحقائق أهمها:

– أن النساء اللاتي ليس لديهن توافق زواجي مصابات بالاكتئاب النفسي، وأن هناك مدعمات ومؤشرات للتوافق الزواجي قبل الزواج بحول الله أهمها التكافؤ العمري والصحي والديني والاجتماعي. وأحب أن أشير إلى أن العديد من الحالات الزواجية التي كانت قاب قوسين أو أدنى من الطلاق أو الانفصال تم تداركها بفضل الله من خلال الاستشارات والتوجيهات البسيطة وأغلب المشكلات بعد إرادة الله تنتج عن العناد والمكابرة أو الجهل ببعض المهارات الاجتماعية والانفعالية فيما يتعلق بالحياة الزواجية ومعرفة طبيعة وسيكولوجية الشريك أو الزوج.

ما هي نصيحتك للأمهات نحو بناتهن؟

نصيحتي للأمهات نحو بناتهن عدم تهويل صورة الحياة الزواجية في أذهان بناتهن وتشجيعهن على الاختيار على أساس الدين والخلق فهي أهم مقومات النجاح والاستقرار الزواجي وكذلك تشجيعهن على الحلول السلمية وعلى الحلم وسعة الصدر، ومحاولة عدم التدخل في حياة بناتهن إلا للضرورة وبما يرضي الله سبحانه وتعالى وأسأل الله تعالى للجميع التوفيق والتوافق الزواجي الذي هو لاشك أساس للتوافق في الحياة بإذن الله تعالى.

__________________

المصدر : موقع ناصح للسعادة الأسرية

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم