من أكثر المشاكل الكبرى التي تواجهنا اليوم هي (المقارنة) وخاصة مع زيادة مواقع التواصل الاجتماعي.
كونك تقارن نفسك بالآخرين لن تكون سعيداً أبدا دائماً سيكون هناك شخص أفضل منك وأحسن عنك ولديه أكثر منك، وكونك لا تستطيع إرضاء ذاتك مقابل هذا كله ستتغيّر حياتك للأسوأ وسيسودها الاكتئاب والحزن والتعاسة وأنت لم تشعر بكل ذلك إلا بعد فوات الأوان بعد أن تخسر نفسك وطموحك الحقيقي المكان الذي فعلاً تطمح أن تكون فيه لا بد من استخدام ذلك الألم لتحقيق فائدة أكبر لحياتك.
إن المبدأ الرئيسي لك كي تتغلب على تعاستك هو ألا تركّز على مقارنة نفسك بالآخرين وأن تبتعد عن آرائهم التي تحبط معنوياتك وتقلل من قيمتك الحقيقية وتكسر الطاقة الإيجابية التي بداخلك، لا بد أن تركز على المكان الصح الذي تريد أن تكون به، أن تركز على المشاعر التي تريد شعورها فعلاً، ركّز على الشخص الحقيقي الذي تريد أن تصبح عليه بالغد وفِي المستقبل، يجب أن تتحكم بنفسك أكثر.
الشيء الوحيد الذي يحافظ على استمرارك هو وجود إحساس قوي مليء بالتفاؤل والأمل بأن الغد أفضل من الأمس، لا بد لك من أن تترك الماضي خلفك وتبدأ من جديد، يجب أن تضع أهدافا ذات مغزى حقيقي تجعلك تعمل تجاه شيء يبث روح الحماس في داخلك، لا تعلق حياتك على النتائج مهما كانت سلبية أو إيجابية ولا حتى على الأشياء المادية ولكن كن أنت متحمساً حول الشخص الذي ستصبح عليه، حاول أن تطوّر نفسك، ابحث عن الأشخاص الحقيقيين الذين فعلاً يحبونك ويتمنون الخير لك فالحياة قصيرة حاول أن تعيشها بالكامل.
الناس السعداء هم الذين لا يمتلكون كل شيء بل ينشئوا الأفضل من كل شيء هذه الحياة المثالية فأنت لن تعيش في مسلسل درامي أو فيلم تتابعه في صالات السينما.
طريقة تفكيرك سيكون لها تأثير على مسار انطلاقك وعلى مستقبلك وجودة حياتك في عالم مليء بالمعاناة والقصص الحزينة ناهيك عما يُقال ويُحكى، ولكنك بطريقة أو أخرى تستطيع تحويلها إلى العكس وإنشاء حياة جميلة ورائعة فقط من خلال تغيير تفكيرك وستلاحظ أن حياتك ستتغيّر تماماً، حاول استخدام نقاط قوتك لتستمر وتعطي الأكثر والأفضل، لا تركز على نقاط الضعف بل اجعلها نقاط قوة تدفعك إلى الأمام دون توقف، تعلّم أكثر من خلال تجاربك الشخصية التي عشتها في الماضي فقد أعطتك دروسا حقيقية ومهمة حتى وإن كانت تجارب قاسية لكنها أكبر مصدر للطاقة الحقيقية التي ستجعلك في المقدمة.
وجود قواعد في حياتك تربطها بسعادتك سوف تضمن لك التعاسة لأن الحياة دائماً سوف ترمي في طريقك التحديات والعقبات الصعبة، لا بد لك أن تعرف أسباب شعورك بالضعف، يمكنك أن تفهم كيف عقلك يفكر ويمكنك توجيهه إلى شيء يشعرك أكثر أنك بخير وستكون كذلك على المدى الطويل.
المقارنة تسرق سعادتك، ليس مهماً أن تكون إنسانا عظيما!! لكن الأهم أن تكون ممتنا لما أنت عليه ومقتنعا بما أعطاه الله لك.
اليوم وسط زحمة مواقع التواصل الاجتماعي التي نعيش فيها لا نستطيع الشعور أبدا بكفاية مطلقة لأن دائماً سيكون هناك من هو أفضل عنا، أجمل منا، أصغر سناً، أذكى، لذلك لا بد أن نتقبل الجمال بكل أشكاله لأن الله جميل يحب الجمال فلا بد لنا من أن نتقبل من هم أفضل منا بحب وسلام داخلي لكي ننعم بحياة سعيدة بعيدة عن المقارنة الشخصية لأن كل إنسان يعيش وفق الظروف التي تحيطه حتى العوامل التي يمتلكها قد تكون مختلفة تماماً عن ظروفك والجو الذي يحيطك فأنت متابع للصورة الظاهرة فقط وليس للواقع الذي يكمن خلفها كل هذه الصور والمتابعة والمقارنة من خلالها التي لن تفيدنا بشيء سوى أنها تجلب التعاسة والكآبة إلى حياتنا، لتكن مقتنعا بما أنت عليه وبما تشعر به فالقناعة كنز كبير لا يفنى يجلب لك السعادة الأبدية. هنالك من يقول أنا ممتن لكنه لا يشعر بها فعلياً وغير مقتنع بما يقوله سوى كذبة جديدة يحاول إضافتها إلى قاموس من المفردات يستعملها في حياته ويقنع نفسه بها إلا أنه غير مرتاح وغير سعيد وغير راض إطلاقاً عما هو عليه. إن المبالغة في كل شيء تجلب الحزن إلى حياتنا، وخاصة في هذه الأيام مع الثورة العظيمة لـ«الفلترات» التي تجعلك تبدو أجمل وأصغر سناً وبـ«لفة» واحدة تظهر شخصا آخر قد لا يشبهك أبداً ولكن!! هل تعلمون من هم أكثر الناس سعادة؟
هم من لا يقارنون أنفسهم بالآخرين ويُنشئون جوا خاصا بهم يعملون ليل نهار من أجل الأفضل لهم، يتجنّبون الرد على كل الآراء السلبية تجاههم بعملهم ونجاحهم، يتغاضون عن كل من يحاول أن يعكّر صفو حياتهم، ويحاولون أن يكونوا ما يريدون أن يكونوا عليه وليس كما يريدهم الآخرون، يجعلون كل من حولهم يتمنّى أن يكون مكانهم رغم أنهم بسطاء لكنهم سعداء بما يملكون ومقتنعون تماماً بحياتهم وإن كانت تخلو من المظاهر المادية الزائفة.
كونك تبحث عن الكمال فلن تجده لا في نفسك ولا حتى في غيرك لكن ابحث عن السعادة الحقيقية وكن ممتنا في مساعدة الآخرين، ممتنا في منح الأمل لغيرك في كلمات بسيطة لكنها جميلة، كن ممتنا لما أنت عليه وحاول تطوير ذاتك ولا تنظر لغيرك لتكون سعيداً، بل كن شاكراً وممتناً لما أعطاك الله من نِعم لا تُعد ولا تُحصى.
——————————–
* بقلم أ.لميس الكعبي – كاتبة كويتية