المصدر : موقع المركز الدولي للأبحاث و الدراسات مداد .
نائب مدير مكتب الندوة العالمية بالأحساء لـ”مداد”:
“حب الشيء لا يعني إجادته”.. قاعددة تنطبق على عدم امتلاك الكثيرين المهاراتِ الكافيةَ لإدارة العمل الخيري المؤسسي المراكز البحثية لا تزال ضعيفة في إدراج دراسات وبحوث خاصة بالأعمال التطوعية = نعاني من غياب التأهيل والدورات التدريبية التخصصية في العمل الخيري والتطوعي = “كارثة سيول جدة” من أقوى الأعمال التطوعية التي لفتت أنظار العالم للمتطوعين والمتطوعات = مشكلة الاختلاط في العمل التطوعي تحتاج إلى ضبط خاصة من المندسين على العمل الخيري حوار:
تسنيم الريدي أصبح العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء المجتمع ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين؛ فهو ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكل معاني الخير والعمل الصالح عند الشباب، لكننا كثيراً ما نرى مبادرات فردية – وأحياناً جماعية – تستجيب للحظة الكارثة أو الحوادث الطارئة التي تحتاج لجهود تطوعية عاجلة، وما تلبث أن تخمد الرغبة أو يفقد الدافع لممارسة التطوع؛ لذلك فكر الكثيرون في أهمية طرح بعض الأفكار العملية لتطوير وتنمية جهود الشباب المتطوع، ومساعدتهم على الانتقال بالعمل التطوعي من كونه هواية إلى الاحتراف. حملنا بعض هذه القضايا، وتوجهنا في حوار مع المستشار: عبد المنعم بن عبد العزيز الحسين ـ نائب مدير مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالأحساء، مدير إدارة التطوير الإداري بالإدارة العامة لتربية وتعليم البنات بالأحساء، عضو الجمعية السعودية للإدارة، عضو الجمعية السعودية للإشراف التربوي، وعضو الجمعية السعودية للمدونين السعوديين، وعضو اللجنة الدائمة للجودة النوعية الشاملة/ تعليم البنات ـ.
** بداية، ما تقييمكم لمدى اهتمام الجامعات والمراكز البحثية الأكاديمية بدراسات العمل التطوعي؟ رغم النهضة الكبيرة التي نلمسها من الشباب والمجتمع والإعلام والشركات والجهات الخيرية نحو تبني المتطوعين والعمل التطوعي ونشر ثقافة التطوع إلا أن الملاحظ أن الجامعات لا زالت ضعيفة في إدراج دراسات وبحوث خاصة بالأعمال التطوعية. وهنا أحيي جهود جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، مشكورة بما وضعوه من إضافة مادة للعمل التطوعي ووضع متطلب تخرج المشاركة في أعمال تطوعية، كذلك ربما يكون قريبا منه ويؤدي له مستقبلا إطلاق كرسي في جامعة الملك سعود بالرياض للعمل الخيري، نتأمل ـ بإذن الله تعالى ـ أن يغذي هذا الجانب. والمتأمل يلحظ نقص المؤلفات في المكتبة العربية في الأعمال التطوعية، لكن لنكن متفائلين بأن انطلاقة مؤسسات خيرية باسم مؤسسة العمل التطوعي، وكذلك التفاتة المؤسسات والشركات والمؤسسات الخيرية المانحة، مثل: مؤسسة الراجحي الخيرية، بإذن الله سيعزز النقص في هذا الجانب. البعثات التدريبية
** هل تؤمنون بتبادل البعثات التدريبية المتعلقة بتنمية العمل التطوعي لدى الشباب بين الدول الإسلامية والدول الغربية لتبادل الخبرات والاستفادة من الغير؟ نعم، كل التجارب الخيرية أثمرت وحققت استفادة كبرى من تبادل الزيارات والملتقيات والمؤتمرات والمعارض، فبلا شك أن الفرق التطوعية والمؤسسات متى ما استطاعت تنظيم زيارات متبادلة لفرق متميزة، بتنسيق وتنظيم من مراكز ومؤسسات تدريب، بحيث يعمل للزيارة جدول وخطة عمل وتحديد للمستفيدين والأهداف المرجوة، سيكون لذلك عظيم الأثر. ومؤخرا قامت مؤسسة تدريبية في جدة بتبني مشروع مثل هذا بجمع عدد من المهتمين بالعمل الخيري، وتوجيه دعوات لهم، وتوفير داعم من المؤسسات الخيرية المانحة، وتمت زيارة المؤسسات في تركيا؛ فكان لذلك أثر كبير جدا على الملتحقين بذلك البرنامج. حب الشيء لا يعني إجادته
** برأيكم، ما هي نتائج عدم امتلاك الكثيرين المهاراتِ الكافيةَ لإدارة العمل الخيري المؤسسي؟ للأسف، حب الشيء لا يعني إجادته، ورغبة الخير لا تعني أن الإنسان يدركه، مثل ما قيل سابقا: “كم من مبتغ خير لم يدركه”. إن من المشكلات الحاصلة في العمل الخيري هو الارتباط الكبير والوثيق بين تولي المتدينين والمشايخ إدارة تلك المؤسسات بحكم أن المجتمع والناس تثق فيهم وأمانتهم وحسن إدارتهم للمال. لكن الواقع أن الأمانة مهمة وكذلك الثقة، لكن يحتاج كثير منهم لمهارات قيادية وممارسات إدارية؛ فهم يقعون في أخطاء كثيرة ربما أدت ببعض المؤسسات إلى الفشل والوقوع في مشكلات قانونية ومديونية فيما فرص نجاح المؤسسة كبيرة، لكن عدم تولي الأكفاء وكبار السن، وضعف الحضور، والخلط بين الرئاسة الشرفية و الإدارة التنفيذية، وبين مجلس الإدارة الفاعل ومجلس الإدارة الشرفي، كذلك توقع الكثيرين أن كون المؤسسة خيرية تطوعية من الممكن أن يديرها أي أحد، وغياب التأهيل والدورات التدريبية التخصصية في العمل الخيري والتطوعي، كل ذلك يقلل من فرص الأداء المتميز لتلك المؤسسات. وعلى هذا فنأمل من الجامعات عمل دبلومات في العمل الخيري، والمؤسسات الحكومية التعاون بالاعتراف بتلك الدبلومات وتسهيل حضور منسوبيها لها، ناهيك عن برامج الماجستير.. والأمل دائما موجود، خاصة مع ما ذكرت من برامج وكراسي. كارثة سيول جدة
** التجارب الناجحة للعمل التطوعي تكون سبباً في دعمه وتطويره، هل تعرضون لنا بعض هذه النماذج وفقاً لنشاطاتكم التطوعية واختلاطكم بالشباب؟ من أقوى الأعمال التطوعية التي لفتت أنظار العالم للمتطوعين والمتطوعات هو كارثة جدة. لكن بالنسبة لما مر علي من مشاهدات لأعمال تطوعية ناجحة فهي كثيرة، لكن من باب الأمثلة، لا على سبيل الحصر، إقامة مخيم بوراق الخير الدعوي الشبابي والنسائي، القائم على متطوعين ومتطوعات، كذلك توزيع الإعلانات، وعمل التصاميم والتعاون بتوزيع وجبات إفطار صائم، وهدية الحاج، وأعمال التغليف والتوزيع، وأعمال الكتابة والمراجعة للكتب والنصوص، وأعمال الترجمة، وأعمال استقبال المتبرعين في المواسم، وتوزيع كسوة العيد على الفقراء، وكذلك توزيع السلة الغذائية، وأيضا توزيع زكاة الفطر. بالإضافة لبرامج نوعية، يشارك في تنفيذها وتصميمها المتطوعون، مثل: برنامج فرحة العيد رحلة للأيتام، وبرنامج المراكز الصيفية داخل السجن، وغيرها من البرامج. و كانت تلك برامج شارك فيها المتطوعون، ولامسها المجتمع والمستفيدون، وحققت نجاحا مميزا، وهي قائمة في كثير من خطواتها على المتطوعين. الاختلاط والمندسون في التطوع
** تطرق الكثيرون إلى مسألة الاختلاط في العمل التطوعي، كيف ترون الأمر؟ وما هي مقترحاتكم لمواجهة هذه المشكلة؟ مشكلة الاختلاط مثلها مثل أي تجمع أو ملتقى يحتاج فيه العمل للجنسين، فبلا شك نحتاج ضبط الموضوع، خاصة من المندسين على العمل الخيري، وقد حدثت أخطاء أو شبه أخطاء لكن هي محدودة، وفي حجمها الاعتيادي، أو أقل من ذلك، مثل أي مكان التقاء، مثل: الأسواق، والمشافي، والجامعات ذات التخصصات الطبية، لكن وجود المتطوعين بانفلات من دون تلك الضوابط، وفي زمن سهولة التواصل بالهواتف الذكية والشبكات الاجتماعية وبرامج الدردشة الفورية، يحتاج الموضوع إلى تنظيم المشاركة بوضع الضوابط، والتثقيف، والتأكيد، ونشر الأخلاقيات، ومحاولة تقليل فرص التجمع في مكان واحد، وإذا كانت حاجة لذلك فيكون فصل بحاجز، أو بأماكن متباعدة، وكذلك وجود مشرفين أكفاء، خاصة من المعلمين والمعلمات المتعودين على ملاحظة الأخطاء وتوجيهها تربويا ودينيا، وبذلك يكون تحقيق لفوائد التطوع، وضبط له، وتقليل من أخطائه. دمج ذوي الاحتياجات الخاصة
** يؤمن البعض بضرورة دمج ذوي الاحتياجات الخاصة – غير العقلية – في ممارسة بعض النشاطات التطوعية البسيطة في المجتمع؛ لتدريبهم على العطاء رغم احتياجاتهم … كيف ترون ذلك؟ بالتأكيد، ذوو الاحتياجات الخاصة لهم أدوار وممارسات أكثر من رائعة، خاصة وأن ممارستهم تتسم برغبة إثبات الذات والتحدي، وقد لاحظت في تقديم البرامج التدريبية الخاصة بالتطوع حضور عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة، تحملوا المشقة في الحضور والتفاعل، كذلك قيامهم بأدوار يمكنهم القيام بها، مثل: الاتصال، التصميم، العمل على مواقع الإنترنت؛ فهم طاقات، وفيهم مبدعون ومبدعات، لكنهم يحتاجون لإعطاء الفرصة، و للاهتمام، وكذلك وجود المشرف القائد للفريق الذي يوجِد البرنامج والفكرة التي تستثمر طاقات هؤلاء. مقترحات للتطوير
** أخيراً، ما هي مقترحاتكم لتنمية وتطوير ثقافة العمل التطوعي ومواجهة الصعوبات لدى الشباب بشكل عملي؟ المقترحات كثيرة، لكن منها: التربية، وتعزيز ذلك من قِبَل الأسرة والوالدين، وتشجيع الأولاد على المشاركة، أيضا المدرسة، وإدراج زيارة المؤسسات الخيرية، والتعريف بها، إضافة مادة للتطوع والعمل التطوعي، ومطالبة الطلاب بمشروع تطوعي عملي، كذلك تفعيل توصيات مجلس الشورى بإعطاء الذين يمتلكون ساعات تطوعية نقاطا إضافية في المفاضلة على الوظائف والترقيات، وكذلك تسهيلات في العمل حال ممارستهم للعمل التطوعي، أيضا تخفيض المخالفات والغرامات عليهم في حال وجود ساعات تطوعية محددة حديثة، إقامة الدورات التدريبية، وتسجيل الفرق التطوعية في وزارة الشؤون الاجتماعية، وتحديث بياناتها، وحذف وإلغاء الفرقة التي لا تسجل نشاطا بنسبة معينة ومعايير مقبولة، قيام وسائل الإعلام بتسليط الضوء على الأعمال التطوعية، وتقدير المنخرطين فيها والمتميزين وتقديمهم كنجوم.