صبحت حاجة المرأة للعمل ضرورة لمجابهة مشاق الحياة، وكما هو معلوم فإن عمل المرأة الأساسي الذي لا يوجد من ينوب عنها وهو رعاية الأبناء وزوجها ومنزلها، أوقعها أمام تحديات افتقاد الأبناء لها أثناء غيابها، واحتياجات منزلها وواجباتها المهنية..تطلبت إيجاد الحلول المناسبة للتغلب على هذه الضغوط، والتقت (آسية) بعدد من الأمهات العاملات عند خروجهن ماذا يفتقد أبناؤهن ومنزلهن؟ تقول أم جود والتي تعمل موظفة في جامعة: ليس كثيرا كما يقولون لكن ربما يفتقدون جلوسي معهم عندما ارتاح واسترخي بعد عودتي من العمل. وقتي في المنزل ملك لهم كيف توازنين بين عملك وبين احتياجات أبنائك ومنزلك؟ أحرص على أن: أجلس معهم وقتاً أطول – ألعب معهم- أستمع لهم- أحاورهم- أخرج معهم- أحكي لهم القصص – وأشرح لهم الأحاديث- أقرأ لهم – أشاركهم مشاهدة التلفاز (لديهم قنوات المجد فقط) أهتم بمراقبة أخلاقهم ومتابعة الصلاة والسؤال عن أصدقائهم وأخبارهم في المدرسة. وأجعل وقت عملي (إن وجد) يكون بعد نومهم أو أثناء انشغالهم بالقراءة أو اللعب. وأحاول أن أنهي أعمالي في وقت الدوام بحيث يكون وقتي في المنزل ملكاً لهم. كما أن والدتي تساعدني بالعناية بهم في حال انشغالي في الفترة المسائية أحيانا.. وتضيف المعلمة منى ( أخصائية اجتماعية): يفتقد الأبناء الحنان والعطف، من يلبى احتياجاتهم وخاصة عند حاجتهم لي، فهم لا يستطيعون حل مشاكلهم لوحدهم. ومسألة الموازنة تحتاج إلى توزيع الوقت بشكل صحيح فعند إنجازي للأعمال في وقت محدد، أستطيع التفرغ للأعمال المنزلية ولأبنائي وواجبات الزوج. يفتقدني أبنائي لطول فترة عملي! أم طيف تعمل بمؤسسة اجتماعية، يفقد أبنائي وجودي بينهم ويفتقدون ملاطفتي وملاعبتي لهم وإحساسهم بحناني، وكذلك الجلوس معهم والتحدث إليهم. في بداية أمري في العمل واجهت عقبات من حيث احتياجات أبنائي فقط ولكن عالجت ذلك حيث إن ساعات عملي ثمان ساعات ويتخللها أربع ساعات فترة راحة فأعوضهم عن غيابي بمناقشتهم واللعب معهم وعند لقائي بهم أخبرهم بأن هذه الفترة التي نقضيها مع بعض لنتصارح ونلعب ونرسم ويكون هناك عهد وموعد بيننا لا نختلف فيه إلا لظرف. أما حاجة منزلي فأعددت له خطة مسبقة من حيث النظافة والترتيب فلا أخرج إلى عملي إلا وكل شيء مجهز وبعض الأعمال إلى نهاية الأسبوع واليومية منها أعدها لأنها لا تنتظر التأجيل إلى نهاية الأسبوع. جود:انتظر أمي! ويشارك الأبناء أيضا الطرح: ما مدى افتقادك لأمك أثناء تواجدها بعملها؟ تجيب جود ( بالصف الثاني الابتدائي ) أفتقدها قليلاً لأنها تأتي بعد حضورنا للمدرسة بقليل الحمد لله. هل حدثت لك مواقف وتمنيت أن أمك كانت متواجدة وبالقرب منك؟ مرة.. عندما تضاربت مع أختي قبل قدوم أمي من العمل، وإذا عجزت عن حل واجبي وأمي لم تحضر أو نائمة.. فأنتظرها حتى تستيقظ. لا أريد أحد يضربني غير أمي ويقول نواف ذو الأربع سنوات: أفتقد أمي كثيراً في المنزل وأكره موعد وساعة خروجها للعمل و أتمنى أن تكون بقربي دائماً. حدثت بيني وبين أخي مشكلة فقامت العاملة المنزلية بضربي فبكيت كثيراً، وتمنيت لو أن أمي معي في تلك اللحظة حتى لا يضربني أحد غيرها. افتقادي لأمي أعدني للحياة وتضيف طيف، افتقادي لأمي أعدني للحياة إعدادا صحيحا ومواجهة أمور الدنيا بكل مشاقها،ولكن افتقدها في المشورة والمشكلات الصعبة. ما زلت محتاجة لأمي ولها مساحة كبيرة جداً في حياتي وحصلت لي مواقف ولكن تعلمت من أمي أن أعالج أي موقف يحدث لي بطريقة صحيحة وسليمة حتى لولم تكن بقربي فهي لها الفضل في ذلك. وبين صراع المسؤوليات التقينا بالأخصائية النفسية في الإرشاد الأسري أ. تغريد القويفل: أيهما أنجح للعملية التربوية: علم الأم أم بقاؤها ربة منزل؟ لا بد من الموازنة وتنظيم الوقت للتوفيق بين متطلبات العمل والأسرة.
المرأة تتنازعها قيمتان أساسيتان وتضيف القويفل: المرأة العاملة رغم دخولها ميدان العمل ظلت تتحمل مسؤولية منزلها وأطفالها وزوجها كاملة، وهو عمل المرأة الأساس الذي لايوجد من ينوب عنها فيه فإذا ما غابت عن البيت تراه يتخلخل نفسياً قبل أن يهتز اجتماعياً، الأمر الذي أدى لأن تتنازعها قيمتان أساسيتان، القيمة الأولى: موقفها من بيتها وأطفالها وزوجها وضرورة القيام بواجباتها على أكمل وجه، والثانية: موقفها من عملها وضرورة تأديته على أكمل وجه لتكون عاملة على قدر المسؤولية تقوم بالمهام المسندة إليها، وبين هاتين القيمتين ظلت المرأة حائرة قلقة مشتتة الفكر والشعور، وبين بيتها وعملها تتكاثر الهموم وتتراكم القلاقل، وتتجسد الصعوبات. فمسؤولياتها ليست صغيرة، وأمرها ليس بالسهل وعليها إثبات وجودها وجدارتها هنا وهناك. يدفعها دافع الأمومة ـ هذه العاطفة السامية والنبيلة ـ للبقاء إلى جانب أطفالها ترافق طفولتهم وتشرف على تربيتهم وتغذي فيهم روح الحياة، لتكون ذلك القلب الذي كان ومازال مدرسة الإنسانية الأولى، ويدفعها دافع البحث عن الذات للخروج إلى العمل ولتؤكد أهمية وجودها كنصف مجتمع،وهي المشكلة الاجتماعية المتعلقة بعمل المرأة، ونقصد بذلك تلك العوائق والصعوبات التي تعترض المرأة العاملة كونها أماً وزوجة وربة بيت، ولهذا فإن عملية التوفيق بين الدافعين أو لنقل بين المهمتين «الأسرة والعمل» تخلق عندها أوضاعاً جديدة على صعيد الأسرة، عندما تضطر لترك طفلها وتغيبها عنه لفترة طويلة لتقوم بعملها خارج المنزل، في الوقت الذي يكون الطفل فيه بأمس الحاجة إليها، وأمام عظمة هذا الدور، دور الأم، أول معلم للعلاقات الإنسانية وأول وسيلة بين الطفل والعالم الخارجي والذي لايمكن لأي عاقل أن يهون من رسالة المرأة الكبرى ودورها في البيت لبناء حجر الزاوية واللبنة الأولى في المجتمع ليكون أساساً متيناً لبناء المجتمع بأكمله، لذا عليها أن تعمل على تنظيم وقتها كعامل أساسي في إحداث التوازن بين الأسرة والعمل، وذلك بتوفير الوقت الكافي لمتابعة أولادها في دراستهم متابعة جدية والاهتمام بكل شيء يتعرضون له ومناقشتهم في حل مشكلاتهم بكل شفافية وصراحة، وتكوين الثقة المتبادلة معهم مما سيؤدي إلى تعويضهم عن غيابها في أوقات العمل تحقيق التوازن وتستطرد: عندما تستطيع المرأة تحقيق التوازن بين عملها من جهة وواجباتها من جهة أخرى فلن تكون هناك أية مشكلة وعندما يتفهم الزوج أهمية عملها، لها وللمجتمع وقيامه بمساعدتها في المنزل سيؤدي ذلك إلى تخفيف الأعباء الملقاة عليها جسدياً ونفسياً، وهذا بدوره سيؤدي إلى تكوين أسرة مستقرة مادياً واجتماعياً.
|
|
المصدر : بوابة آسية الإلكترونية .