ذلك أن المجتمع يتكون من بيوت وأسر فإذا تهدمت البيوت تهدم المجتمع وإذا تهدم المجتمع فأنذر بخراب العمران والبشر.
وتكون النتيجة انصراف الزوجات إلى المسلسلات الرومانسية ـ التركية منها على وجه الخصوص ـ يعشن في أجوائها فيزددن هما على هم وغما فوق غم!
ـ وهو الأهم ـ على السكن والمودة والرحمة.
الدكتور على عبد الحليم محمود من علماء الأزهر وصاحب المؤلفات التربوية العديدة يؤكد أن الشريعة الإسلامية لا تتحيز للرجل ولا تعطيه حقوقاً لا تعطيها للمرأة خاصة فيما يتعلق بالحقوق الزوجية، لكن هناك تساوياً وعدلاً في الحقوق والواجبات بين الزوجين.
لكننا للأسف نجهل ما لنا وما علينا، ولم نتلق في مدارسنا أو من وسائل إعلامنا الثقافة اللازمة لبناء أسرة سعيدة متفاهمة.
ويقول : الأمر في غاية البساطة، نحن نتزوج لنسعد لا لنشقى، وبالتالي على كل من الزوج والزوجة أن يقدم أفضل ما لديه وألا يبخل بشيء على الآخر، وأن يتعاونا معا لمواجهة ظروف الحياة الصعبة لا أن يقف أحدهما لمواجهة الآخر ويتخذه عدواً!
ويضيف د. علي عبد الحليم : كثير منا لا يدرك خطورة أن يقول لابنه مثلا : ” رد على عمك وقل له أبي غير موجود ” أو : ” حذار يا حبيبتي تقولي لوالدك إننا قد خرجنا في المساء ” ثم نطلب منهم بعد ذلك ألا يكذبوا علينا.
ولهذا نجدهم نسخة منا عندما يكبرون، ولو ترك الخيار للطفل لاختار بكل تأكيد أن يعيش مع أحد الأبوين ويتواصل بشكل دائم مع الآخر على أن يرى والده يبغض والدته أو والدته تخون والده أو والده يقتات من الحرام من أجله أو والدته تتقبل الإهانة حرصاً عليه، وقتها سيكره نفسه ويرى أنه مصدر تعاسة لأهله، ولن يصبح إنسانا سوياً بأي حال من الأحوال.
وتشبه الأستاذة حنان فتحي عضو اتحاد كتاب مصر الزوج الذي يهمل زوجته زمناً ما؛ بشخص ترك حذاءً وتحذى سواه. فإذا عاد إلى الأول أتعبه وأحس أنه ناشف، لا يلين لقدمه، أو أن رأسه المستدق أضيق مما ينبغي، أو أن جانبيه قد تقبضا، أو أنه يزم زماً محكماً
وتنصح الزوجين فتقول : تذكرا الأوقات الممتعة بينكما فإن الذكرى أمتع من النعيم نفسه ..
وهكذا في كل أمر آخر، فإن متعة تفوز بها في خمس دقائق قصيرات لا تشعر في أثنائها بكل ما تشعر به فيما بعد حين تتذكر ما كنت فيه. والذكرى هي التي تغريك بالمعاودة.
وتسرد الدكتورة سوزان محمد فاروق ( زوجة طبيبة وأم لخمسة أولاد ) وصفة تجربتها مع السعادة تقدمها هدية للزوجات اللاتي تكثر شكواهن من الفتور العاطفي للزوج بمرور السنين، فتقول : تعلمت من أبي رحمه الله مبدأين مهمين في الحياة أحدهما العطاء بلا انتظار للمقابل سوى من الله عز وجل ، والثاني التماس الأعذار للآخرين.
فإذا نظرنا إلى ذلك الزوج الذي ننتظر منه كلمة حانية أو نظرة حب فهل فكرنا في ذلك العمل الذي يعمله ليلا ونهارا فينهك جسديا وعصبيا ونفسيا وهو لا يشتكي.
أليس هذا المجهود لك ولأولادك ولتوفير حياة مستقرة ومستقبل مرض للجميع؟ ألم تفكري كم يستهلك ذلك من قدراته؟
أليس ذلك حباً عملياً لك .. حينما يكف بصره وسمعه وقلبه وعقله عن النساء اللاتي يعملن معه ومنهن من هي أجمل منك وأرق منك وأنت لا تعلمين ماذا يقلن أو يفعلن، أليس هذا أكبر دليل عملي على حبه لك.. حينما يقدم خدمات لأهلك أو يتركك تذهبين لمساعدة أي منهم ولا يعترض على ذلك ويتغاضى عن بعض تقصيرك في البيت أليس هذا حباً منه؟
ويوجه رضا نبيه الباحث في العلوم الاجتماعية حديثه إلى النسوة اللاتي يشتكين من جفوة أزواجهن وافتقادهن لكلمات الود والمحبة فيقول : مع تأييدي لمطالبكن المشروعة فإنني أكثر تعاطفا مع هؤلاء الزوجات اللاتي يتلقين كل يوم وابلا من السباب والتقريع من أزواجهن بل ربما وصل الأمر إلى الضرب بكل درجاته والأذى بكل أنواعه..
وكأني بهذا النوع الأخير وهن يغبطن كل امرأة يكف زوجها شرها عنه ولا يوجه لها سبابا ولا قذفا، ولا يذهب خيالها أبدا في أن يتجاوز ذلك إلى أن يبادرها بكلمات العشق والهيام! ولسان حالهن يقول : كم أنتن في نعمة لا يعرف قدرها سوى تلك المرأة التي تعاني من زوجها الأمرين ولا تنتظر منه سوى أن يكف بأسه عنها!
وأود أن تكون الصورة واضحة واللوحة مكتملة وذلك بتوجيه نداء إلى كل زوجة نكدية أن تكف عن هذا السلوك،
وأن تجعل من البيت واحة للسكينة والهدوء لزوجها حتى لا يفر منها ومن البيت ومن الأولاد إلى المقاهي والأصدقاء ثم تشتكي بعد ذلك من هروب وجفاء ، وقد قرأت مثلا طريفا يقول ( اللي مراته مفرفشة يرجع البيت من العشا )،