العمل التطوعي= أفكار + أشخاص + أموال
العمل التطوعي له علاقة مباشرة ببناء الحضارات المتقدمة.
“فكرة الوقف الخيري، فكرة التطوع، فكرة التكافل الاجتماعي”.
أصبحت من السنن المنسية؛ ولا أقصد بذلك أنّها غير موجودة ولكنها تعاني من التكرار الجامد الباهت الغير فعّال فلو تأملنا قول النبيّ (ص):
“إذا مات العبد انقطع عمله إلّا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له”.
صدقة جارية: ما زلنا نحصر الصدقات الجارية في بناء مسجد، أو عمل سقاية في الطريق، أو مصحفاً في دار للقرآن الكريم.
ولكن المتأمل في الحديث النبوي الشريف يجد فيه دعوة صريحة للابتكار؛ فالجريان يختلف من زمان إلى زمان، ومن ظروف إلى ظروف مختلفة؛ فالمصاحف تملأ المساجد ولا يقرأ فيها إلّا القليل؛ فهل هذا جريان واستمرار للصدقة.
نحتاج إلى أشكال مختلفة من الصدقات التي تناسب الواقع، ورؤى مختلفة للوقف الخيري الذي يستفيد منه الجميع.
ففي المجتمع الغربي تجد أنّ أكبر جامعات معروفة قائمة بفكرة الوقف الذي يتبرع به الأغنياء لخدمة المجتمع.
ولنضرب مثالاً واقعياً نشهده: وهو أنّ المسكين قديماً كان لا يملك إلّا القليل جدّاً من أدوات الحياة العصرية مثل (التليفزيون، الكمبيوتر، الستلايت، وغيرها…).
لكن المسكين في هذا الزمان أمره مختلف تماماً…
فقد تجده موظفاً ويعمل في مهنتين ولديه من الأجهزة التكنلوجية في مسكنه، ولكنه بالكاد يوفر لأولاده المأكل والمشرب.
العمل التطوعي: ليس عملاً تقدمه كلما سنحت لك فرصة، ووجدت نفسك بلا عمل، ولكنه عمل فرعي لعملك الأساسي تدعم به وظيفتك، تشارك به الآخرين، هو من أولوياتك؛ يحتاج منك إلى مجهود والتزام.
لذلك فإنّ انطلاق العمل التطوعي المستمر الدائم لا يكون إلّا من خلال مؤسسات وليس أفراد حتى لا يذهب المشروع ولا الفكرة بذهابهم.
· أن تنقل بسيارتك أبناء جيرانك إلى المدرسة.. هذا تطوع.
· أن تنظم الطريق لمرور السيارات بأمان.. هذا تطوع.
· أن تزور مريضاً لا تعرفه لتدخل عليه السرور.. هذا تطوع.
· أن تعطي دورة لأُمّهات فقيرات في تربية الأبناء.. هذا تطوع.
· أن تتبنى رجلاً أو امرأة لتمحو أميتهما.. هذا تطوع.
· أن تساعد طالباً في مذاكرة دروسه.. هذا تطوع.
· أن تتصدق من مالك لطالب متفوق ليدرس بجامعة عالمية.. هذا تطوع.
· أن تجهز مركزاً تعليمياً بالأجهزة الحديثة.. هذا تطوع.
· أن تعطي فكرة ابتكارية خدمية لقناة فضائية.. هذا تطوع.
· أن تنظف حماماً في مسجد بالطريق.. هذا تطوع.
التطوع قد يكون بالأفكار، وقد يكون بالمال، وقد يكون بجهد الأشخاص؛ ولكن استثمار العمل التطوعي وديمومته يحتاج إلى وجود الثلاث.
العمل التطوعي المستمر = أفكار + أشخاص + أموال
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الحج/ 77).
فالخير كثيرٌ جدّاً، ليس صوماً فقط، ولا صلاةً فقط، وتأمل قول الله تعالى: (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) المؤمنون/ 61).
لماذا قال سبحانه في (ولم يقل إلى) لأنّهم أصلاً يفعلون الخيرات ولكنهم ينتقلون من خير إلى خير ويسارعون من عمل إلى عمل، فكلنا يتمنى أن يطبق خلق النبيّ (ص) وأفعاله “لأن أمشي في حاجة أخي… بدلاً من أن أمشي في إيذاء أخي، واحباط أخي، وتعطيل حاجة أخي، وجرح مشاعر أخي، وحسد أخي، والتخلي عن أخي..►
المصدر: كتاب الكفاح بريد النجاح