لا أحد ينكر أن الحالة المناخية وظروف الطقس لها علاقة وثيقة بالحالة النفسية والمزاجية ليس علي المستوي الفردي بل علي المستوي الجماعي .
لذلك اصبح التلاعب بحالة المناخ هدف استراتيجي لدي كثير من الدول وأجهزة المخابرات والمراكز البحثية فجندوا لذلك العديد من العلماء والباحثين حتي تطورت الفكرة إلي تطبيقات علي ارض الواقع .
وظهرت كثير من الأسلحة والأدوات التي يمكن بها التلاعب في المناخ علي المدي البعيد والطقس علي المدي القريب في كثير من بلدان العالم.
وقبل أن نخوض في ذلك علينا أن نستقرأ بعض الأحداث التاريخية التي لها علاقة مباشرة بحالة الطقس في عام 1816 لم يأتي الصيف فعلا علي كثير من بلدان العالم فكان له اكبر الأثر علي نمو المحاصيل في آسيا وأوروبا حتي اصبح الشحاذون والجوعي يغلقون الطرقات ويتوسلون إلي المارة ، فزادت حالات الانتحار والقتل حتي قامت كثير من الأمهات بقتل ابنائهن خشية الجوع .
وذكر “روبرت تسوليكوفر” أحد المؤرخين البريطانيين أن الجوعي والشحاذين كانوا يحملون اليأس في عيونهم وصفرة الموت علي وجوههم بسبب تدهور المحاصيل وعدم توافر الغذاء.
وبسبب ثورة أحد البراكيين الضخمة في الصين حجبت الشمس والنجوم لمدة ثلاثة شهور وحدثت مجاعة هائلة قتلت اكثر من نصف السكان وكتب المؤرخ الصيني “بان كو” أن الناس أكلت بعضها البعض وأن الإمبراطور رفع الحظر عن الأسر وسمح لهم ببيع أطفالهم للحصول علي الطعام .
وفي مصر حدثت الشدة المستنصرية الشهيرة في عهد الحاكم الفاطمي المستنصر بالله بسبب جفاف النيل وقلة الأمطار مما دفع الناس لأكل بعضها البعض وهذا من أصعب الفترات في تاريخ مصر بعد سنين يوسف العجاف التي استطاع تجاوزها لأن الله نبأهه بها .
كذلك حدثت برودة شديدة في فرنسا من عام 1783 حتي 1789 ولقد لعبت دورا كبيرا بالوصول بالمزاج الاجتماعي لأسوأ حالاته مما كان أحد دوافع قيام الثورة الفرنسية .
كل هذا دفع الباحثين والعلماء لفكرة التحكم في مناخ الدول المختلفة بحيث يصنعون جفافا هنا وسيولا هناك فتحدث المجاعات في كوريا الشمالية نتيجة الأولي وفي بنجلاديش نتيجة الثانية بل تدخلوا أيضا في حدوث الزلازل والبراكين !
وقد يعتقد البعض ضرب من ضروب الجنون والمبالغة لكن الواقع غير ذلك فقد قام علماء اميركيين معروفين هم “دون جريث” ، و “مارك سولاك” وغيرهم باستمطار السحب من خلال ملأ احواض بمادة أيوديد الفضة ووضعها علي مواقد حرارية تدفع أيوديد الفضة إل الغلاف الجوي فيسقط المطر صناعيا وقد نجحت هذه التجربة نجاحا باهرا في ولاية يوتاه الأمريكية .
بدأ الأمر يستخدم عسكريا حيث يتم سرقة السحب لإنزال المطر في أماكن دون أخري كما حدث 1966حيث قام فريق استطلاع المناخ التابع للقوات الجوية الأمريكية بشن معركة أطلق عليها اسم عملية متروبول لإستمطار السحب بالطين فوق فييتنام الشمالية و لاوس و كامبوديا مما تسبب في إغراق شوارع هذه البلاد بالطين حتي يصعب تحريك آليات العدو وقد أدي ذلك إلي نتائج جيدة من 1967 إلي 1972 .
فيما تفكر الآن عزيزي القارئ؟!
هل ما يحدث في مصر من أمطار شديدة ومركزة ومؤقتة تصل لحد السيول في الفترات الأخير: مدبر ؟؟!
هل يمكن أن نستخدم هذه الطرق من الإستمطار لزيادة معدلات مياه الأمطار في مصر؟
هل يمكن للمسئولين لدينا التفكير خارج الصندوق لتجاوز أزمة المياه ؟!
هذا ما سنحاول الإجابة عنه في الجزء الثاني من المقال .
——————–
* بقلم د. خالد كامل