الحمد لله الذي علَّمَ القرآن، خلق الإنسان، علَّمَه البيان، وأصلِّي وأسلِّم على المصطفى العدنان، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان.
أما بعد:
فالعام الدِّراسي بدأ، وما تكاد تَذْكُر في كلِّ عام بدايته إلاَّ وتَصِفُه بـ (الجديد)، فتقول: (العام الدراسي الجديد)؛ وهذا لِتَجدُّدِه الزَّماني في كل عام، ليس إلاَّ.
ويبقى منذ صِغَرنا وإلى الآن العام الدراسيُّ جديدًا بزمنه، بسِنِينه وأعوامه، حتى أصبح اسمه الحقيقي عندي وعند أهل النَّظر: (العام الدِّراسي القديم).
فالتجدُّد المأمول في عصر انتكاسة الأُمَّة هو تجدُّد “الشَّريكَيْن”، وهما “العالِم والمتعلِّم”، فهما شريكان بوصف النبي- عليه الصَّلاة والسَّلام – بقوله: ((العَالِمُ والمُتعَلِّم شَريكانِ فِي الخَير))؛ رواه ابن ماجه، والحديث وإن ضَعَّفه بعض أهل العلم، ونُقِل ضعفه عن الجمهور، إلاَّ أن له شاهدًا من أحاديث أُخَر، مع صحَّة معناه في أنَّ العالم والمتعلِّم يشتركان في العلم تعلُّمًا وتعليمًا، إضافة إلى أنَّ العلم هو أصل الملازمة التي تطول حتى عن ملازمة الشريكين في تجارتهما.
فالعبرة هي أنَّ تجدُّد المعلِّم أو المتعلِّم هو التجدُّد الحقيقي للعام الدراسي، والتجدد لا يتمُّ إلا بالثَّورة على العقل “عقْلِ المعلِّم”، وهذه الثورة تبدأ من كوامن النَّفس، وتنطلق من أعماقها عبر مَحاوِرَ عديدة، من أهمها لدى المعلِّم:
أولاً: معرفة حقيقة العلم وأثَرِه:
فالبعض من المعلِّمين والمعلِّمات، والمدرِّسين والمُدرِّسات، يعتقد أنَّ تعليمه وتدريسه ما هو إلاَّ وظيفة يتقاضى عليها راتِبًا؛ ليعيش به، وهذا لا يبعث روحَ التجديد أبدًا، بل يقضي عليه مهما طال الزمن، وازدادت الفِتَن، أو انتشرت المِحَن.
وإنَّ الذي يبعث على التجديد لدى المعلِّم عِلْمُه بحقيقة العِلم، وأنَّه أصل مَجْدِ أُمَّتنا، وعنوان عزِّ ديننا وكرامة مجتمعنا، وطريق فلاح مآلنا، بل هو الخير كلُّه، قال وَهْب ابن مُنَبِّه كما في كتاب “تَذْكرة السَّامع والمتكلِّم”: “يتشعَّب من العلم الشرفُ وإن كان صاحبه دَنِيًّا، والعزُّ وإن كان صاحبه مَهِينًا، والقرب وإن كان قَصِيًّا، والغنى وإن كان فقيرًا، والمهابة وإن كان وضيعًا”.
ولهذا جعل الله – تعالى – أوَّلَ كلمة تَنْزل من القرآن على نبيِّنا – عليه الصَّلاة والسَّلام – هي كلمة العلم: ﴿ اقْرَأْ ﴾ [العلق: 1]، فجعل النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فضل أهل العلم على أهل العبادة كفضْله على أدنى رجل من المسلمين، فقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فَضْل العالمِ على العابد، كفضلي على أدنى رجل من أصحابي))؛ رواه الترمذي، وصحَّحه الألباني.
وجعل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – التَّعليمَ في عهده إلزاميًّا، وكان نظام الملك نائب الحاكم السَّلجوقي ينفق الأموال الطائلة على التعليم وعلى إقامة المدارس والجامعات والمكتبات، ممَّا دفع بالحاكم السَّلجوقي إلى توجيه اللَّوم والعتاب له على هذه النفقات، فأجابه الوزير بقوله: “لقد أقمتُ لك جيشًا يُسَمَّى بجيش اللَّيل، وهم الطُلاَّب، إذا نامت جيوشُك ليلاً، قامت جيوش الطلاب على أقدامِهم صُفوفًا بين يدَيْ ربِّهم، فأرسلوا دموعهم، وأطلقوا ألسنتهم، ومدُّوا إلى الله أكُفَّهم بالدُّعاء لك ولجيوشك، فأنت وجيوشك في حراستهم تعيشون، وبِدُعائهم تبيتون، وببركاتهم تُمْطَرون وتُرْزَقون”، فتأثَّر الملك بهذه الإجابة، وشكر الوزير على عمله ومنجزاته العلمية.
ولا يَخفى على أحد النهضة التي حقَّقَتْها اليابان وألمانيا وسنغافورة بعد الاهتمام الكبير بالعِلْم، فمباشرة بعد الحرب العالمية الثانية، وما خلَّفَتْه من وضع كارثي في كلِّ الميادين، قامت بالعمل ضمن (البرنامج الاستعجالي)، وهو إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبعْدَها بدأت مرحلة تقويم الوضع الشُّمولي للبلاد، ثم وَضْع المُخَطَّطات لإعادة بناء الدولة اليابانية المعاصرة، معتمدة في ذلك التربية والتعليم، فوصلت إلى ما نراه اليوم.
فهذه الحقيقة قام بها السَّابقون الأَوَّلون، فوصل المسلمون إلى ما لم يصل إليه أحدٌ بفضل العلم، فكانت حواضر الإسلام قِبْلة العلم على مَرِّ الليالي والأيام.
ثانيًا: استحضار المسؤوليَّة:
التعليم أمانة في أعناق المُعلِّمين سيُسأَلون عنها أمام الله تعالى، فطُوبى ثم طُوبى للمخْلِصين الناصحين، وويلٌ للمستخفِّين والمُضيِّعين، ﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [العنكبوت: 13].
ويقول- عليه الصَّلاة والسَّلام – : ((ما مِن عَبْد يسترعيه الله رعيَّة يموت يومَ يَمُوت وهو غاشٌّ لها، إلاَّ حَرَّم الله عليه الجنة))؛ رواه البخاري ومسلم.
ومسؤوليَّة المُعلِّم لا تتوقَّف عند المنهج الدِّراسي؛ بل هو الدِّين والخُلُق، قال عَلِيٌّ- رضي الله عنه- عن قول الله- تعالى-: ﴿ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]، قال: “عَلِّموهم وأدِّبوهم”، وكما قال الشاعر أيضًا:
وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الفِتْيانِ فِينَا
عَلى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ
فالأب والأمُّ يربِّيان في البيت، والمدرِّس والمُدرِّسة يربِّيان في المدرسة، فتكون الأمانة متساوية بينهم، فترى الأَبَ يَجِدُ طالبًا متأدِّبًا معه بأدب المعلِّم، وترى المعلِّم يَلْقى طالبًا متأدِّبًا معه بأدب الأب، فالتعليم مسؤولية يجب استحضارها.
ثالثًا: استحضار الخشية التي يوجبها العلم:
ومن المسؤوليَّة أيضًا استحضارُ الحلال والحرام في مثل هذا التكليف؛ لأنَّ التعليم وظيفة الأنبياء والعلماء الأتقياء، فلا يجتمع العلم إلاَّ بالخشية من الله وخوفه سبحانه، فلا يلجأ المعلم إلى من يريد النَّيْل منه تحت تَلْبيس خطير وحُجَّة واهية، فالبعض من الأساتذة اليومَ لا يتحَرَّجون من أَكْل المال الحرام تحت دعوى نَفْعِهم ومساعدتهم، وهي في الحقيقة نيلٌ منهم، وإسقاطٌ لمكانتهم عند الله تعالى، وعند أهل الأرض، ومنها القُروض الرِّبوية ذات النفع والفائدة، فلم يتحرَّج مِنْ أَخْذِها إلاَّ القليلُ ممن رَحِم ربُّك، والمبرِّرات في ذلك منتشرة، كالحاجة الماسَّة، والمسكن، والسيارة، إلى غير هذا، ولم يسألوا أهل العلم: هل هذا حرام أم حلال؟
ومن ذلك أيضًا ما يفعله البعض من المُدَرِّسين في تدريسهم، فيُسِيئون في تفهيم طلبتهم المادة قصدًا منهم؛ دفعًا بالطلبة للتسجيل في “الدُّروس الخصوصية”، التي يظنُّون أنها تَحِلُّ لهم في مقابل مجهودهم، وهي في حقيقتها مُحرَّمة شرعًا إن لم يدرِّس المدرِّس الطالبَ في صَفِّه كما يدرسه في بيته.
رابعًا: العدل بين الطَّلَبة:
فبعض المعلِّمين يُمايزون بين الطلبة؛ لأسباب عديدة، منها أكثرهم مالاً، وأجملهم خلقًا، وأحسنهم مظهرًا، وهذا يجب على المعلِّم تَرْكُه وعدم التَّظاهر به، قال – تعالى -: ﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ﴾ [الأنعام: 152].
قال ابن حزم: وجدتُ أفضل نِعَم الله – تعالى – على المرء أن يَطْبَعه على العدل وحُبِّه، وعلى الحقِّ وإيثاره، وأمَّا من طُبِع على الجَوْر واستسهاله، وعلى الظُّلم واستخفافه، فلْيَيْئَس من أن يُصْلِح نفسه، أو يقوِّم طِبَاعه أبدًا، ولْيَعْلَم أنَّه لا يفلح في دين ولا في خلُقٍ محمود.
وقال الشيخ محمَّد الطَّاهر بن عاشور: والعدل مما تواطأت على حُسْنِه الشرائعُ الإلهية، والعقول الحكيمة، وتمدَّح بادِّعاء القيام به عظماءُ الأُمَم، وسجَّلوا تمدُّحَهم على نقوش الهياكل من كلدانية، ومصرية، وهندية.
قال ابن جماعة: “ألاِّ يُظْهِر للطَّلبة تفضيل بعضهم على بعض عنده في موَدَّة أو اعتناء، مع تساويهم في الصِّفات من سِنٍّ، أو فضيلة، أو تحصيل، أو ديانة؛ فإنَّ ذلك رُبَّما يوحش منه الصدر، وينفر منه القلب.
فإن كان بعضهم أكثر تحصيلاً، أو أشدَّ اجتهادًا، أو أبلغ اجتهادًا، أو أحسن أدبًا، فأظهر إكرامه وتفضيله، وبيَّن أنَّ زيادة إكرامه لتلك الأسباب، فلا بأس بذلك؛ لأنَّه ينشط، ويبعث على الاتِّصاف بتلك الصفات”.
وقال شوقي:
وَإِذَا الْمُعَلِّمُ لَمْ يَكُنْ عَدْلاً مَشَى
رُوحُ العَدَالَةِ فِي الشَّبَابِ ضَئِيلاَ
وأمَّا الطَّالب الجديد، فهو الآخَر الذي يتجدَّد العام الدِّراسي به، وقل: يتجدَّد الجيل به، فتنهض المجتمعات، وتعود الأُمَّة إلى سابق عهدها الوَضَّاء، وهذا يحتاج منه إلى سبيل قريب للنَّاظرين، سَهْل على المجتهدين، ومنه:
أوَّلاً: توقير أهل العلم:
قال الشاعر:
إِنَّ الْمُعَلِّمَ وَالطَّبِيبَ كِلاَهُمَا
لاَ يَنْصَحَانِ إِذَا هُمَا لَمْ يُكْرَمَا
فَاصْبِرْ لِدَائِكَ إِنْ أَهَنْتَ طَبِيبَهُ
وَاصْبِرْ لِجَهْلِكَ إِنْ جَفَوْتَ مُعَلِّمَا
فلا ارتقاء ولا استعلاء مع جَفْوة المُعلِّم، فما بالُك واليوم يتجاوز الطَّالب عليه؟ وسمعنا أنَّ بعض المعلِّمين ضُرِبوا، وبعضهم أُهِينوا، وبعضهم هُدِّدوا، وبعضهم قُتِلوا! مِمَّن؟ مِن تلاميذهم! نعم من تلاميذهم، ومن غير تلاميذهم ضِمْن هَجْمة معروفة، هذا ما حصل هنا، ومخطَّط له أن يحصل في كلِّ أرض عربية وإسلامية؛ لأنَّ هذا ما يُهِين العلم، وليس فقط أهْلَه.
فأصبح المُعَلِّم مُهانًا، ليس له قيمته الحقيقية، فمِن أين يأتي التَّوفيق؟ ومن أين يأتي النصر؟
إن الواجب على الطَّلبة- وأقول: يفترض عليهم- احترام المُعَلِّم، كيف كُنَّا نحترم أساتذتنا قبل سنين؟ ألَم نكن نهرب في طريق آخر عِنْدما نسمع بهم مَرُّوا من طريق؛ هيبة وإجلالاً؟ ألم يكن ذلك قبل سنوات فقط؟ فما الَّذي حصل لكم أيُّها الطَّلبة؟ أخُدعتم؟ وبما يُمْلَى عليكم رضيتم؟ ثم نسيتم مَن الذي عَلَّمَكم وأدَّبَكم وربَّاكم في مدارسكم أيَّام طفولتكم؟
يقول الإمام الشافعي – رحمه الله -: “كنتُ أَصْفَح الورقة بين يَدَيْ شيخي مالِكٍ صفحًا رقيقًا؛ لئلاَّ يَسْمع وَقْعَها”،
ويقول الرَّبيع – رحمه الله -: “والله ما اجترأتُ أن أشرب الماء والشافعيُّ ينظرُ إليَّ؛ هيبةً له”.
وهذه المعاني يجب أن تُغرَس من جديد في آذان الأبناء، وهو واجبُ الآباء، بل واجب كلِّ المُربِّين.
قال بعضُ العلماء: مَن لم يتحمَّل ذُلَّ التعلُّمِ ساعةً، بقي في ذُلِّ الجهل أبدًا.
فهل تبحث عن عِزِّ نفسك بالعلم أم بالجِسْم؟
يَا خَادِمَ الجِسْمِ كَمْ تَسْعَى لِخِدْمَتِهِ
أَتْعَبْتَ جِسْمَكَ فِيمَا فِيهِ خُسْرانُ
أَقْبِلْ عَلَى الرُّوحِ فَاسْتَكْمِلْ فَضَائِلَهَا
فَأَنْتَ بِالرُّوحِ لاَ بِالْجِسْمِ إِنْسَانُ
وكيف لا نُوقِّر مَن وَقَّرَهم الله وذكَرَهم في كتابه، مَن مدَحَهم رَبُّنا – سبحانه – في كلماته، فقد أثبَتَ لهم الخشية، وأثبَتَ لهم المكانة العالية، وجعلهم نبيُّنا – صلَّى الله عليه وسلَّم – ورَثَة الأنبياء، فما أعظمَ المَوْروث! وما أعظم الوارث! كيف لا نحترم هؤلاء؟ كيف لا نتحَمَّلُهم وهم يُعْطوننا إرث الأنبياء؟
ولله دَرُّ الشافعي – رحمه الله – إذ قال:
لِتَصْبِرْ عَلَى مُرِّ الْجَفا مِنْ مُعَلِّمٍ
فَإِنَّ رُسُوبَ العِلْمِ فِي نَفَرَاتِهِ
وَمَنْ لَمْ يَذُقْ مُرَّ التَّعلُّمِ سَاعَةً
تَجَرَّعَ ذُلَّ الْجَهْلِ طُولَ حَيَاتِهِ
وَمَنْ فَاتَهُ التَّعْلِيمُ وَقْتَ شَبَابِهِ
فَكَبِّرْ عَلَيْهِ أَرْبَعًا لِوَفَاتِهِ
وذَاتُ الفَتَى وَاللهِ فِي العِلْمِ والتُّقَى
إِذَا لَمْ يَكُونَا لاَ اعْتِبارَ لِذَاتِهِ
ثانيًا: الإخلاص في النية:
وعلى الإخلاص، مدارُ التوفيق والخَلاص؛ لأنَّ الأعمال بالنِّيات، وإنَّما لكلِّ امرئ ما نوى، فمَن نوى بعِلْمه خدمةَ دينه ونُصْرة أهله، فستكون دراسته كلُّها عبادة، فمَن سلك طريقًا يَلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجَنَّة، وكذلك فإن الطِّبَّ عِلْم، والهندسة علم، واللُّغات علم، والفيزياء علم، ولا شكَّ أنَّ أَشْرف العلوم وأعلاها هي علوم الشريعة، كما قال الشَّاعر:
العِلْمُ قَالَ اللهُ قَالَ رَسُولُهُ
قَالَ الصَّحَابَةُ هُمْ أُولُو العِرْفَانِ
مَا العِلْمُ نَصْبَكَ لِلْخِلاَفِ سَفَاهَةً
بَيْنَ الرَّسُولِ وَبَيْنَ رَأْيِ فُلاَنِ
كَلاَّ وَلاَ جَحْدَ الصِّفَاتِ لِرَبِّنَا
فِي قَالَبِ التَّنْزِيهِ وَالسُّبْحَانِ
كَلاَّ وَلاَ نَفْيَ العُلُوِّ لِفَاطِرِ الْ
أَكْوَانِ فَوْقَ جَمِيعِ ذِي الأَكْوانِ
كَلاَّ وَلاَ عَزْلَ النُّصُوصِ وَأَنَّهَا
لَيْسَتْ تُفِيدُ حَقَائِقَ الإِيمَانِ
كَلاَّ وَلاَ الأَشْكَالَ وَالتَّشْكِيكَ والْ
وَقْفَ الَّذِي مَا فِيهِ مِنْ عِرْفَانِ
ففي أيِّ عِلْم وفَنٍّ تجد الإخلاص مِحْورها، قال- صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((مَن تعلَّم عِلْمًا ممَّا يُبْتَغى به وجه الله تعالى، لا يتعلَّمه إلا ليصيب عرَضًا من الدنيا، لم يجد عرْفَ الجنَّة يوم القيامة))؛ رواه أبو داود، وحسَّنه الألباني.
أمَّا لو وَفَّقَ اللهُ المُخْلِصين، فحازوا على الدُّنيا بإخلاصهم، فإنَّ هذا لسابق بُشْراه، وهكذا تأتي الدُّنيا لطالب العلم راغمة، لا أن يكون همُّه الأول وشغله الشاغل ما رَخُص في الدُّنيا من الأثمان، ورحم الله الشوكانِيَّ
إذْ قال:
أَلاَ إِنَّ الفَتَى رَبُّ الْمَعَالِي
إِذَا حَقَّقْتَ لاَ رَبُّ الثَّرَاءِ
ومَنْ حَازَ الفَضَائِلَ غَيْرَ وَانٍ
فَذَاكَ هُوَ الفَتَى كُلَّ الفَتَاءِ
فَمَا الشَّرَفُ الرَّفِيعُ بِحُسْنِ ثَوْبٍ
وَلاَ دَارٍ مُشَيَّدَةِ البِنَاءِ
وَلاَ بِنُفُوذِ قَوْلٍ فِي البَرَايَا
فَإِنَّ نُفُوذَهُ أَصْلُ البَلاَءِ
فَرَأْسُ الْمَجْدِ عِنْدَ الْحُرِّ عِلْمٌ
يَجُودُ بِهِ عَلَى غَادٍ وَجَائِي
فنَسْأل الله- تعالى- للمُعَلِّم والمتعلِّم توفيقَ الله- تعالى- والسَّعي لإرضائه؛ علَّنا نرى في كلِّ عام دراسي طلبَة متجدِّدين، وأساتذة مجدِّدين، فيكون عامًا دراسيًّا جديدًا بحقّ، اللَّهم آمين.