السبت 23 نوفمبر 2024 / 21-جمادى الأولى-1446

الطمع يحرمك من التمتع بحياتك



لما كنا بالمدرسة ونحن صغار، كنا دائماً نسخر من أحد الطلاب لأنه طماع، ولأنه دائماً يطلب أكثر من حقه، وليس عنده روح الجماعة الواحدة، ولا عنده روح البذل والعطاء، بل عنده أنانية في بذل الطعام والبخل بجمع المال، وهذا الشخص معجب بنفسه سريع للغضب.

وهذا الشيء قد يتكرر في زماننا الحاضر وقد يسمى الآن بمسمى آخر فقد يسمى الأنانية بإعطاء المعلومات التقنية، أو الشح في تقديم المهارات للآخرين، أو البخل في بذل الخبرات لمن اقل منه خبرة، أو كتمان العلم.

وسيئ إن كان هذا الجشع عند إنسان يتطور أكثر حتى يكون فيه تشابهاً في الحيوانات الأخرى – أكرمكم الله – من ناحية الجشع والطمع والحرص وحب التملك.

والبشر لديهم القدرة على التعاون بين أنفسهم، و التعايش فيما بينهم حول هذا المفهوم بالتعاون والرضا والقناعة، وهذا من أسرار تطورهم، وأما ان طغت المادة و أزداد الجشع، فهذا يشكل أزمة ثقافية تضر القيم المثالية المتزنة.

وكما تحصن نفسك ضد الأمراض المعدية، كذلك تحصن نفسك بالقناعة والرضا، فلا يتطور عندك فايروس الحرص والانتهازية فتبقى وتتكاثر، فتكون عرضة لتقلبات المصير الأعمى.

نرى أشخاص تتوفر لديهم أشياء ومتقتنيات، وقد يجمعون أكثر مما يشتهون ويحرصون على جمعه، على الرغم من أنهم وصلو درجة الاكتفاء بصفة معقولة، بل أكثر من ذلك، إلا أنهم غير قادرين على تغيير تلك الدوافع والحرص إلى اشياء أخرى أعلى مستوى.

وربما يتطور الجشع بالشخص حتى يكون له خُلق غير جيد محرجاً له، يحاول إخفائه عن الناس فلا يستطيع، لأن شخصيته نشأت على ذلك.

في أحد الأيام فتح تاجر محل في أحدى القرى وكانت هذه القرية بحاجة إلى هذا النوع من المتاجر، فاستغل هذا التاجر حاجتهم ورفع الأسعار، فبعض الاتهازيين يظن أن ما يريده هو مساعدة الناس أو خدمة مجتمعه، بينما هو لا يبالي بالنهاية التي تنتهي غالباً بالخسارة.

رأينا الأنانية والجشع والحسد لما حل عند بلدان تسمى متحضرة كيف يؤدي إلى ركود اقتصادي طويلة جذوره، تمتد اضراره إلى تأثر البيئة والطبيعة، مما يؤدي إلى إزالة الغابات والتصحر، وجفاف الأنهار، و انقراض الحياة، والمزيد من الظواهر الجوية و التقلبات الطقسية القاسية الغير عادية.

كل واحد منا لديه عدد معين من الاحتياجات، بعيداً عن ثقافة (الأنا) فالجائع عندما يدخل المتجر يأخذ أكثر من احتياجاته الأساسية.

الشعور بالنقص، يصاحبه التفكير والقلق، فيفقد صاحبه اتخاذ الإجراء الصحيح، ثم يقع في حفرة لا نهاية لها، لأنه يسعى لتلبية حاجات لن تنتهي للوصول إليها.

———————————————–

بقلم أ. منصور بن محمد بن فهد الشريدة

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم