الطعام والتلفاز والأبناء.
أصبح التليفزيون جزءا لا يتجزأ من حياتنا و حياة الأبناء اليومية، فبعضهم يستيقظ صباحاً وقبل أن يغسل وجهه، أو قبل الوضوء، و أداء الصلاة ، يذهب لرؤية الرسوم المتحركة (الكرتون) أو البرامج المحببة لديهم بالتلفاز، فنجد الأطفال كالمسحورين أو المبرمجيين، عقلهم لا يفكر إلا برؤية التلفاز حتى عند تناول وجبة الغذاء مع الأسرة، فهم يرفضون الجلوس مع بقية أفراد الأسرة، و يفضلون أن يتناولونها أمام التلفاز؛ مما أدي ذلك لاهتمام الباحثين بهذا الأمر.
رأي الباحثين فيتناول الطعام أمام التلفاز:
فقد ذكرت إحدى الدراسات الأمريكية “أن مشاهدة التليفزيون تعطل استجابة الأطفال الطبيعية للغذاء؛ فيتناولون المزيد وهم يجلسون أمامه سواء شعروا بالجوع أم لا.
وبالطبع هذه الدراسة تؤكد لنا السبب في زيادة أوزان بعض الأطفال الصغار في عهد الطفولة عن الأوزان الطبيعية، مما أدى إلى تحير الأمهات عند شراء ملابس جديدة لهؤلاء الأطفال!
وهناك آثار سلبية كثيرة للمداومة على مشاهدة الأطفال للتلفاز وخصوصا الرسوم المتحركة، والتي فيها مشاهد عنف عديدة، وقد أثبتت الدراسات العلمية أن التعرض الزائد للعنف التلفازي أحد الأسباب المهمة وراء تفشي السلوك العدواني والجريمة والعنف لدى الأطفال والشباب، وأن الإفراط في المشاهدة يعوق التحصيل التعليمي، ويضعف القدرات المعرفية والمهارات العلمية لدى الطفل، ولكننا نتناول في هذا المقال حول تأثير التلفاز في تناول الطعام.
وهذا مشهد حواري للأم مع الابن حول رفض الأم لتناول ابنها للطعام أمام التلفاز، وتفضيلها لتناوله مع الأسرة في حجرة الطعام:
الأم: هيا يا أحبابي موعد الطعام فوالدكم قد عاد من العمل.
الابن: أمي (ماما).
الأم : نعم حبيبي.
الإبن: هل من الممكن أن أتناول الطعام في حجرة المعيشة؟
الأم : لماذا- حبيبي؟
الابن: فسوف يذاع الآن الكرتون الذي أحبه؟
الأم : هل تحب الكرتون أكثر من تناول الطعام مع الأسرة؟
الابن: نعم.
الأم: ولكننا نحب تناول الطعام معك، وبابا يود معرفة أخبارك أثناء تناول الطعام.
الابن: ولكن هذا الكرتون أحبه وأنتظره كل يوم ماما ماما. (يكرر باستعطاف، ثم بغضب).
الأم: بهدوء، يمكنك رؤيته في الغد صباحاً فهو يذاع مرتين في اليوم، لكن وجبة الغذاء نتناولها مرة واحدة في اليوم، وهو الميعاد المخصص لاجتماع الأسرة معاً.
الابن : ولكن ماما، إني أُحب مشاهدته.
الأم: ونحن نحب تناول الطعام معك يا بني.
الابن :حاضر ماما.
وبعد هذا الحوار يأكل الطفل وهو غضبان في اليوم الأول، ويحاول أن يكرر الإلحاح في اليوم الثاني، ولكنه يستسلم في اليوم الثالث، ومع بداية اليوم الرابع يكون قد اعتاد على نظام الأسرة.
النتيجة:
1: عودة الترابط الأسري على مائدة الطعام التي نفتقدها، واحترام الأبناء لهذا الموعد.
وإن كنا نقترح تخصيص جلسة عائلية مستقلة أسبوعية أو يومية، أو نصف أسبوعية تختلف عن جلسة تناول الطعام.
2. أن نكون عودنا الابن على التركيز في الطعام فقط، وعدم الأكل بدون ضابط لأنه يشاهد التلفاز.
3. الحد من دخول الابن في السمنة، ثم السمنة المفرطة التي لا نعلم مدي عواقبها السيئة على صحة الأبناء في الأعمار الصغيرة.
الدراسات والطعام والأطفال:
أكد باحثون أمريكيون علي أن الأطفال الذين شاهدوا الرسوم المتحركة أو الأفلام الكرتونية استهلكوا أكثر من 500 سعر حراري، وقضوا وقتاً أطول في تناول الطعام عن الأطفال الذين لم يشاهدوا التلفاز أثناء تناولهم الطعام.
وهذا ما نجده عملياً مع الأبناء، فنراهم مغيبين عن الوعي أثناء تناولهم الطعام أمام التلفاز! وكأن شيئا ما بداخلهم يجذبهم له، مع إطالتهم لوقت تناول الوجبات أمامه.
الدين والطعام:
و مما لاشك فيه أن الإسراف في الطعام من الأمور الخطيرة على صحة الإنسان، لذلك ذكرت في القرآن الكريم تذكرة للمؤمنين في قوله تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ» .(سورة الأعراف، آية 31) .فعاينا تكرار هذه الآية الكريمة حتى يشب الأبناء عليها متذكرين نعمة الصحة والعافية وأن المعدة هي بيت الداء.
وأيضاً علينا تذكرة الأبناء دوما ً بالحديث الشريف لنبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام حيث قال:(ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) رواه أحمد و الترمذي وصححه، وصححه الألباني.
فهذه قاعدة نبوية شريفة تعلمنا الاهتمام بالصحة وتنظيم الغذاء في كلمات قليلة بين الطعام والشراب وإعطاء النفس فرصة للتنفس بحرية؛ لضمان حياة صحية خالية من الأمراض، فالوقاية خير من العلاج.
المصدر : موقع لها أون لاين .