إن أهم أساس تقوم عليه العلاقة الزوجية هو الثقة والاحترام المتبادل ، ومتى تزعزعت الثقة بينهما وفقد الاحترام وحل مكانهما الشك فإن الحياة تتحول إلى جحيم لا يطاق ، حياة يسودها التوتر والقلق ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) .
رجل يأتي عند الكعبة ويطلب من زوجته أن تحلف بالله أنها لا توجد لها علاقة مع غيره ، وآخر يربط باب بيته الخارجي بخيط خفيف صغير حتى يتأكد عند عودته هل خرجت زوجته من البيت أو لا .
وأخرى تفتش جوال زوجها يوميا وتقرأ جميع رسائله الصادرة والواردة لتعرف مع من يتحدث وماذا يكتب لهم ، وأخرى تشم ثيابه عند عودته للبيت لتتأكد من نوع العطر هل تغير أم لا ؟
سبحان الله يخربون بيوتهم بأيديهم .
إن الشك مجلبة للوسواس والدمار والهلاك والقلق والاضطراب … فالحذر الحذر ، وما دخل بين الزوجين إلا وكانت النهاية مؤلمة وقاسية .
يبرر الكثير من الأزواج عن شكهم بدافع الغيرة ، والفرق بينهما كبير ، فالغيرة المحمودة هي إحساس يربط بين الزوجين ينتج عنه الخوف من فقدان الطرف الآخر بسبب محبته له وعدم القدرة على العيش بدونه مما يدفعه على اتخاذ الطرق والأسباب لجذبه وإبعاده عن المؤثرات الخارجية .
أما الشك فهو عبارة عن إحساس سيء يدفع الإنسان إلى عمل سلوكيات سلبية لنفسه وللآخرين مما يفقده الثقة بالطرف الآخر خاصة عندما لا يوجد سبب واضح ومقنع للشك .
والشك بين الزوجين لا يأتي مصادفة بل له أسباب ومن أهمها :
– التجارب القديمة لأحد الزوجين ، سواء كانت بينهما تجارب قديمة قبل الزواج ، أو اكتشف مؤخرا برسائل قديمة في جوال أو بريد الطرف الآخر ، عندها سيفسر أي تصرف أو قول بما يعرفه من ماضيه القديم ، حتى وإن كانت هذه العلاقة قد انتهت وتغير حاله للأفضل .
– عقدة النقص عند أحدهما ، عندما يشعر أحد الأزواج أن الطرف الآخر أجمل منه أو أفضل منه مكانة وثقافة وعلما ، هنا ينتابه شعور بأن الشريك الآخر سيختطف منه أو سيتركه ويبحث عن غيره .
– متابعة الفضائيات والمشهورين والمشهورات في التطبيقات الالكترونية وكذلك الأفلام والمسلسلات وما تعرضه من قصص معظمها علاقات محرمة وسهرات ومطاعم ، تولد عند أحدهما بدون وعي الشك في الطرف الآخر .
ولعلاج مرض الشك بين الزوجين على كل طرف منهما :
– التثبت وقطع الشك باليقين وعدم التجسس وسوء الظن خاصة إذا كانت لا توجد دلائل واضحة وثابتة على الشريك الآخر من قول أو فعل .
– البعد عن المواقف التي تشعل الغيرة والغضب والشك ، فلا يفتح جواله أو البريد الالكتروني ، ولا يشم ثوبه أو غيرها من السلوكيات التي فيها تتبع وتجسس للشريك الآخر ، وأن الأصل بينهما الثقة وإن وجد خطأ أخرج له ألف عذر فهو بشر يخطئ ويصيب .
– الأصل في الحياة الزوجية التغافل والتسامح والتغافر فكل بني آدم خطاء .
– إذا زاد الشك عن حده وخرج عن السيطرة ووصل إلى مرحلة الإيذاء النفسي والجسدي فعليهما الابتعاد عن بعض حتى تهدأ العاصفة ، وعلى من يشعر بالشك الذهاب للطبيب النفسي أو استشار ة المختص حتى يساعده في الخروج من هذه المشكلة .
أسأل الله أن يبعد عنا وعنكم سوء الظن والتجسس وأن يجعل بيوتنا عامرة بالطاعة وحسن الظن وحسن الخلق وأن يصلح لنا ولكم الذرية وصلى الله على سيدنا محمد .
_______________________________________
كتبها / عدنان سلمان الدريويش
المستشار الأسري بجمعية التنمية الأسرية بالأحساء