الأثنين 25 نوفمبر 2024 / 23-جمادى الأولى-1446

الحرمان



إن الحرمان الحقيقي ليس في فقد الأموال ولا في فقد المناصب والجاه، ولا في فوات المطلوب من ملذات وشهوات، إن الحرمان ـ كل الحرمان ـ في فقد الإيمان، في البعد عن شرع الله ودينه، في تنكب سبيل الاستقامة، والبعد عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم.

 

سلوا الأموات في قبورهم، سلوا أرباب الفن والغناء، سلوا الكفار والملحدين، سلوا فرسان العشق والهيام، سلوا من ملكوا الأموال والمناصب, سلوهم هل وجدوا السعادة التي كانوا ينشدونها، ويسعون ليلهم ونهارهم في طلبها. والله لو أذن الله لهم لقالوا مجمعين: إن السعادة والراحة في الإيمان وليس سوى الإيمان، ولرددوا (فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـٰمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى ٱلسَّمَاء).

 

 

لقد ذاق الفقراء والمعدمون والعبيد على مرّ العصور طعم السعادة، بينما حُرمها كثير من الأشراف والأغنياء والأحرار. لقد جاء رسولنا صلى الله عليه وسلم إلى الناس بدعوة ربانية، ولم يكن له لعاعة من الدنيا، فلم يُلقَ إليه كنز، وما كانت له جنة يأكل منها، ولم يسكن قصراً، فأقبل المحبون يبايعونه على شظفٍ من العيش، وذروة في المشقة، يوم كانوا قليلاً مستضعفين في الأرض يخافون أن يتخطفهم الناس من حولهم، حوصروا في الشِعب، وضيق عليهم في الرزق، وابتلوا في السعة، وحوربوا من القرابة وأوذوا في الناس، ومع هذا وجدوا طعم السعادة.

 

سُحب بعضهم على الرمضاء، وحبس آخرون في العراء، وتفنن الكفار في تعذيبهم، ومع ذلك وجدوا طعم السعادة. سُلبوا أوطانهم ودورهم وأهليهم وأموالهم، طردوا من مراتع صباهم، وملاعب شبابهم، ومباني أهليهم، ومع هذا وجدوا طعم السعادة. ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً، وبلغت القلوب الحناجر، وظنوا بالله الظنونا، ومع هذا وجدوا طعم السعادة. إنه والله لن يَصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَـٰعُ ٱلْغُرُورِ).

اللهم اجعلنا من الفائزين السابقين للخيرات, اللهم أعنا على اغتنام الأوقات وشغلها بالأعمال الصالحات يارب العالمين.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم