الحب والمحبة والإفضاء.
أ. عبد الرحمن هاشم.
محبة الرجل والمرأة أمر جبلي، جبل عليه الإنسان كما جبل على حب أشياء أخرى كثيرة كالمال والأبناء وكل ما من شأنه إعانته على الحياة لكن هذه المحبة تحتاج إلى ترشيد وإلا كانت وبالاً على المجتمعات والأمم.
من أجل ذلك كان الزواج هو الإطار الذي يحتوي على أعلى وأشرف وأرفع درجات المحبة بين الجنسين، الذكر والأنثى.
يقول د. طه جابر العلواني الرئيس السابق للمعهد العالمي للفكر الإسلامي ينشأ الحب بين الزوجين نظراً للألفة والمودة والرحمة التي بينهما، ونظراً لالتقاء جسديهما هذا الالتقاء الذي لا يمكن أن يكون أبداً بين غير الأزواج إلا في المجتمعات الفاسدة والأمم الفاجرة، فعلاقة الجماع من أهم ما يبعث على الحب بين الزوجين، وهي من أهم ما يناله الحبيب من حبيبه.
ويقول الشهيد سيد قطب في تفسيره لآية ” وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظا ” (النساء : 21): ” ويدع الفعل أفضى بلا مفعول محدد.. يدع اللفظ مطلقاً، يشع كل معانيه، ويلقي كل ظلاله ويسكب كل إيحاءاته، ولا يقف عند حدود الجسد وإفضاءاته، بل يشمل العواطف والمشاعر، والوجدانيات والتصورات والأسرار والهموم، والتجاوب في كل صورة من صور التجاوب.
يدع اللفظ يرسم عشرات الصور لتلك الحياة المشتركة آناء الليل وأطراف النهار، عشرات الذكريات لتلك المؤسسة التي ضمتها فترة من الزمان .. وفي كل اختلاجة حب إفضاء . وفي كل نظرة ود إفضاء، وفي كل لمسة جسم إفضاء، وفي كل اشتراك في ألم أو أمل إفضاء، وفي كل تفكر في حاضر أو مستقبل إفضاء، وفي كل شوق إلى خلف إفضاء، وفي كل التقاء في وليد إفضاء ..
ثم يضم إلى ذلك الحشد من الصور والذكريات والمشاعر عاملاً آخر من لون آخر ” وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً “، وهو ميثاق النكاح، بسم الله، وعلى سنة الله.. وهو ميثاق غليظ لا يستهين بحرمته قلب مؤمن، وهو يخاطب الذين آمنوا ويدعوهم بهذه الصفة أن يحترموا هذا الميثاق وهذه الرابطة الإنسانية الراقية.
ويخاطب الشيخ عبد الخالق حسن الشريف مدير مركز منارات للاستشارات الشرعية بالقاهرة كل زوجين بأن تقوية الحب بينهما إنما يكون بأيديهم،
فالمحب يرضى بأخلاق حبيبه ـ المقبولة شرعاً ـ يحاول التطبع بها ويكلف نفسه ويدربها على حب ما يحب حبيبه وبغض ما يبغض. والمحبة إذا ملأت قلب الزوجين وانغلق صدرهما عليها ظهرت علاماتها المتمثلة في الاحترام والتوقير والإيثار والثقة والصدق والإخلاص والأمانة والتضحية والصبر والتجرد.
وتنصح د. نيفين عبد الخالق أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة المرأة بأن تحب زوجها: ” أقل حقه عليك أن تحبيه “،
وتضيف : المرأة تستطيع أن تسحر زوجها بعينيها، والنساء أدرى بالنظرة الساحرة، واللمسة الحانية التي تلقي في قلب الرجل الحب والوله .
ذلك أن لغة العيون وإشعاعات النظرات المتبادلة تغني الطرفين عن الكلام، لأنها تعبر عما يجيش في القلب من رغبات.
ثم اعلمي أن لفظة رقيقة وعبارة عفيفة في دلال وحب تفعل بقلب الرجل الكثير والكثير، فالأذن تميل وتستهوي اللطيف من الكلام، وكلام المرأة برقته ودلاله وتودده يخلب لب الرجل.
وتهيب د. نيفين بالنساء أن يقتدين بزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم في حبهن له وهيامهن به .. هذا الحب الذي جعل السيدة عائشة رضي الله عنها تقول إجابة عن سؤال إحدى السيدات عن الحناء : ” كان حبيبي صلى الله عليه وسلم يحب لونه ويكره ريحه ” .. إنها تتكلم وتتعامل بلغة الحب.. ألا فليتعلم الأزواج ولتتعلم الزوجات.