الأثنين 25 نوفمبر 2024 / 23-جمادى الأولى-1446

الحب والأحضان المجانية



ما هو الحب؟ هذا السؤال لا يحتمل إجابة واحدة. السؤال الآخر هل نفتقد الحب أم أنه موجود بيننا بصور مختلفة؟؛ وفي حالة انعدام الحب أو حتى نقصه بيننا هل سنموت أو نمرض؟ ظاهرة الحب معقدة خاصة أنها تشمل عدة علاقات؛ علاقة الذكر بالأنثى في عدة حالات منها الزواج ومنها غير ذلك، وعلاقة الأبناء بوالديهم والأصدقاء وحتى الرموز الذهنية التي تعبر عن معان لدى الإنسان كالوطن. المشكلة أن الحب الذي غزا الشعر والغناء والأفلام هو النوع الوحيد الذي أثبتت الدراسات أنه يمثل اضطرابا ذهنيا وخللا في كيمياء الدماغ، وأنه لا يدوم في أفضل حالاته أكثر من ثلاثة أشهر،

 

لذا يحذر كثير من الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين من اتخاذ أي قرار يتعلق بالارتباط ونحوه في هذه الفترة لأنها مضللة، ودائما ما تصور الطرف المقابل بأنه كامل لا عيب فيه. أيضا عزا البعض ارتفاع نسبة الطلاق في السنة الأولى من الزواج إلى أن الشريكين أو أحدهما استفاق من هذه المرحلة وأصبح قادرا على رؤية عيوب شريكه فصدم بها واتخذ قراره بالانفصال. اشكالية الحب لا تقف عند هذه الحالة، فمشاكل المجتمع لم تعد متوفقة عند ارتفاع نسب الطلاق أو الأزمات العاطفية؛ فالوعي في هذه الناحية يسير بشكل لا بأس به، وجل الخسائر قد تتمثل في وعكة عاطفية الأغلبية قادرة على تخطيها. الأمر الذي لا يستطيع أن يتخطاه الأفراد في المجتمع هو فقد العاطفة النبيلة المترافقة مع الحب بكل أنواعه، فالكلمات اللطيفة والابتسامة وحسن النوايا في التعامل مع بعضنا هي درجات من الحب نحن بحاجة لها. يتهكمون في بعض النكات على الرجل السعودي في هذه القضية ومنها أن المرأة العربية وغير العربية تعرف الرجل السعودي عند تعاملها معه بأنه سريعا ما يقول لها كلمة أحبك في أي مناسبة!! إذا صح هذا الادعاء الذي صوره السعوديون أنفسهم على ذواتهم فأنا لا ألومهم على المطلق فبيئتنا العاطفية صحراوية وما ظاهرة (الحضن المجاني) التي افتعلها الشباب وسرعان ما انتشرت في الكليات والمدارس إلا مؤشر على نقص في العاطفة والتوعية المتعلقة بما هو ممكن وغير ممكن ومتى يجوز ولا يجوز في العلاقة الجسدية مع الطرف الآخر حتى لو كان من ذات الجنس. لدينا شح عالمي ومحلي في الاهتمام بتشريح الظواهر العاطفية مثل الحب وأيضا الكره؛ رغم أن ازمات الحب والكره من أهم أسباب المشاكل الاجتماعية بل على رأسها. وأن كفالته ورعايته بجميع درجاته وصوره تكفل الاستقرار في الأسر والعلاقات بين الأجناس المختلفة والمذاهب. فانعدام الحب واستشراء الكره يولد جثثا تتناثر في الشوارع وأفرادا يقتلون الشيوخ والأطفال والنساء في المستشفيات!! أليست العقول المغسولة بالطائفية والكره والانتقام قابلة ومهيأة لعكس ذلك؟ آخر الأخبار المحلية طالعتنا بتعدي أحد الزملاء على زميله بالقتل وهو مشهد يتكرر بصور مختلفة وفي قمة الأسباب يأتي الثأر أو الكره نتيجة لخلافات متراكمة وأحيانا كره مخلوط بالحسد. في المجتمعات العربية لدينا أزمة مع الحب فنحن ندينه أكثر من الكره؛ فلو جاء أحد الأبناء يقول إنه يشعر (بالحب) تجاه طرف آخر فالأب أو الأم سيخفق قلبه خوفا، بينما لا يحدث ذات الأمر لو عبر الابن بشعور آخر وهو (أنا أكره) فلانا أو فلانة من الناس. لقد أدانوا ظاهرة الحضن المجاني في الكليات بطرق عقابية وبأوصاف شنيعة بينما لم يفعلوا ذات الأمر مع أزمات العراك التي تحدث بين البنات.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم