الأحد 24 نوفمبر 2024 / 22-جمادى الأولى-1446

الجنة لماذا هي تحت أقدام الأمهات



بقلم د. علاء فرغلي- إستشاري  الطب النفسية والأعصاب
 
يقول الله تعالي في كتابة الحكيم :
” يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ان الله كان عليكم رقيبا ” صدق الله العظيم
ان عطاء المراة مستمر فدورها في الحياة هام ولا ينتهي أبدا فهي الأم والأخت والزوجة والابنة والجدة .
تتعرض المرأة للعديد من الضغوط النفسية أثناء مراحل حياتهم منذ البلوغ وحتى سن اليأس مما يجعلها أكثر عرضة للأزمات والانفعالات النفسية ..
فالطفلة الصغيرة مثلا تلهو وتلعب مع باقي الأطفال وبالرغم من أنة لا يوجد فرق كبير بينهم الا أنها نفسيا تفضل أنواع الألعاب التي تشبع غريزتها كأم بالاضافة إلى أنها أتجنب الألعاب العنيفة والتي تعتمد علي إظهار القوة الجسدية والعضلية .. وبعد ذلك تبدأ هرمونات الأنوثة في إبراز الصفات الأنثوية وعندئذ تدخل الفتاة في مرحلة جديدة من مراحل النمو النفسي فتتقرب من الإناث وتكون معهن الصداقات في الوقت الذي تبتعد عن مخالطة الذكور .. بعدها تواجه أهم حدث في حياتها وهو ظهور دم الحيض ( الطمث ) وهو ما يسلل الروعة والخوف للفتاة فهي لا تدري ما معناه ومن أين أتي فنجدها تتجه إلى الأم وهي المرحلة النفسية الهامة في حياة الطفلة .. فيجب علي الأم أن تكون واعية وتهيئ جوا من الطمائنينة والهدوء لابنتها ونحاول تهدئة حالتها النفسية وشرح معني ذلك بطريقة مبسطة وأنها أصبحت أنثي متكاملة ويجب أيضا علي الأم أن تعلم ابنتها الطرق الصحيحة في تلك الفترة من الاهتمام بالنظافة والطهارة بعد انقضاء فترة الحيض وعلي الوالدين ان يعرفا ان مرحلة البلوغ عند الفتاة تقابل في النمو النفسي مرحلة الهوية والبحث عن الذات وما فيها من مشاكل المراهقة ثم تنتقل الفتاة بعد ذلك إلى مرحلة نفسية جديدة وهي الاهتمام بمظهرها وشكلها كأنثي مقبلة علي الزواج فان كانت نحيفة تحاول زيادة وزنها وان كانت بدينة تحاول إنقاص وزنها .. كذلك التفكير هل ستوفق في الزواج أم لا وهل ستتحمل الواجبات التي ستسند أليها تجاه الزوج والأسرة أم أنها ستفشل في ذلك .. فهي دائما في صراعات نفسية داخلية بين النجاح والفشل ..
وبعد ذلك تتزوج الفتاة ثم تبدأ التفكير في الحمل واذا حدث هل الوضع سيكون طبيعيا أم أنها ستتعرض لصعوبة الولادة مثل الآلام و النزيف .. الخ وهل الطفل سيكون طبيعيا أم سيولد ببعض التشوهات وكذلك ما يصاحب الحمل من تغيرات في الشكل الخارجي لها وخوفها من أن هذه التغيرات في الشكل الخارجي لها وخوفها من أن هذه التغيرات قد تؤثر علي محبة زوجها لها ..وقد يحدث أيضا تغيرات نفسية عند الحامل وتقلبات في المزاج والانفعالات كنتيجة للتغيرات في معدل هرمونات الجسم فقد تكون عصبية المزاج سريعة الانفعال فمثلا نجدها تميل لبعض الأشياء غير المألوفة وتكره بعض الأشياء غير المألوفة من مشروبات ومأكولات وروائح وحتى بعض الأشخاص .
وفي هذا الوقت تصل الفتاة إلى مرحلة الإنتاج وهي مرحلة العطاء وتحديد قدرات المرأة- وكل هذا يسبب الضغط النفسي ثم يتجه التفكير بعد ذلك إلى وليدها كيف ترعاه ؟ وكيف تهتم بمآكله ومشربة ونظافته وتربيته السليمة .. واذا كان عندها أطفال آخرون فكيف تجعل الطفل الأول يحب هذا الضيف الجديد وكيف يشعر الطفل الاول أنها مهتمة بالجميع سواء لا تفضل أحد ا علي أحمد وكذلك كيف ترعي الزوج بجانب رعايتها لهذا الوليد وللأسرة كلها ..
ثم يصل الأم إلى المرحلة التي تشعر فيها أنها أصبحت غير قادرة علي العطاء وهي مرحلة انقطاع الطمث وما يصاحبها من تغيرات فسيكولوجية نفسية وقد تظهر أعراضها قبل انقطاع الحيض من 3 – 5 سنوات في صورة اضطرابات النوم وكثرة العرق وسرعة الانفعال والإحساس بالضيق وكتمه في الصدر مع نوبات من القلق والاكتئاب النفسي .. ولكن يجب علي المرأة أن تعلم أن عطاءها مستمر لا ينقطع أبدا بل يزيد يوما بعد يوم في هذه المرحلة حيث ان مسئوليتها زادت ليس فقط علي أبنائها بل أيضا علي أحفادها ..
أما عن التغيرات النفسية المرضية التي قد تظهر علي المرأة أثناء مراحل حياتها فأهمها القلق النفسي نتيجة الصراعات الداخلية المستمرة كما سبق ذكره .. وفي مرحلة البلوغ يمكن حدوث بعض الفتيات وكلمة هيستريا ليس معناها الجنون ولكن هذا يعني تفاعلا نفسيا جسمانيا سرعان ما يختفي عند حصول الفتاة علي المطلب الذي تريده وربما أيضا يحدث بعض أعراض الاكتئاب النفسي وتغير المزاج والعصبية الزائدة المصاحب للدورة الشهرية والذي يكون دائما قبل نزول الطمث بعدة أيام ..
ونجد أيضا أثناء فترة الحمل ربما تتعرض المرأة لبعض الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب والهستيريا واضطرابات النوم مع تقلبات المزاج والانفعالات وهذا عادة يكون في النصف الأول من فترة الحمل – أما في النصف الثاني فغالبا ما تختفي هذه الأعراض ويحل محلها الشعور بالسعادة والثقة في النفس حيث أنها نجحت في إثبات ذاتها كأنثي وارضاء غريزتها بهذا الحمل ..
ثم بعد الولادة وبالتحديد بعد الثلاثة أيام الأولي قد تشعر المرأة بأعراض اكتئابية والصعوبة في التفكير وتغير نظام حياتها مثل النوم نهارا واليقظة ليلا استجابة للرضيع مما يؤدي ألي القلق والتوتر العصبي وسرعة الانفعال والإحساس بالخوف – هذه الأعراض تختفي تلقائيا خلال أيام قليلة – وفي بعض الحالات النادرة قد يحدث أعراض الذهان بعد الولادة مثل ظهور بعض الاضطرابات العقلية مثل الاكتئاب الذهني أو أعراض الهوس أو أعراض شبة فصامية – وقد يرجع أسباب هذا الذهان إلى اضطراب الهرمونات في هذه الفترة أو بسب بعض العوامل الوراثية … ومن فضل الله تعالي أن نسبة هذا المرض ضئيلة جدا حوالي ( واحد لكل ألف )وأهم أعراضه هو اضطراب النوم وكثرة الحركة والكلام ورفض الطعام وإهمال العناية بالوليد وتصبح متناقضة المزاج والوجدان – ويظهر اضطراب السلوك مثل العدوانية مع وجود الهلاوس والضلالات وفي جميع الأحوال يجب استشارة الطبيب النفسي حتى يتم الشفاء بإذن الله ..
ومن هذا العرض السريع يتبين لنا مكانة المرأة وتبجيلها وأن الجنة تحت أقدامها…

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم