التوحد .. السر المحيّر .
تعاني أكثر من 120 ألف أسرة في المملكة العربية السعودية من هذا السر المحير بعض منهم اكتشفه، وبعض الآخر لا يعلم ماذا أصاب ابنه؟ يتوقع بعضهم أنه تخلف عقلي، بينما هو عكس ذلك تماماً..
فيولد الطفل طبيعياً جداً لا يعاني من أي أمراض مثله مثل غيره من الأطفال ينمو، ويكبر يتحرك يحبو يمشي، وينطق ثم فجأة يتغير يبدأ شيئا فشيئا يضعف لديه السمع، ثم يفقد النطق، ثم تضعف القدرات لديه بشكل عام،
فهو ليس بتخلف عقلي فمن الأعراض التي تظهر على الطفل التوحدي وتختلف من طفل إلى آخر:
1- لا يهتم بمن حوله
2- يقاوم الاحتضان
3- يردد الكلام مثل الببغاء
4- انطواء ذاتي لا يشارك الآخرين اللعب
5- الرفض لتغير الروتين
6- يتعلق بشيء معين
7- ليس لديه خيال وإبداع أثناء اللعب أو التعلم
وإلى الآن لم يعرف السبب الواضح لهذا المرض مما يسبب ألما نفسيا وجهدا بدنيا للأسرة بشكل عام، فمتى اكتشفت الأسرة أنه توحد تبدأ معاناتهم:
1- أين أذهب به؟
2- من سوف يحتضنه؟
3- ما هي الخدمات التي تقدم له؟
4- لماذا لا يكون مع فئة تناسب قدراته؟
5- إلى متى يدمج مع غيره من فئات التخلف؟
وهو كما ذكرت تقليدي يقلد كل ما يدور حوله، وله قدرة فائقة على المحاكاة، فإذا دمج مع فئات التخلف العقلي فمن الطبيعي أنه سوف يتغير مستواه، ويصبح متخلفا عقليا،
بينما الطفل التوحدي عكس ذلك تماماً، ولقد شاهدت نماذج من أطفال التوحد فمنهم من حفظ أجزاء من القرآن، ومنهم من وصل الى المراحل الجامعية خارج المملكة ودرس في تخصصات جيدة وذلك بسبب الاكتشاف المبكر، وضم الطفل مع نفس فئة التوحد في مراكز متخصصة، ولكنه برسوم خاصة، ومنهم من أخذ سلفة طويلة الأجل من أجل ان يدخل ابنه في مراكز خاصة للتوحد.
كم هي كبيرة معاناة الأهل من ذلك المرض، فقد سمعت منهم وعشت مع همومهم التي لا تنتهي،
فانظر أخي قد من الله عليك وعلي وهي نعمة عظيمة أننا أسوياء وبأبناء أسوياء- ولله الحمد- فكيف بمن لديه أربعة أو خمسة توحديون.
علما أن الطفل التوحدي يحتاج خلال الشهر الواحد من تكاليف العلاج والتعليم والأدوات الخاصة به 8000 ريال شهرياً.
علما أن المراكز المتخصصة في تعليمه التي تطابق المعايير الدولية التي من خلاله يستفيد الطفل، ويتقدم ويستطيع الاعتماد على نفسه، ويصل الى مراحل متقدمة هي مراكز برسوم خاصة تبلغ تكلفة المركز من 25000 ألف ريال إلى 38000 ألف ريال سنوياً، وهي مراكز محدودة العدد مع العلم أن الطفل التوحدي ينسى كل ما تعلمه طوال العام، وذلك بسبب العطلة الصيفية فيعود مرة أخرى بنفس المواد التي تعلمها العام الماضي مما يزيد العبء والضغط المادي على الأسرة.
أخي القارئ : تأمل معي كيف سوف تعيش تلك الأسر، وهذه الأجور المرتفعة للمراكز، ولا يوجد لها دعم، فهناك بعض الأسر كان وضعها المادي ممتاز وتحول إلى وضع متدني جداً بسبب تكاليف ابنه التوحدي وبعض منهم لا يتناولون إلا وجبة واحدة في اليوم، ويضطرون إلى أخذ الملابس المستعملة ويلبسها الابناء كل ذلك من أجل توفير مصاريف العلاج والتعليم وغيرها للتوحدي،
قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ( أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة ) ( رواه الطبراني ). وعن أنس أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) ( رواه البخاري )، وقال: ( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) ( رواه مسلم ).
أخي القارئ :
هل تريد أو تريدين أن تكونا من أحب الناس إلى الله سبحانه وتعالى إذاً علينا أن نتكاتف جميعاً من أجل هذه الفئة الغالية على قلوبنا التي من الممكن بتكاتفنا وتعاطفنا ودعمنا لهم أن ندخل السرور على قلوب أسرهم ونخفف من معاناتهم.
وقد يسأل بعضهم لماذا تركيزي على فئة التوحد بالذات؟ لأنها الفئة التي بالتعليم والتدريب والتطوير السلوكي تكون قابلة للتغير والاستجابة القوية، وتصبح فئة سوية بإذن الله تماثل الفرد الطبيعي.