الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 / 24-جمادى الأولى-1446

التنمـية الجامعـية بين قرارَين



 

د. خالد الحليبي

اعتماد افتتاح الجامعات في بلادنا أسهل من اعتماد قسم علمي في كلية، أوبرنامج ماجستير أو حتى دبلوم لسنة واحدة، ذلك لأن القرار الأول في يد خادم الحرمين الشريفين، الذي ينظر إلى أن عجلة التعليم العالي تجري بسرعة الضوء في العالم، وهي سبيل الرقي  والتقدُّم، والمصنع الذي ينتج القيادات في جميع مجالات الحياة بلا استثناء، ولذلك ضاعف أعداد الجامعات، وتوّجها بجامعته الفريدة على مستوى العالم؛ وذلك من أبرز إنجازات مليكنا «حرسه الله بحفظه».

  ولكن القرار الثاني (أعني افتتاح قسم أو برنامج) في يد الأكاديميين، وما أدراك ما الأكاديميون؟!

  وهم أشد اختلافًا من المثقفين في أنديتهم، يا ويلتاه من نظراتهم التي يسمّونها علمية!! (هذا الموضوع يمشي.. وهذا.. والله مـا يمشي)، وبناء على هذه الألفاظ التي تشي بقدر كبير من الأرستقراطية والبيروقراطية والشخصانية والأنانية، يتعثر قسم ينتظره سوق العمل، وبرنامج يكون الوطن وإنسان هذا الوطن في أمسّ الحاجة إليه.


التخصص ينبع من الحاجة، وليس صحيحًا أن تفرض الحاجة تخصُّصًا معيَّنًا، ثم نبقى ندرس الموضوع سنتين وثلاثًا وأربعًا، في عصر يتقدَّم فيه العلم كل لحظة!

وحين تبدأ حكاية بنائه ودراسته ومراجعته واعتماداته رحلتها فإن الأيام تتحوّل إلى شهور، والشهور إلى سنين، مجلس القسم يقدّمه إلى لجنة من المختصين، تعكف عليه ستة أشهر أو سنة لتبنّيه وتدرسه، ثم يعود إلى القسم الذي فيه المختص وغير المختص،

ومع ذلك فلابد أن يُعيده مرة أخرى بمجموعة من الملاحظات، ثم تعدل اللجنة؛ ليوافق عليه مجلس القسم، ثم يذهب إلى مجلس الكلية؛ وقد يعود خائبًا،

(لماذا هذا يمشي بسرعة وذاك لم يمش بسرعة!) فإذا نجا بعد سنة يذهب إلى لجنة الدراسات العليا، وعليها أن تلتمس عددًا من الملاحظات، ثم تعيده مرة أخرى، ثم يعدّل،

ثم يذهب إلى المجلس العلمي، ثم إلى مجلس الجامعة، ثم إلى وزارة التعليم العالي، وقد تتخلل هذه المحطات محطات لجان أخرى،

ثم يذهب إلى وزارة الخدمة المدنية ليعيش هناك عامًا أو عامين أو أكثر (بلا مبالغة)؛ تراسل الوزارة خلالها عشرات الجهات العلمية والحكومية؛ لتتأكد من صلاحيته ومناسبته لاحتياج سوق العمل، خلالها يذهب ويعود إلى الجامعة والكلية والقسم واللجان، ثم يفرج عنه،

حينها تكون سوق العمل تغيّرت، وإذا بقيت تحتاجه، فإننا نكون قد تخلفنا بقدر ما مرّ من سنوات..!!

بل إن وثيقة المشروع أصبحت قديمة بمفرداتها ومصادرها في ميدان العلم نفسه!

التخصص ينبع من الحاجة، وليس صحيحًا أن تفرض الحاجة تخصصًا معينًا،

ثم نبقى ندرس الموضوع سنتين وثلاثًا وأربعًا، في عصر يتقدّم فيه العلم كل لحظة!! 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم