عنوان أقصوصة تربوية طالما سمعناها ـ صغارًا ـ من والدينا ومعلمينا ؛ عرفنا من خلالها أن عدوى الفساد
كبرنا شيئًا مّا ، وفهمنا المعنى البعيد والأعمق لهذه الحكاية ؛ بمعنى : أن الجليس السوء (( يعدي كما يعدي الصحيحَ الأجربُ ! )) ، وعرفنا لماذا يحرص مربونا الفضلاء على إبعادنا عن أصحاب السوء .
ولكن يبدو لي أن تلك التفاحة الفاسدة أيضا كبرت معنا ! ، وأدركت ما فهمناه وما اتخذه العقلاء من ردة فعل تجاهها .
وكأي فيروس يُحَارَب ويُوَاجَه بمضاد حيوي ؛ فيتخذ شكلاً آخر للمقاومة ؛ فإن تفاحتنا بدأت في عصرنا الحديث تفعل الشيء نفسه ؛ فبدلاً من أن يسري الفساد منها إلى غيرها عن طريق المحاكاة والاحتكاك الفطري ؛ طفقت تعمل جاهدة على إفساد ما حولها في ثوب ماكر ، وجهد جهيد ! تشتم من خلاله رائحة التكلف المقرفة ! .
لقد قرأت هذا في أعين أولئك الضعفاء عبّاد الهوى والشهوات ، لمسته في حرصهم الشديد على إيجاد من يشبههم في المجتمع ؛ مستخدمين كل أسلحة الإغراء والتحريض لإيقاع من نسميه : ( الإنسان الإمّعة ) في شِراكهم التي يعانون هم وذووهم من ويلاتها وآثارها السيئة أشد المعاناة ، وراحوا من جراء ذلك يبحثون عن مماثل يخفف عنهم تفردهم بها ! .
وحين يتم مرادهم الخبيث تعال لتتفرج على النظرات الهاربة في عين ذلك المسكين الذي وقع فيما وقعوا فيه ؛ تعال بسرعة ؛ أجل بسرعة !
ليته تأمل قول الله تعالى : (( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيما )) . سورة النساء ، الآية : 27 .
لعلك تتساءل هنا عمن أقصد ؟ إنني أقصد ـ بصراحة ـ ذلك الإنسان الذي يبتلى بعادة قبيحة أو خلق ذميم ، أو باقتناء شيء شره أكثر من نفعه ، ولا يقف عند هذا الحد ؛ بل تراه يعمل جاهدًا على إشاعته في الصالحين من حوله فضلاً عن الطالحين ؛ متجاهلاً أو متناسيًا قوله جل وعلا : ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) ( النور : 19 ) .
وأخيرًا :
اللهم ، يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك ، ويا مصرف القلوب والأبصار ، صرِّف قلوبنا على طاعتك ، واكفنا شرار خلقك بما شئت ؛ إنك أنت السميع العليم ! .