قد تجول في خلد كثير منا أسئلة حول الأولاد، هل حب الأولاد يحتاج إلى تعلم؟ مَن مِنا لا يحب أولاده؟ أولادنا يشعرون بحبنا لهم فلِم هذا الموضوع؟ وغير ذلك من الاستفهامات .
الأمر ليس كذلك، فكل الآباء يحبون أولادهم ولكن الأمر الذي نحتاجه حقًا أن نعرف كيف نظهر لأولادنا هذا الحب ونشعرهم به؟
التربية بالحب منهج يعتمد على استخدام المشاعر والأحاسيس أثناء عملية تكوين الفرد ذاتياً ومجتمعياً، واكسابه الخبرة الحياتية بأساليب ودودة بعيداً عن العنف.
أكثر المشاكل الأسرية أسبابها عدم وجود الحب في البيت بين الوالدين والأولاد ، ولأن الحب حاجة أساسية ملحة في الفرد ، يبحث عنه الولد في بيته ، فإذا لم يجده داخل البيت فإنه سيعاني كثيرا ، مما يضطره للبحث عنه خارج البيت ، وهنا تبدأ المشكلة عندما يجده في رفقاء السوء أو العلاقات المحرمة أو من خارجي القانون .
كثير من الآباء والأمهات يرون أنه لا فائدة في تربية الأولاد ومعاملتهم سوى بالعقاب والشدة ، ويضربون بسائر الأساليب والوسائل التربوية عرض الحائط ، ويستدلون على صحة منهجهم بأنهم تربوا على هذه الطريقة، قال لي أحدهم: كنت أقف أمام والدي ، فلا أحاوره ، ولا أقاطعه ، وليس مسموح لي بالرد أو الكلام ، لأن ذلك من سوء أدب الابن مع أبيه ، وفوق ذلك كان والدي يصرخ ويرفع صوته ، ولا أدري متى أتلقى صفعة أو لكمة يمينا أو يساراً، وقد رباني هكذا حتى صرت رجلاً كما تراني. قلت له: أنت تتبع نفس المنهج مع أولادك، فرد متحمساً: طبعاً، ويسيرون على الصراط المستقيم. قلت له: صف لي ولدك وهو أمامك وأنت تكلمه.. فقال: يقف أمامي يرتجف، وينصت لكلامي، ولا يرد.
كم سيغرس هذا الأب ومن في شاكلته في أولادهم الجبن والخنوع والخضوع والخوف ، وكم سيقدمون للمجتمع من شخصيات مهزوزة مضطربة نفسياً، تنتقم من نفسها ومن المجتمع .
أخي وأختي … كم مرة قلت لولدك أحبك؟ كم مرة ضممته إلى صدرك وقبلته ؟ وكم لمسة حانية خرجت منك له ؟ أسئلة بمثابة الصاعقة على رؤوس بعضنا ، اسأل نفسك وأجب بصدق ، قد نحصيها على أصابع اليد، بل قد لا نحصيها أساسًا لأننا لم نفعلها، قد يفرح البعض ويقول كنت أقبّل ولدي وهو طفل مائة مرة في اليوم!! ولكن هل ما زلت تٌقبّله بعد أن كبر وشارف على البلوغ؟ إن أولادنا يحتاجون منا تلك القٌبلة والضمة واللمسة الحانية والطرفة والقصة واللعبة …. وغيرها في الصغر والكبر، لأنه ليس من أحد يكبر على حاجته للحب والحنان.. تلك السلوكيات الجميلة تهون على أولادنا كثير من الآلام التي يمرّون بها ، بل وتجعلهم يشعرون بنشوة السعادة ، أخيرا علّم نفسك أن تقول لهم : أحبك! أحبك يا قرة عيني – أحبك يا فلذة فؤادي- أحبك يا روح قلبي ، دمتم بخير وسعادة .
عدنان سلمان الدريويش
المستشار الأسري بجمعية التنمية الأسرية بالأحساء