لأول وهلة قد يكون هذا العنوان متناقضا؛ لأنه يجمع الاستقرار بمعناه الشائع وهو بقاء الأمور على حالها وبين التغيير وهو الانتقال المقصود من حال إلى حال، وهو لا يكون في طبيعة الحال إلا تطلعا لما هو أفضل، وفي موضوع الأسرة خاصة هو البحث عن السكون ومن ذلك قوله تعالى: (… وجعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).. بقليل من التمعن يتضح أن التغيير الذي نتحدث عنه هو ما يجعل السكينة أكثر قوة بين أفراد الأسرة ويجعل كل طرف يشعر باهتمام الآخر ومحبته، خاصة أن علاقات كثير من الأسر تغلب عليها الجدية، بل إن بعض الآباء لا يظهرون للزوجة أو للأبناء حقيقة مشاعرهم وإن كانوا يحملون لهم أسمى مشاعر المحبة، ويبدو هذا الأمر أكثر وضوحا عندما تتردد بعض الأمهات في التعبير عن مشاعرها تجاه الزوج والأبناء لأسباب تضعها هي نفسها وبعضها ظنونا بأن ذلك لا يجدر بها، أما حينما يفعل ذلك الزوج بكتم مشاعره تجاه زوجه وأولاده لاعتقاده مخطئا أن ذلك يضعف شخصيته أمامهم فإن ذلك يكون أمرا عجيبا بكل معنى الكلمة.. إن التعبير للزوجة والأبناء بل وللأصدقاء والأقارب عن المشاعر الصادقة تجاههم أمر مرغوب تحث عليه الشريعة لما فيه تقريب النفوس ونقاء القلوب وإدخال السعادة على الآخرين وإحساسهم بأن في هذه الحياة المليئة بالهموم والمسؤوليات مَن يحبهم، ومع أن التعبير بالقول والعمل عن المشاعر تجاه الأهل والآخرين هو من أجمل الأخلاق، كما أن من يفعله من الآباء والأمهات يضرب لأبنائه القدوة والمَثل فيتوارثون هذه الأخلاق الطيبة جيلا بعد جيل فما بالك بمَن لا يضرب هذا المثل الطيب بل يستبدل به ذكر أهله وإخوانه وأقربائه بالسوء أمام الأبناء والأحفاد فيورثهم الكراهية والخلافات التي تنتقل من الآباء للأبناء دون داع ولا سبب، وإضافة إلى التعبير الكلامي المطلوب عن المحبة لأفراد الأسرة فإن على الآباء والأمهات العمل على تحسين جودة الحياة للأبناء بقضاء أوقات جميلة معهم والاستماع إلى همومهم وأمنياتهم ومساعدتهم على تحقيق الممكن منها، فذلك يجعلهم أكثر ثقة في أنفسهم وأكثر محبة لوالديهم وإخوانهم ومن ذلك اصطحابهم في الرحلات وزيارة الأقارب والاحتفال بالمناسبات العائلية والاجتماعية، وتقديم الهدايا لهم في المناسبات كالنجاح وغير ذلك، وأن توفر لهم الاحتياجات المادية التي تجعلهم لا يقلون شأنًا عن زملائهم وأقرانهم وبذلك فإن التغيير المطلوب لتحقيق استقرار أكثر رسوخًا في حياة الأسرة هو الذي يترك فيه بعض الآباء والأمهات ما يعتقدون أنها أساليب تحفظ لهم مكانتهم العالية، والتي لا تكون كما يتصورون إلا بوجود فجوة مع الأبناء بل وبين الزوجين نفسيهما أيضًا.. فما أجمل هذا التغيير وما أهم الدعوة إليه!!
————
أ. فهد الخالدي
المصدر : صحيفة اليوم