من الأمور الهامة في تطبيق اسلوب مشاركة الوالدين لمشاعر طفلهما هو عدم تكرار الآباء لعباراتهم مع أبنائهم بصورة آلية.. لأنّ الأطفال أذكياء.. وسيكتشفون عدم إحساس آبائهم بمشاعرهم.. وسيشكون في إخلاصهم وهم يجيبونهم.. وبالتالي لن يفيد ذلك الأسلوب في تطوير سلوكهم.
علينا إذن أن نكون مقنعين في تكرارنا لجملهم.. أو نستخدم كلمات أخرى تناسب عباراتهم..
فإذا قال الطفل لوالده: أنا خائف قليلاً.
يستطيع الأب أن يقول له: أنت خائف من أمرٍ ما؟.
وقد يكون في إمكان الأُم أن تدير الحوار على شكل سؤال.. فإذا جاءت الابنة إلى أُمّها قائلة: لقد مزقت مُدرستي ورقتي أمام جميع الطلبة في الفصل.
فإن على والدتها أن ترد عليها بنفس عبارتها متسائلة: هل مزقت المُدرسة ورقتك أمام كلّ شخص؟.
فالأُم هنا تريد معلومات أكثر حتى تعلم المزيد عما يضايق ابنتها.. أو تستطيع أن تعلق بجملة مختصرة قائلة: أوه، هل فعلت مدرستك معك ذلك؟.
أو تهز رأسها متجاوبة مع ابنتها.
إنّ عباراتنا هذه تشعر أطفالنا بأننا نصغي إليهم.. وندعوهم للإفصاح عما يضايقهم، وقد نبدو أننا أكثر تجاوباً معهم عندما نعبر عما يضايقهم بجمل تعبر عن المعنى الذي يريدون التعبير عنه.
مثال على ذلك، هذه النماذج الواقعية التي تحدث لأكثر الآباء، قد يأتي طفل إلى والده ليشتكي أن صديقه قد استهزأ بنظارته الجديدة، إنّ الإجابة المناسبة لهذه الشكوى أن يقول الأب لابنه:
– لابدّ أنك تضايقت مما فعل صديقك.
أي أنّه شاركه شعوره.
وعندما تشتكي ابنة لأمّها أن صديقتها دعت جميع صديقاتها إلا هي، عندئذ على الأُم أن ترد على ابنتها معبرة عن اعترافها بشعورها قائلة:
– أعتقد أنكِ شعرت بخيبة أمل.. أو أنكِ غاضبة لأنّها لم تدعك مع بقية الصديقات.
إذن، أبناؤنا يريدون منا مشاركتهم لأحاسيسهم.. لا أنّ نقلل من شأن الأمور التي تضايقهم، أو نلومهم على تقصيرهم، لقد استفادت والدة محمّد من هذا الأسلوب التربوي، عندما جلس ابنها البالغ من العمر عشر سنوات ليحل واجباته الدراسية في غرفة المعيشة.
كان قد مضى عليه ربع ساعة وهو يعض قلم الرصاص، ويتأفف من صعوبة المسائل الحسابية التي يقوم بحلها، وفجأة رمى دفتر الواجبات على الأرض قائلاً: بغضب:
– ما أكره هذا الواجب الثقيل، طرح وجمع وضرب، لا أدري متى أنتهي منه؟.
أجابت الأُم بمهارة تدل على إدراكها لأسلوب فهم مشاعر الطفل والاعتراف بها قائلة: إنك تتعب كثيراً في المدرسة.. ثمّ عليك أن تؤدي واجباتك الدراسية عندما تعود إلى البيت.. وهذا أمر صعب.. أعلم ذلك.
نظر إليها ابنها في دهشة، لأنّه كان يتوقع منها محاضرتها المعتادة التي تبدؤها قائلة:
– والآن اجلس واهدأ وابدأ في العمل، الشكوى ستجعلك تشعر بالضجر فقط، وسيكون أداؤك لواجبك أسوأ.
لذلك شعر محمّد بالارتياح لتجاوب أُمّه مع مشاعره.. وأمسك بالقلم ليكتب وهو يقول:
– سأحاول أن أركز أكثر في حل المسائل.
لاحظنا إذن، أن حديث الأُم مع ابنها الذي عكس إحساسها بما يشعر به وما يضايقه امتص غضبه وضيقه، وجعله يحاول أن يؤدي عمله بنفسه.. لقد ساعدته والدته في دراسته، دون أن تشاركه في حل مسألة حسابية واحدة، وبالطبع لا نتوقع أن تكون ردود الأفعال كلها متشابهة، لأن لكل طفل شخصيته وصفاته التي يتميز بها، لكننا علينا أن نفهم أبناءنا، ونحاول أن نواصل تجاربنا بهذا الأسلوب لأنّ نتائجه ستكون إيجابية.