الأحد 22 ديسمبر 2024 / 21-جمادى الآخرة-1446

? الإجازة…والتفريط في الصلاة



 

بسم الله الرحمن الرحيم

✍️️ مؤلم جداً حال البعض تجاه صلواتهم في الإجازات ؛

 تفريط كبير لهذه الفريضة التي هي من أعظم الفرائض ، والحال – كما لا يخفى – نوم عن صلاتين أو ثلاث بل ربما أربع في غالب أيام الإجازة .

 ? فالكثير من هؤلاء نومهم بعد الفجر أو عند السابعة والثامنة صباحاً بل يصل إلى السهر – عند البعض – 

 للعاشرة صباحاً ثمّ نومهم إلى قريباً من المغرب وبعد المغرب ، وجمعٌ منهم لا يستيقظون إلا بعد صلاة العشاء مقدِّمين بذلك شهواتهم ورغباتهم في السهر وتلبية ومسايرة مجتمعهم في كثير من الأحيان ، وهذا لا ريب ولا شك تفريط كبير جداً في أعظم فريضة فرضها الله على عباده .

وأمر الله لا يُؤخذ بالتشهي وأن لا مبالاة ، بل العبودية الحقه هي الإستجابة لأمر الله في كل وقت وكل حين لجميع أوامره ، فكيف إذا كان في أعظم الأوامر طاعة ، وأخطرها تفريطاً – وهي الصلاة – !

 ? لقد جعل الله للصلاة مواقيت لا يجوز بحال التفريط فيها ، وخطورة ذلك التفريط ظاهرة في النصوص من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام .

ففي كتاب الله يقول تعالى :

“…إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (١٠٣) سورة النساء .

فهي مؤقتة بأوقات محدودة معلومة .

ورسول الله عليه الصلاة السلام قد علّم أمته هذه الأوقات بهديه وسنته ، وقد كان حريصاً عليها كل الحرص حتى في حال حربه ومرضه .

وقد توّعد اللهُ المفرّط فيها بالعذاب ، فقال تعالى :

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ” [ مريم: 59]

قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- في معنى ( غيّاً ) :

واد في جهنم بعيد القعر خبيث الطعم

 ? النائم عن الصلاة قد عرّض نفسه لعقوبة لا طاقة له بها ، فقد توّعد الله من نام عن الصلاة بعذاب البرزخ – الذي لا يعلم أحدٌ مدته إلا الله – أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث سمرة بن جندب قال صلى الله عليه وسلم :

في رؤياه التي رآها في المنام – ومروره على المعذَبين في البرزخ – حتى قال : وإنهما قالا لي انطلق وإني انطلقت معهما ( وإنا أتينا على رجلٍ مضطجع وإذا آخر قائمٌ عليه بصخرة ٍ وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر هاهنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى ) قال قلت لهما سبحان الله ما هذا قال قالا لي انطلق انطلق وقد فسرها في نهاية الرؤيا بقوله أما إنا سنخبرك أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر؛ فإنه الرجل : يأخذ القرآن فيرفضه ( وينام عن الصلاة المكتوبة  )

فجعل هذه العقوبة ( وهي ضرب الرأس بالحجر فيتكسر ويعود مرة أخرى ويتكسر ) لمن نام عن الصلاة ، فأي جسد يتحمّل هذا العذاب

 ? النائم عن الصلوات قد حرم نفسه شهادة الملآئكة له بين يدي الله تعالى بحضور الصلوات وشهودها مع الجماعة ، فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “يتعاقبون فيكم ملائكة ٌ بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ثم يعرج الذين باتوا فيكم؛ فيسألهم – وهو أعلم بهم – كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون

فمن كان نائماً في هاتين الصلاتين فأي شهادة ستشهد له بها الملآئكة !

 ? وتأمّل معي هذا الحديث ، فقد أخرج الحاكم وغيره من حديث أنس قال -صلى الله عليه وسلم-:

أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، و آخره الصلاة فالصلاة آخر مايفقدها المرء من دينه ، فمن فرّط فيها بتركها بالكليّة أو تضيع وقتها أو جمعها بغير عذر شرعي فقد غامر في آخر شرائع الإسلام  وأعظمها مكانة

والآثار في خطورة الترك كثيرة لا تُحصى .

 ?  التفريط في الصلاة وتضييعها بهذه الصورة لا شك أنّه من دلائل عدم تعظيم أمر الله ، وكفى بهذا سوءاً وخطراً على صاحبه .

فالمفرّط في الصلاة المضيّع لأوقاتها قد خفّ أمر الله عنده ولم يكترث بعظمتها ، وضعف خوف الجليل سبحانه من قلبه ، وإلا فأي تفريط أعظم من أن تكون الصلاة آخر اهتمامات العبد ، ولو فرضنا أنّ موظفاً يعمل في دائرة وهذا ديدنه في أوقات الدوام ( نوم وتفريط ) هل يُبقيه ربُ العمل أم يسرحه ويبحث عن رجل جادٍ غيره !؟

 ? وليوقن المفرّط بالصلاة والممضي لوقته بهذه الصورة سهر الليل كله ونوماً النهار كله أو جزءاً كبيراً منه أنّه – وإن صلى بترتيبه الذي اختاره لنفسه – على خطر عظيم فقد توّعد اللهُ المصلين المضيعين لأوقاتها بالويل – وهو العذاب الأليم – فقال سبحانه ؛

فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ” [الماعون: 4-5

قال ابن مسعود رضي الله عنه :

ذلك أي : ذلك الوعيد على مواقيتها ؛ يعنى عن تأخيرها عن وقتها ” 

فكيف بمن ترك بالكلية !!

? ومن نظر في حال كثير من المفرّطين في صلواتهم بهذه الصورة المؤلمة تجدهم ممّن أنعم الله عليهم بالصحة والمال ومتّعهم بنعم الدنيا من أجهزة تكييف وراحة ، فكيف نقابل نعم الله بهذا الكفران لها

 

? فليتق اللهَ عبدٌ فرّط بهذه الشعيرة ولم يكترث بها لأجل سهرة فارغة أو رغبة جامحة لنفس آثرت البطالة وضيّعت أعظم فرض .

وليعلم أنّ آثارها السيئة خطيرة عليه في الدنيا من الهمّ والغمّ ، مع ما تُوعِّد به من العذاب في قبره وعند لقاء الله تعالى .

 

اللهم ارزقنا تعظيم أمرك واجعلنا من المحافظين على فرائضك .

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم