هل تريد أن تكون إنساناً مبدعاً؟
هل تريد أن تكون من صُنّاع الحياة الحقيقيين؟
إنّ الإبداع والصناعة الحقيقية للحياة، وصفٌ يستعصي على الواصف ذكره، أو وصفه، إذ بعضُه تجديدٌ، وبعضه الآخر تمرّدٌ على كينونةٍ مسلَّمٍ بها، أو انغلاق على ماضٍ بتأصيلٍ جديدٍ، وفكرٍ نيِّرٍ بأسلوبٍ عصري.
بل أقول:
إنّ الإبداع هو اقتحامٌ في لجّة الفتور والانخزال، بل هو تمرّدٌ على واقعٍ معاش باقتلاعه إلى واقعٍ أفضل وأحسن من الذي هو عليه، بل قال بعضهم:
– هو وفاءٌ في ساعة نكوص.
– وفصاحةٌ إذا رطنت الألسن.
– وكرمٌ إذا اختبأت الأيدي.
– وسموٍّ إذا نطق الإغراء.
– ونبلٌ عندما يسفل التعامل.
– وسترٌ إذا استرسلت الفضائح.
– وفناءٌ إذا قدِّست الذات.
كما أنّ الإبداع هو الاجتهاد أيضاً، إذ هو:
– انتشالٌ من وهدةٍ؛
– وتوجيه في ساعة حيرة؛
– وتخصيصٌ من بعد تعميم؛
– وتعميمٌ لمبادرة؛
– وأذانٌ في نيامٍ؛
– وسلوةٌ بين أحزان؛
– وتحقيق عند الجزاف؛
– وإثقالٌ لكفّة الميزان
– إذا هبطت صاعدة؛
– وانتباهٌ لتبكيت النفس إذا استبدّت منحدرةً في الهاوية وهي تتوهّم الارتقاء.
– أيقظ في نفسك روح الابتكار والاختراع، ودع إبداعك هو الذي يتكلّم عنك (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (الذاريات/ 21).
قرِّر في هذا اليوم أن تكون مُبدعاً، تُنتِجُ للحياة شيئاً جديداً، روحاً فيه الدهشة والإبداع.
قرِّر مثلاً: أن تبدع في صناعة طبقٍ من الحلوى وتقوم بتزيينه، أو أن تزرع بعض البذور في حديقة منزلك، أو رتِّب كتبك ودفاترك في مكتبتك.
قرِّر في هذا اليوم أن تكتب رسالة لشخصٍ عزيزٍ عليك.
قرِّر في هذا اليوم الذي أنت فيه أن تنسق زهور حديقتك.
قرِّر في يومك الذي تعيشه وتتنسم هواءَه، أن تقوم بشيءٍ جديدٍ ولو في غرفتك التي تنام بها.
قرِّر في أعماق نفسك؛ أنّ سعادتي اليوم هو إبعاد الكآبة والحزن عن غيري من أقاربي وأصدقائي وعائلتي.
هذا هو الشيء الذي أبدعه هو جهدٌ أقوم به في طاعة ربي.
لأنّ الشخص المبدع يرى في الأمور العادية رؤىً جديدة، فهو يملك حواساً مرهفة وحسّاسة جدّاً، خاصّة حينما نهتمُّ بها وننمّي فيها الحسّ الإبداعي؛ وهو يأخذ أكثر أفكاره من التأمل فيما حوله، فقد توصّل الإنسان إلى وسائل التمويه من الحرباء وهي نوع من الزواحف يتلوّن بصورٍ مختلفة، فدائماً تأتي الأفكار المبدعة من العقل البشري الذي يتأمّل ما في البيئة ويتخيّل، ويدرس إبداعات الآخرين، ويحاول ويجرب ويرى العلاقات الكامنة بين الأشياء، والتي ربّما يعجز الآخرون عن رؤيتها، كالذي لاحظ البخار المتصاعد من الغلّاية الموضوعة على الموقد فتوصّل إلى قوة البخار، وعرف أنّه يمكن الاستفادة من هذه القوة في توليد الحركة.
|