الأربعاء 27 نوفمبر 2024 / 25-جمادى الأولى-1446

الأمومة المتأخرة والحياة المهنية للمرأة



جملة من الأسئلة تطرح نفسها عند الحديث عن هذا الموضوع، وعلى رأسها هل صحيح بأنه من الصعب على المرأة الاختيار بين أن تصبح أما أو أن تنجح في مهنتها؟ وهل تؤثر الأمومة المتأخرة للمرأة على ذلك؟ وهل تفضل المرأة أحداهما على الآخر وما الأسباب التي تقف وراء ذلك؟ في الغرب هناك ما يطلقون عليه ظاهرة “الأمومة المتأخرة” أي انجاب المرأة لأطفال في سن متأخرة، وبالتحديد بعد الثلاثين من العمر.

السبب الرئيسي هو الحياة المهنية للمرأة بحيث أن هناك نساء يتأخرن في الحمل من أجل انجاز النجاح الذي يرغبن به في الحياة المهنية. 

 


عمر المرأة عامل حاسم في الحمل:

دراسة برازيلية صادرة عن ” نقابة المرأة العاملة” في مدينة ساو باولو البرازيلية قالت أن العمر عامل حاسم عندما يتعلق الأمر بحمل المرأة. ولكن كثيرات هن اللواتي يتجاهلن هذه الحقيقة بسبب تركيزهن على نجاحهن المهني ويجدن صعوبة في الاختيار بين أن تصبحن أمهات أو مهنيات ناجحات.

 وأضافت الدراسة بأن ظاهرة الأمومة المتأخرة تتنامى في الغرب وفي البرازيل أيضا. وأوردت احصائية تقول بأن 38% من نساء البرازيل يحملن بعد تجاوزهن سن الثلاثين ويأتي قرارهن بالحمل عندما تتأكدن بأنهن قد حققن ماكن يرغبن به من نجاح في الحياة المهنية. ومن هذه الحقيقة تأتي صعوبة اتخاذ قرار الحمل. هناك نساء تتخلين عن فكرة الحمل بعد الثلاثين لاعتقادهن بأن مهمتهن بتحقيق النجاح المهني لم تصل الى الحد المرغوب وبعضهن لايردن الندم بقية العمر لعدم تمتعهن بعاطفة الأمومة فيقررن الحمل وينجبن ويواصلن الكفاح من أجل تحقيق النجاح المنشود في حياتهن المهنية. 

 

المرأة تدفع الثمن غاليا أحيانا : 

قالت الدراسة ان لتحقيق أي نجاح من النجاحات في الحياة ثمن ندفعه، والمرأة تدفع أحيانا ثمنا غاليا عندما تقف أمام صعوبة الاختيار بين أن تصبح أما أو مهنية ناجحة. ولكن اذا تطلب شيء ما ثمنا ندفعه فيجب أن ندفعه بذكاء. يجب أن تفكر المرأة وتعي حقيقة انها ان اختارت أن تسلك طريق النجاح المهني من دون أطفال فانها ستحرم من عاطفة الأمومة المتجذرة في الأنثى وان اختارت الحمل فقد تؤدي المسؤوليات المترتبة على ذلك الى فقدان النجاح المرغوب في الحياة المهنية. الكل يدفع ثمن أفعاله ولكن من الضروري أن لا يكون هناك تطرف في تصرف ما ينجم عنه دفع ثمن باهظ تهتز معه أعمدة الحياة. 


المنافسة الشديدة في سوق عمل المرأة عامل آخر هام
أوضحت الدراسة بأن المنافسة في سوق عمل المرأة الذي يتنامى بشكل مضطرد في العالم يؤدي الى التأخر في اتخاذ قرار الحمل فيفوت القطار المرأة أو ان لم يفت فان المرأة قد تتمكن من اللحاق به في آخر لحظة.

ولكن لهذا التأخر، بحسب الدراسة، نتائج ربما تكون على جانب كبير من السلبية. ومن أهم هذه السلبيات النظرة الاجتماعية للمرأة المتقدمة في السن دون انجاب أولاد، وهناك أيضا احتمال فشل المرأة في الحالتين، أي الفشل في اتخاذ قرار الحمل والفشل في الحياة المهنية أيضا.

وهذا يمكن أن يكون من أسوأ الظروف التي تتعرض لها المرأة.
وقالت الدراسة انه بسبب المنافسة الشديدة في سوق عمل المرأة فان سن حملها يتأخر على وجه الخصوص في المجتمعات الغربية بسبب طموحات تحقيق نجاح مهني لايقل عن نجاح الرجل. وفي هذا المجال أوردت الدراسة احصائية جاء فيها انه مابين عامي 1991 و 2000 ازدادت نسبة النساء اللواتي تحملن مابين سن الخامسة والثلاثين و الأربعين بنسبة 27% في أوروبا والبرازيل. ومن العوامل الأخرى لتأخر المرأة في اتخاذ قرار الحمل ارتفاع متوسط أعمار المرأة في الغرب، بما فيها البرازيل. وأضافت الدراسة بأن هذا العامل يشجع المرأة على التأخر أحيانا في الانجاب لتحقيق حلم النجاح المهني. 


الحمل والعمل معا عبء ثقيل على المرأة :

قالت الدراسة انه على الرغم من الادعاء بأن الحمل لايتعارض مع العمل فان العبء ثقيل على المرأة التي تنجب وتعمل. كما أن القوانين الداخلية للشركات الخاصة تعقد أكثر فأكثر قبول المرأة الحامل أو المرأة التي لديها أطفال صغار في العمر للعمل. واكدت الدراسة بأن هذا يعتبر تمييزا غير مقبول ضد المرأة الحامل و الأم. لكن الشركات التي تلهث وراء الربح الكثير تعتقد بأن انتاج المرأة الحامل يقل عن انتاج المرأة التي ليس عندها أولاد. هذا ينطبق على شركات القطاع الخاص التي لها قوانين داخلية لاتتدخل فيها الحكومات. 


الساعة البيولوجية للمرأة:

قالت الدراسة ان عقارب الساعة البيولوجية للمرأة تتسارع بعد سن الثلاثين وتبرز العجلة في اتخاذها لقرار الاختيار بين أن تصبح أما أو أن تواصل ركضها وراء النجاح المهني. هنا يجب أن تعي المرأة وبدقة هذه الحقيقة لكي لاتشعر بالندم اذا فاتها قطار الحمل، وان فاتها فان ذلك يجب أن يكون بارادتها هي بالذات وليس تأثرا بنصائح أو مواقف الآخرين.
ومن الأمور الهامة جدا هو أن تعي المرأة أيضا بأن الحمل في سن متأخرة يمكن أن يكون خطرا عليها وعلى الحمل والجنين. فالمرأة التي تحمل بعد سن الخامسة والثلاثين يمكن أن تنجنب طفلا معاقا يمكن أن يعقد حياتها أكثر فتضيع فرصة النجاح الذي تسعى اليه مهنيا وتتحول الأمومة الى عذاب وألم دائمين. وأضافت الدراسة بأن الساعة البيولوجية للمرأة تعتبر أيضا عاملا حاسما في اتخاذ قرار الحمل أو مواصلة اتباع الطريق المهني سعيا وراء نجاح باهر. 


رأي خبيرة اجتماعية :

الخبيرة بالشؤون الاجتماعية تانيا توريز التي تشغل منصب أمينة سر نقابة المرأة العاملة في ساو باولو أبدت رأيها في الدراسة بالقول ان المرأة يجب أن تعي موضوع الاختيار بين أن تصبح أما أو مهنية ناجحة بحزم في سن صغيرة وأن لاتتردد في ذلك. وأضافت أنه ينبغي عليها أن تملك القدرة على معرفة ما اذا كانت ستنجح بالفعل في الوصول الى النجاح الذي يرضيها ويعوضها عن فقدان عاطفة الأمومة مع أنه من الصعب جدا على المرأة التخلي عن هذه العاطفة. 

وقالت تانيا بأن القرار الحاسم يقلل من الشعور بالذنب في المستقبل. وتابعت القول أيضا بأن على المرأة أن تقارن بين الرغبة في أن تصبح أما أو أن تصبح مهنية ناجحة وتختار مايناسب شخصيتها ورغبتها. وأوضحت بأن الساعة البيولوجية للمرأة تعتبر خطيرة وأحيانا كقنبلة تفجر وتدمر كل ما أرادت المرأة بناءه في الحياة. 

 أما عن موقفها الشخصي من هذا الموضوع فقالت تانيا انها شخصيا تحب نجاحا معقولا في الحياة المهنية وكذلك الانجاب في وقت ليس متأخراً للتمتع بالحالتين معا، فالأولاد متعة والنجاح متعة ولكل منهما طعم لذيذ وان اختلفا.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم