يبدو أن الانتعاش الاقتصادي، والتطور الثقافي، قد ضربا موعداً أكيداً مع الأحساء، لتكون إحدى المحافظات المهمة في المسيرة التنموية السعودية، وتراهن عليها رؤية 2030 في تحقيق ما جاءت به من وعود براقة، تعيد صياغة المجتمع السعودي من جديد، وتدفعه إلى صدارة المشهد على مستوى المنطقة والعالم.
يبدو أيضاً أن الرؤية استشعرت منذ وقت مبكر، ما لدى محافظة الأحساء من مزايا نسبية نادرة، ليس أولها في الزراعة والسياحة، ولا آخرها في الصناعة والترفيه، فقررت أن تولي واحة النخيل الكثير من الاهتمام، حتى تصبح أحد الأعمدة الرئيسة التي ترتكز عليها رؤيتنا الطموحة؛ وذلك من أجل تنشيط مجالات وقطاعات بعينها، اعتماداً على القطاع الخاص، الذي سيكون له نصيب الأسد من هذه التحركات التنموية والاستثمارية.
لقد رسم صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر محافظ الأحساء صوراً جميلةً ومتألقةً، عندما أعلن بعبارات صريحة وواضحة في حواره مع قناة CNBC أن مستقبل المحافظة فيما تبقى من سنوات الرؤية، مزدهر اقتصادياً وثقافياً، وسينعم سكانها بالكثير من الخيرات والنعم، مرتكزة على المزايا الخاصة بها، ومن أبرزها الموقع الاستراتيجي، الذي جعل منها بوابة سعودية لعدد من دول الخليج، فضلاً عن امتلاكها مُمكنات استثمارية واقتصادية نوعية، كفيلة بأن تجعلها واحدة من المحركات الاقتصادية ضمن منظومة الاقتصاد الوطني.
ولدى الأحساء الكثير من الثروات الطبيعية، أهمها على الإطلاق ثروة النفط الذي يتفجر من أراضيها، وتحديداً من حقل الغوار، الذي ينتج 5 ملايين برميل نفط يومياً، وهو ما يعادل 60 % من إجمالي إنتاج المملكة، و6.25 % من الإنتاج العالمي، مشهد النفط، حوّل الأحساء إلى قلاع صناعية عملاقة، تتصدرها صناعة البتروكيماويات، لخدمة 300 مصنع، موزعة في مدينتين صناعيتين موجودتين فيها، وعندما تصل نسبة الإشغال في هاتين المدينتين إلى 90 % مع وجود ثلاث مناطق لوجستية، فهذا دليل على نمو هذا القطاع، بفضل الله، ثم بفضل الخطط الاستراتيجية التي جاءت بالشراكة بين المحافظة ووزارة الصناعة والثروة المعدنية، وأثمرت عن جذب استثمارات بقيمة 2.7 مليار ريال منذ منتصف العام الماضي وحتى العام الجاري.
ثروات الأحساء لم تقتصر على النفط، وإنما هناك ثروة زراعية ضخمة، تعزز الأمن الغذائي للمملكة، فعلى سبيل المثال بلغت مبيعات التمور في 2022 نحو 77 مليون ريال، ومتوقع أن تصل إلى 112 مليون في نهاية 2023.
مشاهد التألق والتميز في الأحساء، كان لها مسار ثقافي وسياحي مهم، يستند على تاريخ إنساني عريق، وكان هذا أمراً مشجعاً للقائمين على الرؤية، في استثمار مزايا المحافظة بأفضل طريقة، من خلال 12 موقعاً مسجلاً لدى اليونسكو، إلى جانب 30 موقعاً تراثياً مهماً، يقصدها السياح من الداخل والخارج.
ولأن رؤية 2030 لم تترك أمراً في المملكة، إلا وأولته العناية الفائقة، والتخطيط المناسب، فقد عملت الجهات الحكومية، في إطار برامجها المتوائمة مع خطط القطاع الخاص، من خلال مشروع توسعة مطار الأحساء الدولي، وقطاع الضيافة، وتجهيز الطرق لخدمة السياح، إلى جانب تعزيز الخدمات اللوجستية، وسكة الخط الحديدي لخدمة الصناعة، ونقل البضائع، ما يؤكد أننا أمام منظومة متكاملة من البرامج ستجعل من الأحساء رقماً لا يمكن تجاوزه في مسيرة تحقيق مستهدفات رؤية 2030.
———————————
بقلم أ. خالد الربيش
صحيفة الرياض