أ. روحي عبدات
إن ولادة طفل معاق للأسرة يؤثر في أفرادها جميعاً، ولكن الوالدين هما الطرف الأكثر تأثراً كونهما يمران بجملة من الضغوط النفسية والانفعالية وتقع على كاهلهما الأعباء المادية التي تترتب على هذه الإعاقة، إضافة إلى رحلتهما الطويلة بين البرامج التربوية والعلاجية التي ينصح بها الاختصاصيون، مما قد ينعكس على العلاقة بين الوالدين ودور كل منهما فيها، ويؤثر بالتالي في مستوى تفاعل الأسرة وتكيفها مع المحيط الاجتماعي .
من الملاحظ أن ردود فعل الأسرة نحو طفلها المعاق تبدأ من فترة الحمل وقبل خروج الطفل إلى النور، حيث تسيطر على الأم المخاوف والشكوك بمجرد إخبارها أن ابنها الذي تحمل به معاقً، فتتحسب لمواجهة مشكلات أثناء الولادة، وتتخوف فيما إذا ستكون الولادة طبيعية أم لا، وتزداد مخاوف الأم إذا كانت قد تعرضت لخبرات سابقة، وبشكل عام تمر ردود فعل الأسرة تجاه طفلها المعاق بمراحل عدة أهمها:
صدمة الوالدين من جراء وجود طفل معاق في الأسرة حيث الارباك والقلق، والتعبير عن الصدمة بعبارات عدم التصديق وعدم معرفة كيفية التصرف في مثل هذا الموقف.
نكران وجود إعاقة عند ابنهما حيث يعزوان لهما الأمر لخلل في عملية التشخيص ويبحثان خلال هذه الفترة عن مصادر أخرى تثلج صدريهما وتنفي لهما حقيقة أن ابنهما معاق، وفي هذه المرحلة ينظر الأهل لأنماط السلوك الايجابية عند الطفل ويبالغون في تقييمها، ويتجاهلون أنماط السلوك السلبية كنوع من الهروب من حقيقة إعاقة ابنهم.
شعور الزوجين بالذنب تجاه طفلهما، لأنهما لم يتخذا الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع حدوث الإعاقة، وقد يلوم كل طرف الآخر ويُحمله مسؤولية التسبب في هذه الإعاقة.
الغضب وإسقاط اللوم على الأطباء أو على الأجهزة الطبية المستخدمة أو الأدوية الخاطئة التي وصفها الطبيب والتي تسببت في الإعاقة.
المبالغة في تبني الآمال والآمال غير القابلة للتحقيق وتجريب علاجات ليس لها أي أساس علمي.
العزلة عن المحيط الاجتماعي وعدم الرغبة في التفاعل معه من أجل تجنب أسئلة الآخرين المحرجة، وكتمان وجود طفل معاق في الأسرة أحياناً.
تقبل الطفل المعاق واعتراف الأهل بالحقيقة، والتعامل مع الموضوع بلا خجل والاقبال على البرامج التربوية والعلاجية والمشاركة فيها، إلا ان هذه المرحلة قد تتأخر للأسف عند بعض الأسر، ما يؤخر ويقلل من استفادة الطفل المعاق من البرامج التربوية والعلاجية بوقت مبكر من حياته.
ولا شك أن هذه المراحل تترك آثارها السلبية بعيدة المدى في الزوجين قد تصل إلى التوتر المزمن في العلاقة بينهما، ما يؤثر في قدرتهما على مواجهة التحديات القادمة، ويزداد تأثير الضغوط التي يفرضها وجود المعاق في الأسرة مع تقدمه في العمر ومع زيادة متطلباته الحياتية، واقترابه من سن الزواج وبحثه عن فرصة عمل ملائمة. وقد تتخبط الأسرة في كيفية التعامل مع هذا الطفل خاصة عندما تواجهه مشكلات سلوكية لم تمر عليه من قبل كالنشاط الزائد والعدوان وإتلاف الممتلكات، وقد يتبعون أساليب متذبذبة في المعاملة تتراوح بين الحماية الزائدة التي تقيد حركة الطفل، وبين القسوة التي تفاقم من حدة هذه المشكلات.
وفي كثير من الحالات لا يتحمل الأب عبء الضغوط النفسية والاقتصادية على كاهله فيلجأ إلى الهروب من البيت، أو الانفصال عن زوجته. ومن أجل مواجهة هذه الضغوط والتخفيف من حدتها قبل تفاقمها يمكن للأسرة أن تسترشد بالنقاط التالية:
تقبل النتائج التي صدرت عن مختص مؤهل في هذا الجانب، واتباع ارشاداته، من أجل المسارعة في تقديم البرامج التربوية والعلاجية للطفل قبل فوات الأوان، والتفكير في إيجاد حلول عملية للمشكلة بدلاً من لوم الذات أو الآخرين.
عدم الخجل من وجود طفل معاق في الأسرة لأن ذلك قضاء وقدر من الله سبحانه وتعالى ويجب أن نقبل به، وإن كتمان هذا الأمر سيدخل الأسرة في عزلة عن محيطها الاجتماعي، وسيفوّت عليها الاستفادة من الكثير من الفرص التي يحتاجها أفرادها للتعايش والتواصل السليم اللذين تفرضهما علينا طبيعتنا البشرية، حيث أثبتت الخبرة العملية أن فترة الكتمان لن تطول مهما حاولت الأسرة ذلك.
ترتيب مسؤوليات رعاية وتربية الطفل المعاق بين الوالدين والإخوة، وعدم إلقاء الحمل على الأم وحدها، حيث إن المعاق في حاجة إلى مشاركة كل أفراد الأسرة صغاراً وكباراً في البرامج المقدمة له ليشعر بالدمج الكامل.
ضرورة تواصل الأسرة مع المؤسسة التي تقدم خدماتها لذوي الاحتياجات الخاصة، والانضمام إلى مجموعات الدعم الذاتي، والتعرف إلى تجارب الآخرين والاستفادة منها، والحصول على المساندة النفسية والاجتماعية من الأسر الأخرى.
الايمان بقدرات الشخص المعاق وتقبله كما هو، والأمل في إمكانية تطور قدراته على أن تبقى التوقعات ضمن حدود الواقع وليست خارقة للعادة، وعدم اللجوء إلى أي وسائل غير علمية من أجل العلاج.
استمرار الحصول على المعرفة من أصحابها ومصادرها المتنوعة، وسعة الاطلاع حول المستجدات العلمية ذات العلاقة بحالة الطفل.