السبت 23 نوفمبر 2024 / 21-جمادى الأولى-1446

اضطراب القلق الاجتماعي (الرهاب الاجتماعي)



 

اضطراب القلق الاجتماعي (المعروف سابقاً باسم الرهاب الاجتماعي) هو حالة صحية عقلية؛ إذ تشعر بخوف شديد ومستمر من الحكم عليك بشكل سلبي و/ أو مراقبتك من قِبل الآخرين، واضطراب القلق الاجتماعي هو اضطراب قلق شائع، فإذا كنت مصاباً باضطراب القلق الاجتماعي، فأنت تشعر بالقلق أو الخوف في مواقف اجتماعية محددة أو جميعها، ومن ذلك:

من السمات الأساسية لاضطراب القلق الاجتماعي أنَّك تخشى أن يتم الحكم عليك و/ أو رفضك و/ أو إذلالك.

فيمن يؤثر القلق الاجتماعي؟

اضطراب القلق الاجتماعي هو حالة صحية عقلية شائعة يمكن أن تؤثر في أي شخص؛ إذ يعاني معظم الأشخاص المصابين باضطراب القلق الاجتماعي من الأعراض قبل بلوغهم 20 عاماً، وتعاني النساء من معدلات قلق اجتماعي أعلى من الرجال.

ما هو مدى شيوع اضطراب القلق الاجتماعي؟

اضطراب القلق الاجتماعي ليس نادراً؛ إذ يعاني ما يقرب من 5% إلى 10% من الأشخاص في جميع أنحاء العالم من اضطراب القلق الاجتماعي، وهو ثالث أكثر حالات الصحة العقلية شيوعاً بعد اضطراب تعاطي المخدرات والاكتئاب.

هل توجد أنواع مختلفة من القلق الاجتماعي؟

يمكن أن يعاني الشخص المصاب باضطراب القلق الاجتماعي من شكل خفيف أو متوسط ​​أو شديد منه، فقد يختبر بعض الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي أعراضاً مع نوع واحد فقط من المواقف، مثل تناول الطعام أمام الآخرين أو الأداء أمام الآخرين، بينما يختبر أشخاص آخرون أعراضاً في العديد من أشكال التفاعل الاجتماعي أو جميعها، وعموماً تشمل المستويات المختلفة للقلق الاجتماعي ما يأتي:

  1. القلق الاجتماعي الخفيف:

قد يعاني الشخص المصاب بقلق اجتماعي خفيف من الأعراض الجسدية والنفسية للقلق الاجتماعي، ولكنَّه ما يزال يشارك في المواقف الاجتماعية أو يتحملها، وقد يعاني أيضاً من أعراض في مواقف اجتماعية معينة فقط.

  1. القلق الاجتماعي المعتدل:

قد يعاني الشخص المصاب بقلق اجتماعي معتدل من أعراض جسدية ونفسية للقلق الاجتماعي، ولكنَّه ما يزال يشارك في بعض المواقف الاجتماعية مع تجنب أنواع أخرى منها.

  1. القلق الاجتماعي الشديد:

قد يعاني الشخص المصاب بقلق اجتماعي شديد من أعراض أكثر حدة، مثل نوبة الهلع في المواقف الاجتماعية؛ ولهذا السبب عادةً ما يتجنب الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي الشديد المواقف الاجتماعية بأي ثمن، ومن المحتمل أن يعاني الشخص المصاب بقلق اجتماعي شديد من أعراض في جميع أنواع المواقف الاجتماعية أو العديد منها.

من الشائع جداً أن يكون لديك قلق استباقي عند مواجهة هذه المواقف، ومن الممكن أن تتأرجح بين مستويات مختلفة من القلق الاجتماعي طوال حياتك، وبصرف النظر عن النوع الذي تعاني منه، من الهام أن تبحث عن العلاج؛ وذلك لأنَّ هذا النوع من القلق يؤثر في جودة حياتك.

ما هو الفرق بين الإصابة باضطراب القلق الاجتماعي والخجل؟

يمكن لأي شخص أن يشعر بالخجل من وقت لآخر، فقد تتداخل الإصابة باضطراب القلق الاجتماعي باستمرار مع النشاطات اليومية أو تمنعك منها، مثل الذهاب إلى متجر البقالة أو التحدث إلى أشخاص آخرين؛ ولهذا السبب يمكن أن يؤثر اضطراب القلق الاجتماعي سلباً في تعليمك وعلاقاتك المهنية والشخصية، وكونك خجولاً من وقت لآخر لا يؤثر في هذه الأشياء.

عموماً، العوامل الثلاثة الرئيسة التي تميز القلق الاجتماعي عن الخجل هي:

– إلى أي مدى يتعارض مع حياتك اليومية؟

– ما هو مدى شدة خوفك وقلقك؟

– كم تتجنب من مواقف معينة؟

لا يحاول العديد من الأشخاص المصابين باضطراب القلق الاجتماعي الحصول على المساعدة أو طلب العلاج؛ وذلك لأنَّهم يعتقدون أنَّ القلق الاجتماعي هو مجرد جزء من شخصيتهم، ومن الهام التواصل مع اختصاصي الرعاية الصحية الخاص بك إذا كنت تعاني من أعراض مستمرة وشديدة في المواقف الاجتماعية.

ما الذي يسبب اضطراب القلق الاجتماعي؟

ما يزال الباحثون والمتخصصون في الرعاية الصحية يحاولون معرفة سبب اضطراب القلق الاجتماعي، فقد ينتشر اضطراب القلق الاجتماعي أحياناً في العائلات، ولكنَّ الباحثين غير متأكدين من سبب إصابة بعض أفراد الأسرة به وعدم إصابة آخرين؛ إذ ترتبط أجزاء كثيرة من دماغك بالخوف والقلق؛ لذا فإنَّ اضطراب القلق الاجتماعي هو حالة معقدة يجب دراستها، كما يبحث الباحثون أيضاً في كيفية مساهمة التوتر والعوامل البيئية في القلق الاجتماعي.

ما هي علامات وأعراض اضطراب القلق الاجتماعي؟

عندما يضطر الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي إلى الأداء أمام الآخرين أو الوجود حولهم، فإنَّهم يميلون إلى اختبار أعراض وسلوكات وأفكار معينة، فيمكن أن يعاني الشخص المصاب باضطراب القلق الاجتماعي من هذه الأعراض خلال أنواع معينة من المواقف الاجتماعية، أو يمكن أن يصاب بها في العديد من التفاعلات الاجتماعية أو كلها.

يمكن أن تشمل الأعراض الجسدية والفيزيولوجية لاضطراب القلق الاجتماعي ما يأتي:

– احمرار الوجه أو التعرق أو الارتعاش أو الشعور بتسرع نبضات القلب والإحساس بها في المواقف الاجتماعية.

– الشعور بالتوتر الشديد لدرجة الغثيان في المواقف الاجتماعية.

– عدم إجراء الكثير من التواصل البصري عند التعامل مع الآخرين.

– تيبس وضعية الجسم عندما تكون بالقرب من أشخاص آخرين.

تتضمن الأفكار والسلوكات التي يمكن أن تكون علامات لاضطراب القلق الاجتماعي ما يأتي:

– الشعور بالارتباك أمام الآخرين.

– الشعور بالحرج أمام الآخرين.

– الشعور بأنَّ عقلك أصبح فارغاً ولا تعرف ماذا تقول لهم.

– الشعور بالذعر والتوتر من أنَّ الآخرين سيطلقون الأحكام السلبية عليك ويرفضونك.

– الشعور بصعوبة الوجود مع أشخاص آخرين، وخاصةً الغرباء.

– تجنب الأماكن التي يوجد بها أشخاص.

كيف يتم تشخيص اضطراب القلق الاجتماعي؟

يمكن لمقدم الرعاية الصحية مثل الطبيب أو الاختصاصي النفسي أو المعالج تشخيص شخص مصاب باضطراب القلق الاجتماعي بناءً على معايير اضطراب القلق الاجتماعي المدرجة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) الذي نشرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي، وتشمل معايير اضطراب القلق الاجتماعي في الدليل التشخيصي والإحصائي

للاضطرابات النفسية ما يأتي:

– المعاناة من الخوف أو القلق المستمر والشديد بشأن المواقف الاجتماعية لأنَّك تعتقد أنَّه قد يتم الحكم عليك بشكل سلبي أو إذلالك من قِبل الآخرين.

– تجنب المواقف الاجتماعية التي قد تسبب لك القلق، أو تحملها بخوف أو قلق شديد.

– المعاناة من قلق شديد لا يتناسب مع الموقف.

– المعاناة من التوتر و/ أو الضيق من المواقف الاجتماعية التي تتداخل مع حياتك اليومية.

– المعاناة من الخوف أو القلق في المواقف الاجتماعية التي لا يمكن تفسيرها بشكل أفضل بحالة طبية أو دواء أو تعاطي المخدرات.

من المحتمل أن يرى مقدم الرعاية الصحية الخاص بك أو طبيب آخر ما إذا كانت معايير (DSM-5) تتطابق مع تجربتك من خلال طرح أسئلة عن الأعراض والتاريخ، فقد يطرح عليك أيضاً أسئلة تتعلق بأدويتك ويقوم بإجراء فحص بدني للتأكد من أنَّ الدواء أو الحالة الطبية لا تسبب أعراضك، كما يجب أن يكون لدى الشخص أعراض اضطراب القلق الاجتماعي لمدة ستة أشهر على الأقل حتى يتم تأكيد تشخيصه.

حيل للشعور بمزيد من الثقة مع القلق الاجتماعي المعتدل:

لا يوجد شيء أكثر إرضاءً من التفاعل الإيجابي مع الأصدقاء والمعارف؛ إذ أظهرت العديد من الدراسات أنَّ أولئك الذين لديهم علاقات اجتماعية عديدة يعيشون لفترة أطول ويشعرون بالمزيد من السعادة ويكونون قادرين على التعامل بشكل أفضل مع أشياء مثل التوتر والقلق.

لكن عندما تعاني من قلق اجتماعي خفيف إلى متوسط​​، قد تكون التنشئة الاجتماعية مشكلة، فالقلق الاجتماعي المعتدل هو نوع من القلق الاجتماعي خفيف الوطء لا يسبب نوبات هلع خطيرة ومتكررة في المواقف الاجتماعية، ولكنَّه يجعل من الصعب جداً التواصل مع الآخرين اجتماعياً دون الإحساس بالقلق الشديد.

التغلب على القلق الاجتماعي المعتدل بشكل تدريجي:

علاج القلق الاجتماعي وحدك يتعلق بالتغلب على المخاوف وتقليل التوتر والضغط من المواقف الاجتماعية، فتوجد عدة استراتيجيات يمكن أن تساعدك على محاربة هذا التحدي، وأفضل طريقة للتغلب على القلق الاجتماعي المعتدل وحدك هي تحقيق مكاسب صغيرة بشكل تدريجي، فمثلاً:

  1. تعزيز العلاقات الوثيقة:

إذا كنت تملك صديقاً لا تشعر أنَّك قريب منه على الإطلاق، فاقضِ وقتاً أطول معه، وانظر إذا كان بإمكانك التقرب منه وتوطيد علاقتك به، ولقد ثبت أنَّ الأشخاص الذين يشعرون أنَّ لديهم صديقاً واحداً مفضلاً على الأقل يجدون أنَّ من السهل عليهم الاختلاط بالآخرين، ربما لأنَّهم يعرفون أنَّ لديهم شخصاً يدعمهم.

  1. التحدث إلى أي شخص:

يصعب التحدث مع الآخرين عندما تعاني من القلق الاجتماعي، لكن قد تجد أنَّ بعض المواقف لا يكون فيها الأمر بهذه الصعوبة، مثل عندما يسألك البائع في متجر البقالة عما إذا كنت تقضي يوماً جيداً، فلاحظ ما إذا كان بإمكانك الإجابة بثقة وقول: “أنا بخير، كيف حالك؟” بصوت جيد وواثق، ولا بأس إذا كان الأمر محرجاً، لكن كلما تحدثت مع أي شخص، زادت قدرتك على الاستفادة من ذلك للتحدث مع الأشخاص في مواقف اجتماعية أكثر.

  1. مقاومة السبب المحدد لخوفك:

هل تخشى أن يتم رفضك؟ وهل أنت خائف من الإحراج؟ وهل تشعر ببساطة بالقلق الشديد دون خوف أو سبب محدد؟ تحقق مما إذا كان يمكنك معالجة هذه المشكلة المحددة، على سبيل المثال، إذا كنت تخشى التعرض للرفض، ففكر في الذهاب إلى مكان ما ورفضك عمداً من أشخاص عدة حتى يتسبب ذلك في تقليل الخوف، فكلما تعاملت مع هذا الخوف بشكل مباشر، كان من الأسهل أن تشعر بقلق اجتماعي أقل عموماً، فالتغلب على القلق الاجتماعي هو عملية تدريجية، ولكنَّها ممكنة دائماً.

في الختام:

من أكثر المكونات الفريدة للقلق الاجتماعي أنَّ البشر مخلوقات اجتماعية بطبيعتها، وهذا يعني أنَّ عقلك وجسدك يريدان أن يكونا قادرَين على التحدث مع الآخرين، فإنَّها مجرد مسألة إيجاد طرائق لتعليم نفسك كيفية القيام بذلك، فالقلق الاجتماعي ليس شيئاً يختفي بين عشية وضحاها.

حتى مع المساعدة يتطلب التغلب على القلق الاجتماعي قدراً كبيراً من الالتزام، ولكنَّ الالتزام يستحق كل هذا العناء؛ وذلك لأنَّك حين تكون قادراً على الشعور بقلق أقل في المواقف العامة، ستجد غالباً أنَّ مستوى سعادتك الإجمالي يزداد ازدياداً كبيراً، وأنَّ قدرتك على إيجاد العلاقات والحفاظ عليها تتحسن.

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم