لقد نشأنا في أسر مختلفة، ومرت بنا ظروف متباينة، جعلت توقعاتنا مختلفة جدًا، فنحن عادة نتأثر بما نلاحظه من تعامل أبوينا في محبتهما واختلافهما وبما يقولان أو يفعلان، أو بما يصمتان عنه، ونكون تعلمنا ومن غير أن ندري أساليب مختلفة في معظم أمور الحياة، كيف ننفق المال، وكيف نرتب أمور المنزل، والحياة الأسرية، وما يفعل الرجل داخل البيت، وما لا يفعل، ودور المرأة وعملها ومن يتخذ القرارات؟ وكيف يربى الأولاد؟ وكيف نحل الخلافات والنزاعات؟ وأهمية الترتيب أوعدم أهميته، وأهمية الوقت وكيفية قضائه، ودور الأصدقاء في حياتنا وكثير من هذه المواضيع… كلها تؤدي إلى:
1-اختلافات شخصية.
2-اختلاف تجارب الحياة.
3- النشأة في بيئة مختلفة وتأثير العوامل الوراثية.
4-الاختلاف في الموروثات الثقافية والاجتماعية.
وفيما يلي تفصيل هذه العوامل:
1- اختلافات شخصية:
اختلف العلماء في تعريف الشخصية منها:
-تعريف ألبورت: “الشخصية هي نتاج تفاعل بين الفرد (الكائن البيولوجي) الذي يتميز بخصائص موروثة وبين بيئته الاجتماعية بما فيها من قيم وعادات وتقاليد مختلفة، وتلعب التنشئة الاجتماعية دورًا هامًا في نمو الشخصية، معنى ذلك أن الانسان كائن متغير في بيئة متغيرة” فالانسان يكبر ويتغير.
-تعريف أحمد عزت راجح:
“الشخصية هي جملة الصفات الجسمية والعقلية والمزاجية والاجتماعية والخلقية التي تميز الشخص عن غيره تمييزًا واضحًا” أي الشخصية هي مجموعة من الخصائص ولكنها فيها صفة التمييز، فكل شخص يتميز عن غيره، فالشخصية مثل البصمة لا تتكرر أبدًا ولو في التوائم.
-تعريف عثمان فراج:
“الشخصية هي النظام المتكامل بين النزعات الجسمية والنفسية الثابتة نسبيًا، والتي تميز فردًا معينًا والتي تقرر الاساليب المميزة لتكيفه مع بيئته المادية والاجتماعية “معنى ذلك أن الشخصية ثابتة نسبيًا متغيرة من موقف إلى موقف.
إن اختلاف الشخصيتين وعدم فهم هذا الأمر يؤدي إلى كثير من المشاكل، فالسخصيات كثيرة ومتنوعة ولها سماتها، فهناك العقلاني والعاطفي والاجتماعي والانطوائي، وهذه الشخصيات آية من آيات الله في الكون، فاذا لم يتفهم كل صاحب شخصية صاحبه، ومفاتيح تلك الشخصية وكيفية التعامل معها فستقع كثير من المشكلات، والشخصيات المتشابهة تتفاهم أكثر من غيرها، وكذلك الشخصيات المتكافئة، حيث يوجد من القوة في كل شخصية ما لا يوجد في غيرها، أما الشخصيات المتنافرة فهي بيت الداء في العلاقات الزوجية.
2- اختلاف تجارب الحياة:
وتجارب الحياة لها أثر كبير في صياغة الشخصية والنفسية، وحجم هذه التجارب ونوعيتها، والنتائج المستخلصة منها، فاذا كان الشخص مجربًا وناضجًا وفي بيئة تؤهله لذلك، أدى ذلك الى واقعيته وقدرته على حل المشكلات والتعامل معها، على العكس من الآخر قليل التجربة، حيث يمكن أن ينزلق في بعض المشكلات كان يمكن البعد عنها.
وكذلك نوعية هذه التجارب هل هي ناجحة أو فاشلة، سعيدة او تعيسة، فالانسان دائمًا أسير تجاربه وقناعته التي تكون فكره، والسلوك مرآة الفكر، أي: نابع منه ونتيجة له.
3- النشأة في بيئة مختلفة وتأثير العوامل الوراثية:
لقد نشأ الزوجان كل منهما في بيئة مختلفة عن الآخر، اختلاف في الاسرة والتربية والنشأة والموروثات الاجتماعية والثقافية وكل هذا له تأثير في طبيعة وتكوين كل منهما وعلى شكل وطبيعة التعامل بين الزوجين، والعوامل الوراثية لها دور كبير في شكل وطبيعة شخصية الانسان، والعوامل الوراثية تمثل ما يقرب من75% من تكوين الانسان والعوامل البيئية تمثل ما يقرب من 25%،وبالرغم من ضآلة ما تسهم به العوامل البيئية في تشكيل الإنسان الا أن دورها مكافئ للعوامل الوراثية لسبب بسيط وهو أن العوامل البيئية تؤدي الى تحوير أو تعديل ما ولد به الفرد من امكانات.
وبعبارة أخرى يمكن أن نقول:
تؤثر النشأة والعوامل الوراثية على كل من الزوجين وخاصة اذا كان ما يحمله أحدهما بعيدًا عن الآخر ومتعارضا معه، فالتنشئة لها أثر كبير على لون السلوك وطبيعة التعامل، وللوراثة النصيب الأكبر من ذلك، وكلها تؤثر على التئام الحياة الزوجية، وخلق المناخ المناسب الذي تقل فيه المشاكل، وتزيد الفجوة الناتجة من اختلاف الطبائع والعقلية والمفاهيم، ومن هنا ندرك أن لطبيعة كل من الزوجين ما ينعكس على تعامله وحياته الزوجية.
4- الاختلاف في الموروثات الثقافية والاجتماعية:
أي انسان يعيش في أي مجتمع سواء كان رجلًا أو امرأة سوف يتأثر ويحمل الشيء الكثير من ثقافة ومفاهيم ذلك المجتمع الذي عاش فيه، وساهم في تكوينه، وكل هذه الموروثات والمفاهيم تنعكس على طريقة التفكير والتعامل بين الزوجين، وعلى معالجة المشاكل والنظرة الى الحياة.
ولا يخفى علينا أثر وسائل الاعلام في صياغة أفكارنا، فوسائل الإعلام وما يتناقله الناس في أحاديثهم وأفكارهم تساهم في تكوين انطباعات وتوقعات الإنسان من علاقته الزوجية، وقدتكون هذه التوقعات من أبعد الأمور من الواقع العملي المعاش، ولذلك سيصاب هذا الإنسان بخيبة الأمل والاحباط عندما يصطدم بعدم تحقق هذه الأمور التي رآها وسمعها في وسائل الإعلام.
ماذا بعد:
-من جذور الازمات الزوجية اختلاف النشأة عند الأزواج وكل ما يتعلق بالعوامل البيئية والوراثية؛ وهذا له أثره على التعامل بين الزوجين وعلى معالجة المشاكل والنظرة إلى الحياة.