القيم تمثِّل أخلاقيات الشخص وسلوكياته، وطريقة تفكيره، وتربيته، وشخصيته، وخبراته، وتجارِبه، والبيئة الاجتماعية والدينية والثقافية التي نشأ فيها، وعند تكوين الحياة الزوجية، فإنها تبدأ من طرفين كلٌّ منهما تربَّى ونشأ على قيم وعادات وتقاليد، قد تتوافق مع الشريك الآخر وقد تختلف، والاختلاف هنا لا يمثل مشكلة كبيرة، إلا عندما يكون اختلافًا فيه تناقض تام في نفس القيم؛ لأنه سيكون لكلٍّ منهما أولوياته في الحياة، التي قد تختلف عن أولويات وطموحات ورغبات واحتياجات الطرف الآخر؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21].
تقول هديل: “أثناء فترة الخطوبة والأسابيع الأولى من زواجنا كان جلُّ اهتمامنا منصبًّا على الكلمات الرومانسية، والأحلام الوردية، والمتعة الجسدية، لكن مع مرور الأيام بدأت تتكشف لي قيم وأخلاق وعادات زوجي؛ فهو لا يشعر بالمسؤولية ومنعدم الإحساس خاصة نحو أسرته وأسرتي، فهو يبخل في تقديم أي نوع من المساعدات إليهم، ويرى أن مثل هذه المواقف مضيعة للوقت والجهد والمال، بينما أنا أؤمن بأهمية العطاء للأسرة والبذل من أجل إسعاد الآخرين، خاصة إسعاد أسرتي ووالدي وأقاربي”.
والسؤال هنا: ما أسباب اختلاف القيم بين الزوجين؟ مع أنهما قد يكونا من بلد واحد ومن بيئة واحدة ومن أسرة واحدة، والجواب على هذا السؤال فيما يلي:
التفاوت في طريقة التربية والتوجيه والإرشاد، قد يكون أحدهما نشأ بين أبوين مهملين ومنشغلين عن التربية، بينما الآخر نشأ بين أبوين حريصين على أولادهما، ومتميزين في التوجيه والإرشاد.
وحتى يستطيع الزوجان التغلب على اختلافات القيم بينهما، وما يصاحبه من خلافات زوجية ومشاكل أسرية وتربوية قد تصل إلى الفتور العاطفي أو إلى الطلاق؛ عليهما بالآتي:
الاحترام المتبادل بينهما، مع التركيز على النقاط الإيجابية في الطرف الآخر، تجعله يتقبل عاداته وسلوكياته، ويقتنع بالقيم الجديدة.
أخيرًا على الزوج والزوجة الحرص على اختيار شريك الحياة بما يتوافق مع قيمه وعاداته؛ حتى لا يقع مستقبلًا في خلافات أسرية، ومشاكل تربوية وسلوكية؛ يقول صلى الله عليه وسلم: ((تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك))؛ [رواه البخاري].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا خُطب إليكم من ترضَون دينه وخُلُقَه، فزوِّجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض))؛ [رواه الترمذي].
أسأل الله أن يصلح الشباب والفتيات، وأن يجمع بين قلوب المتزوجين والمتزوجات على طاعة الله والحب والتواصل السليم، وأن يخرج من تحت أيديهم من يعبد الله على الحق، وأن يجعل أولادهم لبنات خير على المجتمع والوطن، وصلى الله على سيدنا محمد