من النادر جدا ان نجد انسانا مقتنعا وراضيا عن وظيفته او مهنته وكثيرون لم يختاروا مهنهم بل هي التي اختارتهم ربما كان السبب قلة الفرص المعروضة او لانه كان طريقا رسمه الاهل وانصاع له الابناء كارهين.
والحديث عن اختيار الانسان مهنته له اهميته هذه الايام. بعضهم قد يخدعه المجموع العالي في المرحلة الثانوية ويختار كلية لا تناسيه على الاطلاق، ويعيش عمره يعمل في مهنة يكون فيها عاديا بلا تميز لانها لا تناسبه في الاساس.
علم النفس المهني الاجتماعي وهو فرع من العلوم الانسانية العريقة التي لا نعطيها حقها يحدد بعض القواعد التي لو اتبعناها يتحقق لنا الرضا المهني. يقول الدكتور ابراهيم شوقي عبدالحميد استاذ علم النفس المهني الاجتماعي بكلية الاداب جامعة القاهرة. (ان القاعدة الاساسية هي ان الاجر ليس هو العنصر الاساسي في اختيار المهنة، والاحصائيات تؤكد ان رضا الاشخاص عن مهنتهم لا يرجع للاجر ولكن لطبيعة العمل).
وهذه رسالة اوجهها لاخواني الطلبة.. قبل ان تختار الكلية التي تتقدم اليها او تفكر في احتراف مهنة معينة ينصحك الدكتور شوقي بعدة اجراءات اولها:
الوعي بالذات.. بمعنى ان يفهم الانسان ذاته ويعي حجم ومستوى قدراته وجوانب التفوق عنده ويحدد لماذا يحتاج العمل هل للاجر ام لتحقيق الذات. ام لاظهار الجوانب الابداعية في الذات وعلى الشخص ان يحدد هواياته ويرتبها حسب الاولوية والانشطة التي يحب ممارستها ونوع الكتب والمجالات التي يفضل القراءة فيها.
والخطوة الثانية هي: استكشاف دنيا العمل فلو كان متقدما لكلية معينة عليه ان يدرك نوع التخصصات والمجالات التي تتيحها له هذه الكلية، وفرص العمل المتوافرة وهل تناسبه ام لا وان يكون الشخص على دراية باحتياجات سوق العمل ونوع التحديات التي قد تواجهه والمهارات التي تتطلبها المهنة وهل هي مهارات لغوية ام يدوية ام غير ذلك وهل هي متوافرة لديه اصلا.
بعد ان يقوم الشخص بهاتين الخطوتين عليه ان يحاول الاجابة عن سؤال ماذا يريد صاحب العمل ويجهز نفسه لذلك. ويوضح الدكتور شوقي عبدالحميد ان هناك عدة انماط للشخصيات المهنية يمكن على اساسها تحديد نوع المهنة التي تناسب الانسان وهي:
الشخصية الفنية: وتهتم بالجوانب الفنية والتعبير عن الذات والتركيز على المشاعر والاعمال الفنية وينصح صاحبها بكليات الفنون الجميلة والتربية الموسيقية واكاديمية الفنون وغيرها من الكليات الفنية.
الشخصية الواقعية: ويميل صاحبها للتعامل مع الامور المادية العلمية ويفضل القيام بالاعمال اليدوية التي لا تتطلب الكثير من التفكير المعقد، ويجنح اصحابها الى الاعمال الخشنة والعمل الفردي والتعامل مع الواقع بأقل قدر من المشاعر وتناسبهم كليات الزراعة وبعض اقسام كليات الهندسة والتجارة وعلوم الحاسب الآلي ولانهم يفضلون التعامل مع الآلات والبيانات فتجد منهم حرفيين ومهندسين ومحاسبين على درجة عالية من الكفاءة.
الشخصية العقلية: وهي تفضل العمل الذهني والعمليات الحسابية المعقدة وتناسبهم ايضا كليات الحاسب الآلي والتجارة والهندسة.
الشخصية الاجتماعية: وهي تبحث عن فرص للتواصل الاجتماعي وتكوين العلاقات وتميل للمهن التي تتطلب قدرا من المهارات اللفظية والاجتماعية ويبرعون في مجالات الاعلام والتدريس والعلاقات العامة والخدمات النفسية والاجتماعية وتناسبهم كليات التربية والاعلام والاداب وغيرها من الكليات ذات نفس التوجهات.
الشخصية المغامرة: وهي تتميز بقدرة عالية على المغامرة والقدرة اللفظية وحب السيطرة والادارة وهؤلاء رجال اعمال ناجحون.
الشخصية التقليدية: واصحابها اكثر سيطرة على انفسهم وقدرتهم على ضبط انفعالاتهم عالية جدا ويميل اصحابها للاعمال الروتينية والعمل مع اهل السلطة ويفضلون الانشطة التقليدية مثل اعمال السكرتارية والمحاسبة والاعمال المكتبية وهؤلاء هم الموظفون.
في النهاية يؤكد الدكتور ابراهيم شوقي ان الانسان قد تجتمع لديه اكثر من شخصية وقد يناسبه اكثر من عمل لكن عليه ان يعرف نفسه قبل كل شيء وينصح كل طالب بزيارة الكلية التي يريد التقدم اليها بنفسه والا يكتفي بكلام الاخرين فما اكثر الخرافات المهنية في مجتمعاتنا. والله من وراء القصد.
فؤاد عبدالله الحمد ـ الاحساء