الشعور بالإحباط لمدة يوم أو عدة أيام أمر طبيعي، يصيب جميع الناس، لكن إذا استمرت هذه الحالة لفترة طويلة، فقد تتحول إلى شيء خطير هو الاكتئاب، لذلك من المهم جداً أن تكون قادراً على التفريق بين الحالة المزاجية السيئة، والشعور بالحزن الطبيعي، وبين الاكتئاب لتحمي نفسك ومن حولك أيضاً.
ما هو الاكتئاب؟
غالباً يستخدم الناس مصطلح “اكتئاب” لوصف خيبات الأمل، ولحظات الحزن التي يعيشونها، لكن في الحقيقة هذا الحزن مجرد اضطراب نفسي طبيعي يصيب الجميع، أما الاكتئاب فهو مرض خطير يحتاج إلى علاج.
تقول الدكتورة سمر ماكوتشين، أستاذ الطب النفسي المساعد بجامعة ولاية أوهايو في كولومبوس بولاية أوهايو: “التعريف الرسمي للاكتئاب، هو أسبوعان أو أكثر من كوكبة من الأعراض المؤلمة، وفي حال معاناة هذه الأعراض لأيام، وازديادها سوءاً عوضاً عن التحسن، في هذه الحال يكون الشخص مصاباً بنوبة اكتئاب شديدة”.
أما باربرا نوزال، الحاصلة على درجة الدكتوراه “LMFT – LADC”، وكبير المسؤولين الإكلينيكيين في أكاديمية نيوبورت في أورانج كاونتي بولاية كاليفورنيا، فتقول: “الاكتئاب هو اضطراب عقلي يؤثر في الشعور والتفكير والتصرفات، ويمكن أن يؤدي إلى مشاكل عاطفية أو جسدية خطيرة”. وتشرح نوزال: “من الممكن أن يصاب الشخص بالاكتئاب من دون أن يدرك إصابته، وذلك لأن أعراض هذا المرض تميل إلى التطور تدريجياً، ويمكن أن تظهر من خلال تغيرات صغيرة في السلوك أو المزاج أو الطاقة، كما أن الأعراض تختلف من شخص لآخر، فقد يعاني مصاب الاكتئاب الأرق وصعوبة التركيز، بينما مصاب آخر قد ينام كثيراً”.
أعراض الاكتئاب الأكثر شيوعاً:
الحزن واليأس
أكثر أعراض الاكتئاب شيوعاً، هو الشعور بالحزن والإحباط، إضافة إلى التشاؤم بشأن المستقبل، إذ من الممكن أن يسير كل شيء في الحياة على ما يرام، إلا أن الشخص لايزال يشعر بالإحباط والتشاؤم.
فقدان الاهتمام
عند فقدان الاهتمام بأمر كان يعد ممتعاً، فهذا يسمى انعدام التلذذ، وهو أحد الأعراض الأساسية للإصابة بالاكتئاب، وفقدان الاهتمام بكل شيء يؤدي إلى العزلة والانفصال عن جميع جوانب الحياة، وغالباً تسير العزلة والاكتئاب جنباً إلى جنب في حلقة مفرغة، ومن الممكن أن يؤدي أحدهما إلى الآخر، لكن الكارثة عندما يؤدي أحدهما إلى تفاقم الآخر.
النوم
ليس سراً أن معظم الناس حول العالم يعانون مشاكل في النوم، وعلى الرغم من أن الاكتئاب لا يسبب كل المشاكل المتعلقة بالنوم، فإنه قد يكون مؤشراً إلى الإصابة بالاكتئاب، فقد يأتي على هيئة النوم لساعات طويلة، أو عدم القدرة على النوم.
التعب
تشير الدراسات إلى أن أكثر من 90% من المصابين بالاكتئاب يعانون الإرهاق، ما يجعل من الصعب جسدياً وعقلياً القيام بالمهام اليومية، تقول الدكتورة نوزال: “على عكس التعب العام، فإن الإرهاق الناجم عن الاكتئاب عادة يستمر لمدة أسبوعين على الأقل”، وتشرح: “يؤثر الاكتئاب في النواقل العصبية التي تؤثر في مستويات الطاقة، وغالباً يكون الاكتئاب مصحوباً بالأرق، ما يساهم في حدوث التعب، ويزيد من حدته”.
الأفكار الانتحارية
التفكير في الانتحار هو علامة أقل شيوعاً، لكنه أشد علامات الاكتئاب، وعند البدء بهذا التفكير من الضروري جداً اللجوء إلى المساعدة الفورية، تقول نوزال: “بينما يكون الانتحار في أقصى درجات الاكتئاب، فإنه يحدث كثيراً عندما لا يطلب الناس المساعدة”، وتضيف: “إذا كان شخص ما تعرفه يعاني الاكتئاب والأفكار الانتحارية، فمن الضروري أن تكون موجوداً من أجله.. اسأله مباشرة عن مشاعره، واستمع إليه دون إصدار أحكام، وساعده في الحصول على الدعم من محترف مدرب”.
والآن.. إذا كانت لديك بعض الشكوك في أنك تعاني الاكتئاب، فلا تحاول التغلب عليه بنفسك، إذ يشعر الكثيرون من الناس بالإحراج أو الخزي لطلب المساعدة في أمور تخص الأمراض النفسية والعقلية، لكن تذكر دائماً أن حياتك تعتمد، حرفياً، على هذه المساعدة، لذلك إذا شعرت بأعراض الاكتئاب فلا تترد في التحدث إلى مقدم خدمات الصحة النفسية والعقلية، وطلب المساعدة منه.
________________
بيبا صهيوني