الأحد 24 نوفمبر 2024 / 22-جمادى الأولى-1446

احذروا المستشار الأسري



 

بنبرةٍ تشاؤمية .. واصل أحدهم تحذيره من المستشارين الأسريين ومن في حكمهم؛ الذين – بحد زعمه – لا يُجيدون إلا المثاليات البعيدة عن الواقع، كما استطرد في سرد بعض النتائج الوخيمة والوقائع السلبية التي تأثرت بها بعض الأسر نتيجة رأي مستشار غير مبالٍ !! وعلى كل حال .. فهناك آخرون كذلك يشاركون هذه الفكرة المغلوطة – بكل تأكيد – ؛ ومن هذا الموقف أجدها فرصة للتوضيح حول هذا الموضوع.

لننطلق بدايةً من مسلمتين .. أولها، أن الإرشاد الأسري يُعد من جملة العلوم الإنسانية النسبية التي لا يُقطع بها كمسلمات ثابتة، فيسع فيها الاجتهاد ما لا يسع في غيرها من العلوم المادية، ناهيك عن معضلة الفهم الخاطئ، أو التحوير المقصود من المسترشد، أو ما يقدمه من معلومات مغلوطة لسببٍ أو لآخر، أما المسلمة الثانية فهي أن المستشار الأسري يظل إنساناً لا عصمة لرأيه، ولا تقديساً لشخصه، فهو يصيب ويخطئ، ويناله ما ينال غيره من البشر من حظوظ الدنيا، ويبقى المستشار الأسري المؤهل بعلمه بوابة إصلاح وإسعاد للمجتمع؛ فكم فتح الله على يديه أبواباً مغلقة، وشرح  الله به صدوراً ضائقة، ورُممت بجهوده خدوشٌ ظن صاحبها أنها الكسر الذي لا ينجبر.

و في هذا المقام أود أن أوجه حديثي للمسترشد؛ لكونه المسؤول الأول عن نتائج العملية الإرشادية، وهنا أُعنون ما أريد بيانه بـ ( مهارات التعامل الناجح مع المستشار الأسري )، ألخصها في النقاط التالية:

  1. الاختيار الصحيح، ومن ذلك أن يكون المستشار معروفاً في مجاله، مؤهلاً بتخصصه، مشهوداً له بالصلاح، أهلاً للثقة، حريصاً على سمعته، فلا تغتر بالمسميات البراقة، والاعتمادات الهشة التي يزين بها البعض مسماه كي يكسب ثقة العامة.
  2. من حق المسترشد قبل بدء العملية الإرشادية، أن يعرف اسم المستشار، ومؤهلاته، ومرجعيته المهنية المرتبطة بتخصصه، وأن يتأكد من أنه الشخص المقصود قبل تقديم معلومات الاستشارة، ويتأكد ذلك في الاستشارات الهاتفية والإلكترونية.
  3. احرص على المستشار الذي يعمل ضمن فريق مؤسسي و بغطاء رسمي، و يكفيك عناءُ ذلك الاستعانة بالمراكز الإرشادية المرخصة، وجمعيات التنمية الأسرية، ويتأكد ذلك إذا حوت الاستشارة معلومات أمنية أو ما يُخشى من استغلاله ضد المسترشد.
  4. اطلب تفسيراً لكل ما يوجهك به المستشار، أو يطلبه منك، ويتضمن ذلك طلب بعض المعلومات التي تظن أن لا علاقة لها بالحالة، أو للتوصيات العملية والواجبات السلوكية، لتكون على بينة ودراية بكل ما ستُقدِم عليه؛ فأنت أعلم بحالك، لاسيما فيما يتعلق بعلاقتك مع بقية أفراد الأسرة، وما يقوله المستشار – ولو كان صحيحاً – ليس بالضرورة أن يتوافق مع ظروفك أو إمكاناتك، فطلب التفسير هنا سيجعلك أكثر اطمئناناً، ويعطي للمستشار مساحة أوسع من الخيارات الأخرى.
  5. قدّم تغذية راجعة حول كلام المستشار وأعد ما ذكره بفهمك؛ كي يزول اللبس الناتج عن الفهم الخاطئ، ولا تتردد بطلب المزيد من التوضيح والشرح حول بعض المصطلحات التي قد يُشكل عليك استيعابها أو معرفتها.
  6. تذكر أن المسترشد له حق تقرير المصير، و دور المستشار هو الإرشاد والتبصير، ولا يحق له أن يقرر نيابةً عنك، ويتأكد ذلك في القرارات الكبرى، كالطلاق والزواج وغيره.

    ختاماً .. ما سبق ذكره، هو جزءٌ من جملة بعض الحقوق والأخلاقيات في التعاملات العامة بين الأفراد، ومنها ما يخص العمل الإرشادي تحديداً، ومن الأهمية بمكان أن يكون الإنسان حريصاً على البعد عن كل ما يدفع به الضرر ويحقق له المصلحة، سائلاً المولى جل في علاه للجميع التوفيق.

 

بقلم المستشار الأسري:

أحمد بن إبراهيم الدريويش

 

 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم