سامي بلال
تعرف على أهم التغيرات النفسية في مرحلة المراهقة وأهم الاضطرابات النفسية عند المراهقين، والاحتياجات النفسية والعاطفية في المراهقة وكيفية التعامل معها
احتياجات المراهق النفسية وكيفية التعامل معهااحتياجات المراهق النفسية وكيفية التعامل معها
تعتبر المراهقة من أكثر مراحل الحياة التي يتعرض خلالها الشخص لتقلبات نفسية شديدة ومفصلية قد تغير شخصيته رأساً على عقب، وغالباً ما يحتار الأهل بكيفية التعامل الصحيح مع المراهق لمنعه من الوقوع في الأخطاء، لذلك سوف نوضح من خلال المقال التالي ما هي احتياجات المراهق النفسية والاضطرابات التي يتعرض لها وكيفية التعامل الصحيح معها من قبل الأهل.
التغيرات النفسية في مرحلة المراهقة
تبدأ التغيرات النفسية لدى المراهق مع الانتقال من مرحلة الطفولة للشباب حيث تختلف الأفكار والاحتياجات والرغبات، ويجب على الأهل تفهم هذه التغيرات بشكل كامل لمعرفة الطرق الصحيحة للتعامل معها، وتتمثل هذه التغيرات بالتالي: [1،2]
الرغبة بالاستقلال: من أوائل التغيرات التي تحصل في فترة المراهقة هي محاولة بناء الشخصية بشكل مستقل عن الأهل، حيث يشعر المراهق بأن أهله لا يفهمون متطلباته ولا يشعرون به، وهذه الرغبة تجعله أكثر عناداً تجاه الأشياء الخاصة به، كما أنه لا يخضع لرغبات أهله إطلاقاً مما يجعله أكثر عدوانية بالتصرف معهم ومع المحيط بشكل عام.
تكوين الشخصية: تبدأ ملامح تكوين الشخصية مع الخروج من الطفولة فيعمل المراهق على بناء محيط خاص فيه، ومع تزايد شعوره بأن لا أحد يفهمه هذا يجعله أكثر انطوائية وانعزال بغرفته أمام وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب التكنولوجية، وحتى عند وجوده بين أهله قد يضع السماعات تجنباً للتواصل معهم أو مجادلتهم.
تقلبات المزاج: من أبرز التغيرات في مرحلة المراهقة هي تأثير اضطراب الهرمونات على الحالة المزاجية للمراهق مما يجعله متقلب المزاج دون سبب، فمثلاً قد يخالط أهله ويسهر معهم ويعيش بجو من الهدوء وفي اليوم التالي قد يتجنب الاقتراب منهم إطلاقاً، وقد يتحول جدال بسيط على نوع الطعام مثلاً إلى مشكلة كبيرة في المنزل.
بروز الميول والحاجات الجنسية: يبدأ ظهور الاحتياجات الجنسية في هذه المرحلة على شكل احتياجات عاطفية فقد تكون نوع من تقليد الأقران لكي لا يشعر بأنه أقل منهم خاصة عند الإناث في هذا العمر حيث تسيطر الغيرة عليهن، وقد تكون لإشباع الرغبة العاطفية، وقد تكون لإثبات النفس.
الرغبة في استكشاف الأشياء الممنوعة: يشعر المراهق بأنه لم يعد صغيراً وبالتالي يبحث عن الأشياء الممنوعة ويرغب باستكشافها وقد يبدأ بالتدخين على سبيل المثال، وفي حال كان المحيط من حوله سيء بالتزامن مع عدم قدرة الأهل على السيطرة عليه قد يصبح متعاطي للمخدرات أو الكحول ظناً منه بأن هذه الأشياء هي ما يجعله يشعر بالمتعة.
الاضطرابات النفسية عند المراهقين
يتعرض معظم المراهقين بشكل عام لاضطرابات نفسية قد تكون شديدة في هذه المرحلة وقد لا تستقر هذه التغيرات إلا لبعد انتهاء مرحلة المراهقة، حيث تتمثل هذه الاضطرابات بالنقاط التالية: [2،4]
نوبات الغضب: تؤدي الاضطرابات النفسية عند المراهقين بشكل عام إلى نوبات من الغضب قد لا يكون لها مبرر، حيث يختلف مفهومه عن الصح والخطأ عن باقي الأشخاص من حوله، وقد تأتي هذه النوبات على شكل بكاء أو صراخ وبعدها قد يخرج من المنزل بشكل متهور لذلك لا يجب الضغط عليه بشكل سلبي ومحاولة استيعابه قدر الإمكان مع الحرص على عدم تجاوزه للخطوط الحمراء مع الأهل.
القلق والتوتر: يدخل المراهقين بحالات فوضوية من القلق والتوتر ويشعرون بأن جميع من حولهم يكرهونهم، وينتظرون فشلهم، ويدخلون بحالات من التفكير الزائد وعدم إيجاد حلول لمشكلاتهم خاصة في حال عدم إيجاد دعم من المحيط فقد تؤدي هذ الاضطرابات إلى الاكتئاب والذي يحتاج إلى تدخل أخصائي نفسي في بعض الأحيان.
تغيرات سلوكية: إن سلوك الطفل قبل المراهقة يختلف تماماً عن سلوكه في هذه المرحلة فقد يكون طفل هادئ وعندما يصل للمراهقة يصبح شخص عصبي جداً وفوضوي وقد يقلل من الاحترام عند التعامل مع والديه، بالإضافة إلى التغيير في عاداته فقد ينام معظم الوقت ويسهر طيلة الليل لكي لا يحتك بأحد غارقاً بين الأفلام والألعاب.
اضطرابات عاطفية: المراهق في هذه المرحلة غير قادر على التحكم في عواطفه مما يدخله في حالة من الاضطراب العاطفي الشديد، وقد يدخل بعدة علاقات عاطفية يتعلم من خلالها كيف يتصرف مع الجنس الآخر والأمر الذي لا يتقبله الأهل في كثير من الأحيان خاصة في حالة الأنثى مما يجعلها تتمرد أكثر لذلك تحتاج إلى من يفهمها لا من يضغط عليها أكثر.
اضطرابات جنسية: تبدأ في هذه المرحلة علامات النضج الجنسي بالظهور ومعها تبدأ مستويات الهرمونات الأنثوية والذكرية بالارتفاع وبالتالي يشعر المراهق بالكثير من الاضطرابات الجنسية التي تجعله يلجأ للعادة السرية في بعض الأحيان.
الشعور بالوحدة: الشعور المرافق للمراهقين بشكل عام هو الوحدة التي يضع نفسه داخلها نتيجة شعوره بالنفور ممن حوله، فيبتعد عن الجميع ويشكل بيئة خاصة فيه.
الاحتياجات النفسية في مرحلة المراهقة
بعد أن تم ذكر الاضطرابات التي يشعر بها المراهقين لا بد من معرفة الاحتياجات النفسية التي يمكن من خلالها التقرب منهم، فمثلاً يكون المراهق بحاجة إلى: [2،5،4]
البحث عن الذات: ذكرنا أن المراهق في هذه المرحلة يبدأ بتكوين شخصيته فيبدأ بالبحث عن ذاته فيجرب أن يقرأ الروايات ويشاهد الأفلام ويبحث عن الأشياء التي تشبه أفكاره ويتعلق بها، وقد يمارس هوايات بناء على رغبة شخصية منه، وقد يستمر في تعلمها واحترافها فيما بعد.
التعامل معه كشخص ناضج: من المهم التعامل مع المراهق كشخص ناضج وعدم تذكيره في كل مشكلة بأنه لازال صغيراً ومراهقاً وغير واعٍ لما يفعل لأن هذه التصرفات تجعله يبتعد عن الأهل ويفقد ثقته بهم على العكس يجب مناقشته حتى بالأمور الكبيرة والخاصة التي لا علاقة له فيها من أجل إعطاءه شعور أن رأيه مهم هذا يبني ثقة قوية بين الأهل والمراهق.
الشعور بالانتماء: يحتاج المراهق في هذه المرحلة إلى الشعور بالانتماء إلى الأهل أو إلى مجموعة من الأصدقاء المقربين ويكون بحاجة للشعور بأنه شخص مرغوب ومحبوب لكي يتقبل الوسط المحيط فيه، مع ثقته الكاملة بأن أهله سوف يدعمونه في أي وقت يحتاج فيه إليهم.
الاستقرار الأسري: إن الاستقرار الأسري من أهم الأشياء التي تؤثر في نضج شخصية المراهق بالشكل الصحيح لأن الجو المتوتر في الأسرة سوف ينعكس بشكل سلبي على شخصية المراهق التي تجعله ينفر أكثر من المنزل باتجاه الرفاق وقد ينخرط برفاق سيئين لذلك الجو الأسري الآمن هام جداً لحماية المراهق من الخطر، كما أنه يجعله يكبر تحت أنظار الأهل ويكون صادق معهم كأصدقاء له وليس كأهله.
الحاجة للشعور بالخصوصية: يحتاج المراهق بشكل رئيسي للخصوصية البحتة التي يجب على الأهل احترامها فلا يجب أن يشعر بأن أهله ليس لديهم ثقة به وأنهم يتبعونه في كل خطوة كالأطفال ويراقبون رفاقه ومكالماته والأماكن التي يذهب إليها لذلك يجب إعطاءه مساحة من الخصوصية والثقة التي تجعله يبوح بجميع أسراره لأهله دون الحاجة للتعدي على خصوصيته.
الاحتياجات العاطفية في مرحلة المراهقة
تزداد الاحتياجات العاطفية للفرد في مرحلة المراهقة بشكل أكبر مما كانت عليه في مرحلة الطفولة ومن هذه الاحتياجات نذكر ما يلي: [2،3]
الحاجة للحب والاهتمام: يجب تفهم حاجة المراهق للحب والاهتمام وهذا لا يقتصر على علاقاته مع الجنس الآخر بل يكون بحاجة للحب والعاطفة من الأهل وعدم التعامل معه بقسوة وعنف.
الحاجة للأصدقاء الأوفياء: يحتاج المراهق إلى تقوية العلاقات الاجتماعية التي تجعله يبني خبرة جيدة وأصدقاء أوفياء قد يبقوا معه في بقية مراحل حياته.
الحاجة لتفهم رغباته واحترامها: يحتاج المراهق بشكل خاص إلى تفهم رغباته الخاصة ومزاجه واحترام هذه الرغبات حتى لو لم تعجب المحيط لأنها أشياء تخصه لوحده ومناقشته فيها بشكل واعِ ومحترم بعيداً عن فرض الآراء عليه.
الحاجة لتجريب العلاقات مع الجنس الآخر: يحتاج المراهق إلى أن يخوض في علاقة مع الجنس الآخر ولا يجب الضغط عليه من أجل قطع علاقاته معهم على العكس يجب توعيته تجاه هذه العلاقات كي لا تكون بشكل سري وقد يقع في خطأ ويكون غير قادر على التراجع عنه لذلك يجب تفهم هذه الحاجة من قبل الأهل ودعم المراهق من هذه الناحية.
تفريغ الرغبات الجنسية: يحتاج المراهق لتفريغ رغباته الجنسية من أجل الحصول على الاستقرار العاطفي فيمكنه تفريغ هذه الرغبة عن طريق ممارسة الرياضة اليومية أو أي هواية محببة لديه التي تجعله يشعر بالاستقرار الجسدي والنفسي.
إرشادات نفسية للمراهقين
المراهق يدخل بحالة من التشتت الذهني ويكون بحاجة بشكل دائم لمن يضع ثقته به ويناقشه ويوجهه بالشكل الصحيح، وهنا بعض الإرشادات التي تهم المراهقين: [5]
الاقتداء بالأهل: على الرغم من نفور المراهقين من أهلهم إلا أنه يجب عليهم ألا يخجلوا منهم في حال كانوا من طبقة اجتماعية فقيرة أو متوسطة أو كانت أعمارهم كبيرة لأن هذه حالة عامة إذا نظر إلى أهالي أصدقائه سوف يجدهم بنفس السوية.
احترام رغبة الأهل وعدم تخطي الحدود معهم: مهما كان الخلاف بالآراء بين الأهل والمراهق كبير لا يجب تخطي حدود الاحترام مع الأهل، ويجب احترام رغبتهم قدر الإمكان لأنها تهدف إلى حماية المراهق بالدرجة الأولى وأن نظرتهم هي النظرة الصحيحة مهما كان الخلاف كبير لذلك يجب احترام هذه الرغبة.
ممارسة الهوايات لتفريغ الطاقة: من المهم الاهتمام بالهوايات وطرق تفريغ الطاقة من أجل القدرة على التركيز والتفاعل مع المجتمع بشكل إيجابي مثل الرسم أو العزف أو الرياضة.
الابتعاد عن رفاق السوء: إن النفور من الأهل لا يستوجب الابتعاد عن المنزل، كما يجب الانتباه من الأشخاص الذين يتقربون من المراهق كأصدقاء بشكل طبيعي وبعدها قد يسحبونه لأماكن سيئة أو للتعاطي مثلاً.
عدم التأثر بالمحيط السلبي والتفكير بشكل إيجابي: النجاح في هذه المرحلة وتخطيها يعتمد بشكل رئيسي على تفكير المراهق بشكل إيجابي والتخطيط لمستقبله بشغف والابتعاد عن التفكير السلبي والأشخاص السلبيين الذين يؤثرن على أدائه.
استشارة أخصائي نفسي: يجب تفهم أن استشارة أخصائي نفسي لا تقلل من قيمة المراهق إطلاقاً وأن لها دور هام جداً في حال عدم تفهم الأهل له فقد يساعد الأخصائي النفسي في تقريب وجهات النظر وإيجاد نقط مشتركة.