الأربعاء 27 نوفمبر 2024 / 25-جمادى الأولى-1446

إلى من ذهب النوم عن عيونهم



                                                إلى من ذهب النوم عن عيونهم http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQX7Nr0jrGMOesFUioyhKJRyIcvPTOJOocWbzk2p4MTGSgvIMqS بقلم : د. حمد بن عبد الله القميزي .

يُعرّف العلماء النوم بأنه ظاهرة فسيولوجية طبيعية ضرورية للكائنات الحية، وهو حالة غير إرادية تخضع لها جميع الكائنات الحية.

وهذا ما يؤكد المقولة: “بأن للنوم سلطة لا يمكن مقاومتها”، فإذا ما تغلغل في أعصاب العين انخفض نشاط الدماغ الواعي في الإنسان والحيوان، وانخفض معها تأثير المنبهات الخارجية.
وهو من نعم الله عز و جل على عباده لما فيه من فوائد عديدة من راحة البدن والأعصاب وتخفيف الضغوط التي يواجهها الإنسان بالنهار, قال تعالى: “ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون”.

وقد أجريت دراسة مسحية على مجموعة من الأشخاص في منتصف أعمارهم فأجاب أكثر من نصفهم أنهم يعانون من الأرق أثناء النوم في بعض الأحيان على الأقل، وأجاب (7%) من الرجال و(12%) من النساء أنهم ينامون نوم سيئاً كل ليلة.


وبينت دراسة أخرى أن (6%) يعانون من الأرق الشديد. وتؤكد الدراسات الطبية العالمية إلى أن أمراض النوم واضطراباته تصيب (30%) إلى (40%) من الناس في إحدى مراحل العمر، وأن (40%) من سكان العالم يمرون بالأرق في مرحلة من مراحل حياتهم، ويستخدم أكثر من ستة ملايين من الشعب الأمريكي الأقراص المنومة.

ومجتمعنا العربي والخليجي والسعودي على وجه التحديد جزء من المجتمع العالمي، زادت فيه الأزمات المادية والمشكلات الاجتماعية والمطامع الاقتصادية والأمراض النفسية والعضوية، وفيه العديد من الأفراد الذين يعانون من مشاكل متعددة في النوم، يمكن إجمالها في عبارة: (ذهب النوم عن عيني)، ومشاركة مع أولئك الأفراد للتغلب على هذه المشكلة اقترح بعضاً من الإرشادات التي تساعد -بإذن الله- في تحقيق نوم هادئ

بعيدٍ عن الأرق والاضطرابات،
وهي كما يلي:

– أن يحرص الفرد على الهدي النبوي في النوم، فعن حذيفة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول: “اللهم باسمك أموت وأحيا”، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: “الله لا إله إلا هو الحي القيوم” حتى تختم الآية، فإنه لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان، وفي الحديث: “من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه”، وفي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك…” الحديث.

– أن يسترخي ويريح ذهنه وعقله وجسمه قبل النوم، وحبذا أن يمارس نشاطاً مريحاً مثل أخذ حمام ساخن أو أن يجعل أحدٍ يقوم بتدليكه.
– أن لا يسمح لنفسه بالقلق لأنه قد يسوأ أكثر. ويقترح الخبراءِ أن يخُرجَ الإنسان من السّرير ويضيء الغرفة، وينهمك في أي نشاطِ هادئِ، مثل: قراءة القرآن أو قِراءة كتاب أو صحفية أو مشاهــدة وسماع برنامج مفيد، وأن يستمر هكذا حتى يشعر أنه يرغب في النومَ، ثم يَرْجعُ إِلى السّرير.
– أن يداوم على النوم و الاستيقاظ في مواعيد محددة حتى في إجازة نهاية الأسبوع، لأن المحافظة على مواعيد محددة للنوم والاستيقاظ تعود الإنسان على النوم الصحي، كما عليه أن لا يقضى نهاية الأسبوع في نـوم كامل لأن ذلك سيجعل نمط نومه ليلة السبت غريباً كلياً .
– أن يتجنّبْ المنبهات أو على الأقل يقلل منها، لأنها تَجْعل من الصعب الحصول على نوم هادئ خلال الليل أو على الأقل قد تصيب بالأرق المستمر، وتأثيـر المنبهات قد يختلف لدي الكثير من الناس، فالبعض قد يستمر معه تأثير الكافين من القهوة أو قطعة شيكولاته إلى أكثر من ثمان ساعات. ويعتبر التدخين والكحوليات من أهم وأخطر المنبهات.
– أن يرَاقبْ ما يَأْكلُه ومتى يَأْكله! لأن تناول وجبـةُ كبيرةُ تجعله يَشْعر بالتعبَ، ومحاولة الحصول على قدر قليل من النوم بعدها قد يكون شيء مزعج جداً، فالجسم حينها يكون منهمك في مهمة هضم تلك الكميات من الطعام.

من الناحية الأخرى فإن الَذْهابُ إلى السّرير في حالة الجوعِ لَيستْ جيده، لذا من الأفضل أن تكون الوجبة المسائيةَ خفيفة وتحتوي على البروتين لتجنبَ الجوع بعد ذلك، وإذا كان لابــد من تناول شيء قبل الذهـاب إلى النوم فمن الضروري أن يكون على الأقل قبل النوم بحوالي السّاعتين وأن يحتوي على كربوهيدرات وكذلك الحليبِ الدافئِ فهو هام جداً، وأن يتجنّبُ َتنـاولُ أطعمة دسمه أو تحتوي على تّوابل كثيرة أو ثوم فهي تعمل علىِ عسر الهضم أو الحموضة المعوية .
– أن يمارسْ التمارين الرياضية بشكل منتظم وفي الوقت المناسب فهي تساعدكَ على النوم بشكل سهـل وجيـد وعلى أية حال.
– أن يتأكّد من نظافة غرفته وخلو فراشه من أي حشرات، لأن عدم النظافة أو وجود أي حشرات سوف تجعل الحصول على النـوم أكثـر صعوبة، كذلك من عدم وجود ضوضاء أو أضواء عالية تَحْدثُ خلال اللّيل، وأن درجة حرارة الغرفة معتدلة.
– مشكلة العديد من الأفراد -خاصة أولئك الذين يعانون من النوم الخفيف أو المضطرب- تكـون من شركاء السّرير، فإذا كان الشريك في الفراش –زوج أو زوجة- يعاني من الأرق أو الشخير أو عِنْدَهُ سلوك مشابه، فإن لذلك تّأثيره على نوم الآخر، لذا فإن من الضروري مُنَاقَشَة هذه القضية بينهما حتى يُمكنهما أَن يمنعا هذه المشكلة وتحديد الحلولِ الممكنةِ لها.

أخيراً:

إن اهتمام الإنسان بصحته شيء جميل، بل لا بد له من الاعتناء بجسده باستمرار، والتوجيه النبوي الخالد لتحقيق التوازن في الاهتمامات لدينا واضح وجلي من خلال قوله صلى الله عليه وسلم : “إن لبدنك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، وإن لربك عليك حقا؛ فأعط لكل ذي حق حقه”.

 

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم