السبت 21 ديسمبر 2024 / 20-جمادى الآخرة-1446

أهمية الرسم في تعديل سلوك الأطفال .



أهمية الرسم في تعديل سلوك الأطفال.

أ. روحي عبدات .
يحقق الرسم فوائد جمة للأطفال وهو ليس مجرد شخبطات أو مضيعة للوقت كما يعتقد الكثير من أولياء الأمور، لدرجة أن الأم عندما تريد أن تتخلص من طفلها وإزعاجه تستنجد بالرسم كأحد الوسائل لإلهائه عنها.
فالرسم يعتبر إحدى أهم وسائل التواصل مع الأطفال خاصة أن الطفل لم تتطور قدراته اللغوية التعبيرية بدرجة كافية للحديث عما يجول في خاطره من مشاعر الخوف والحب والقلق والرغبة وغير ذلك من الأمور التي يعجز عن الحديث عنها لفظياً،
فيأتي الرسم كوسيلة للتعبير عن هذه الانفعالات وإيصال الكثير من الرسائل الضمنية للراشدين حول ميوله واهتماماته ورغباته واحتياجاته، فتأتي الكثير من الرسومات وكأنها مطالب يريدها الطفل من الكبار، أو كأنها وسيلة للدفاع عن حقوقه التي انتهكها الآخرون،
فالطفل ينشأ حراً طليقاً وما تلبث أن تلتف عليه الضغوط من البيئة المحيطة كتعرضه للضرب أو الرفض والحرمان أو السخرية، ليكون الرسم بمثابة وسيلة لتفريغ الشحنات الانفعالية التي يتعرض لها في حياته اليومية فتهدأ نفسه بمجرد شخبطته بالألوان وحواره مع الورق الذي يرسم عليها، وينسج لنفسه عالماً خاصاً على الورق يلونه كيف يشاء ويغيره كما يحلو له ويتحكم في الطبيعة والبيئة المحيطة به حسب ما يرغب ويحب، وعن طريق الرسم يحقق الكثير من الحاجات التي لا يستطيع تحقيقها في الواقع.
من هنا فإننا نعتبر الرسم وسيلة هامة لتعديل سلوك الطفل، فالشحنات الانفعالية التي يفرغها بالرسم تمنعه من الكثير من السلوكات العدوانية التي لولا الرسم لمارسها على أرض الواقع
وبدلاً من أن يستخدم الطفل يديه وأعضاء جسده في التعبير عن حاجاته واستخدام العنف في التواصل مع الآخرين فإنه يستخدم الرسم.
وبالرسم فإننا نحن الكبار نكون أكثر تفهما لشخصية الطفل ونفسيته، فالكثير من السلوكيات التي تطرأ لا نجد تفسيراً لها لينجدنا الرسم في التعرف على الكثير من الحاجات عند الطفل،
ويمكن أن يستخدم الرسم كوسيلة للتعزيز عند ظهور السلوك المرغوب فيه، أو حرمان الطفل منه كطريقة لكبح السلوكات غير المرغوب فيها عندما تظهر، فما دام الطفل يحب الرسم، فلا بأس من إقرانه بالسلوكيات المرغوب فيها الأخرى التي تريد الأسرة أن تنميها عند الطفل.
وبالرسم يكتسب الطفل الكثير من القيم وأنماط السلوك الاجتماعي الجيد، فهو يرسم السلوكيات التي تتناسب مع النظام الأسري والاجتماعي المحيط فيه، ويعبّر عن رفضه للكثير من السلوكيات الخاطئة التي يمارسها الأطفال الآخرين.
وإذا كنا نحن الكبار نلجأ لصديق للفضفضة عن مشاعرنا وما يجول في خاطرنا لتهدأ أنفسنا فإن الكثير من الأطفال يلجأون للرسم للفضفضة والنفسي الانفعالي، الأمر الذي يبعث فيهم صفاء النفس والتذوق الانفعالي في استخدام الألوان وتناسقها والعلاقات بين الخطوط المرسومة،
وتضافر الكثير من أعضاء الجسم مع بعضها للوصول إلى اللوحة التي يريده الطفل، كحركات الأصابع والعيون والرأس، والتمتمات التي تخرج من الطفل وقت الرسم والتي تعبر عن سعادة وانسجام كبير. 
تصميم وتطوير شركة  فن المسلم