يعيش العالم اليوم ثورة تقنية لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية فبعد ان كان اول جهاز حاسب آلي عام ١٩٤٦ بمساحة ١٨٠٠ قدم مربع ووزن ٥٠ طن تقريباً أصبح اليوم بحجم الكف وبموصفات تفوق الأول بكثير ، هذه الثورة التقنية انعكست بطبيعة الحال على جميع مناحي الحياة حتى اصبحنا نسمع بالهواتف الذكية وا لمنازل الذكية والسيارات الذكية فالعالم من حولنا يزداد ذكاء يوماً بعد يوم.
ففي إحصائية نشرتها الوكالة العالمية “We are social” عام ٢٠١٤ : قرابة ١٤ مليوم مستخدم للانترنت في السعودية أي ما يقارب ٥٤٪ من اجمالي عدد السكان منهم ما يقارب ٧.٦ مليون مستخدم نشط في الـ facebook. ذكرت كذلك الإحصائية أن ٧٣٪ من سكان المملكة يستخدمون هواتف ذكية.
من الواضح الذي ليس فيه خلاف أن هذه النقلة النوعية في عالم التقنية جلبت الكثير من الايجابيات والتي سهلت بدورها حياة الناس وجعلتها أكثر رفاهية إلا أنها في ذات الوقت جلبت بعض ا لأضرار والمخاطر التي لم تكن موجودة في الأجيال السابقة.
“فقدان الخصوصية” هي احد ابرز السلبيات التي جلبتها التقنية الحديثة لاسيما مع جهلنا الواضح فيما يسمى “أمن المعلومات”. قبل فترة ليست بالبعيدة قمت بعمل تجربة مبسطة على احد الحسابات التي تم اختيارها بشكل عشوائي من موقع التواصل ا لاجتماعي
“تويتر”. كان الحساب الذي وقع عليه ا لاختيار لا يحمل ا لاسم الصريح لصاحبه وكانت التجربة تهدف الى محاولة معرفة الى اي مدى يمكن الوصول الى معلومات صاحب الحساب الخاصة والتي وضعها بنفسه من خلال ما يكتبه في حسابه. الحقيقة المؤلمة هي أن المعلومات التي يبثها احدنا بلا وعي عبر الشبكة العنكبوتية كثيرة جداً وهي كفيله بكشف ادق التفاصيل عن حياتنا اذا تم جمعها وتحليلها.
ففي أقل من يومين فقط من قراءة تغريداته المتفرقة والمتنوعة اصبح صاحب الحساب المجهول معروفاً بنسبة لا تقل عن ٨٠٪ بدون أي مبالغة
فعلى سبيل المثال فقط تم تحديد موقع منزل صاحب الحساب من خلال تغريدة له موجهة لشركة الكهرباء يصف لهم بيته تحديداً دقيقاً ويسأل عن سبب انقطاع الكهرباء في الحي الذي يسكنه في مدينة الرياض!!.
وفي تغريدة اخرى يخاطب جهة تعليمية ويضع رقم هويته الوطنية على هيئة طلب استفسار عن سبب عدم قبوله في الدراسة وقد حقق شروط القبول!!.
وغيرها الكثير من ا لمعلومات التي يجب ان لا تعلن للعامة في مواقع التواصل الاجتماعي.
تذكرت بعد ذلك قصة قرأتها في فترة سابقة حول جريمة سرقة تمت بمساعدة غير مباشرة من الضحية نفسه والذي طا لما أظهر تفاصيل حياته للمجرم المتربص وذلك من خلال صفحته الخاصة في الـ facebook حيث كشف له من خلال ما ينشره من صور مستوى الحالة المعيشية لديه “سياراته ، منزله ، ملابسه … الخ”. استطاع ا لمجرم جمع معلومات دقيقة عن الضحية ولم يبق له الا اختيار الوقت المناسب لتنفيذ جريمته وقد تم ذلك ايضاً بمساعدة من الضحية حيث نشر صوراً جديدة لرحلته خارج البلاد وفي مكان بعيد مما أعطى المجرم المتربص الضوء الأخضر لتنفيذ جريمته بكل هدوء واطمئنان!.
بعد أن تم جذب انتباه القارئ الكريم لأهمية ا لموضوع أضع بين يديك عددا من النصائح والتوجيهات الهامة والتي لابد من مراعاتها ونحن نخوض بحار الانترنت ونزور صفحاته ومواقعه :
١- بناء ثقافة الأمن المعلوماتي بل والمشاركة والمساهمة في نشر هذه الثقافة في الأسرة وفي المجتمع بشكل عام .
٢- العناية بالأبناء ومتابعتهم عند استخدام الانترنت فهناك الكثير من المتربصين من أصحاب الأفكار المنحرفة والضالة والذين يبثون سمومهم عبر الشبكة العنكبوتية.
٣- عدم نشر المعلومات الخاصة ابداً عبر الانترنت والتي تشمل “الموقع ، افراد العائلة ، جدول ا لاعمال او ا لمواعيد” وغيرها.
٤- ا لاهتمام باختيار كلمات السر القوية والآمنة بصفة عامة ولحسابات مواقع التواصل الاجتماعي بصفة خاصة.
____________________
المستشار: هاشم الشريف