ألا ترى-عزيزي القارئ- أن حرف «الألف» ربما يكون مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالأنانية والاحساس بالزهو، وعلى الرغم من أنه مرتبط بضمير (أنا)، إلا أنه بلا ضمير، ومن فرط أنانيته أنه أخذ يحاصر حرف النون من الجانبين بحصار خانق يكاد يخنق حريتها؟!.
بناء على نظرية صاحب مدرسة التحليل النفسي النمساوي سيجموند فرويد (sigmund freud) الذي قرر بأن الشخصية تتكون من ثلاثة عناصر، هي (the id) ويعني (الهو) الذي فيه الغرائز والرغبات، والثاني شقيقه (the ego) أي (الأنا) الذي فيه القوة التي تعمل على إشباع الغرائز والرغبات، والثالث خالهما الكبير (the super ego) الذي يعني الأنا الأعلى، وفيه تختزل المبادئ الاجتماعية والاخلاقية المعبرة عن ضمير الانسان وعلاقته بمجتمعه وأهله وأقاربه وأصدقائه الأحياء منهم والأموات، بناء على ذلك دعني هنا -عزيزي القارئ- اضرب أو أطرح بعض الأمثلة عن ارتباط حرف الألف -وهو موضوعنا- بالأنانية، وذلك تماشيا مع تلك النظرية.
الكثير من الموظفين الذين قاربوا من التقاعد يفكرون بنوع من الأنانية المفرطة، فمنهم من يقول: إذا تقاعدت «كم بيصير راتبي؟»، أو إذا تقاعدت سأشتري استراحة (اتمغط) فيها، وهذا فيه فرط في (الأنا)، بينما ليس فيه تحريك للضمير (the super ego) أو الأنا الأعلى، لأن الأنا العليا إذا تحركت ستجد هذا الموظف يقول: إذا تقاعدت سأكفل يتيما بجزء من راتبي التقاعدي!
ومثال آخر على ذلك، أولئك الشباب الذين يتجولون بالدراجات النارية ذات الأصوات المزعجة على الكورنيش أو في الشوارع العامة، مستهلكين للوقود وملوثين للبيئة بما يخرج من عادمات الدراجات النارية من ثاني اكسيد الكربون، غير آبهين بالإزعاج الذي يسببونه لمستخدمي الطريق، وكأن الطريق ملك لهم، وهذا النوع من الشخصيات تجده مفرطاً بهرمونات (الأنا)، ويجدر الحذر أثناء التعامل معه أو نصحه، لأن غرائزه الشريرة المدفونة تبقى مطمورة ومتوهجة مثل جمرة تحت الرماد.. وهم أقرب مثال للأنانية وإشباع الأنا والغرائز العنترية، وبعكسهم شباب الأعمال في الغرف التجارية، الذين يراعون الغير، ويؤكدون احترامهم لذواتهم باحترامهم للخال الكبير (the super ego) أعني الأنا الأعلى!
ومثال ثالث، ذلك الموظف العادي الذي صادفه الحظ ووصل إلى كرسي المدير وأصبح أكثر قمعا وتسلطا من الذي قبله، وأخذ يبدع في تحطيم كل من لا ينفخ في قربة مواهبه، وأخذ يدعي المعرفة والإلمام بكل شيء، ويتملكه إحساس بالعظمة، وشعور عارم بانتفاخ (الأنا) واحساس غريب بالتفوق إلى درجة انه يضيق بالنقد حتى من أقرب الناس إليه، وكأنه شخصية مركبة من (الهو) و (الأنا) فقط، وليس في شخصيته شيء من الأنا الأعلى!