مر الطفل الفذ ــ حسن البنا ــ ذات يوم على شاطئ نهر النيل حيث يشتغل عدد كبير من العمال في بناء السفن .. فلاحظ أن أحد أصحاب السفن قد علق في مقدمتها تمثالاً خشبياً عارياً على صورة تتنافى مع الآداب العامة .. وبخاصة وأن هذا الشاطئ تتردد عليه السيدات والفتيات يسقين منه الماء .. فغضب لهذا المنظر وذهب إليه ونصحه بإنزال هذا التمثال فلم يستمع لنصيحته .. فذهب فوراً إلى ضابط النقطة وذكر له ما رأى وهو غاضب.فقام الرجل على الفور وهدد صاحب السفينة وأمره بإنزال التمثال حالاً .. ولم يكتف الضابط بذلك .. بل ذهب في صباح اليوم التالي إلى المدرسة .. وأخبر الناظر الخبر في إعجاب وسرور فسر هو الآخر .. وأذاع الخبر على التلاميذ في طابور الصباح. تخيلت المجتمع كله يحمل ما حمل هذا الطفل الفذ الذي صار مجدداً لقرنه .. كيف حال المجتمع لو أن الإيجابية صارت سمتنا كما هي سمته .. لا نسكت على خطأ .. الجميع يتحرك نحو الإصلاح .. الجميع يحلم بل ويتحرك نحو التغيير .. صورة رائعة هي التي أتكلم عنها وأتخيلها .. إن البنا لم يجلس منتقداً متكلماً عن حالة التمثال العاري وعن أن الأمر في غاية الخطورة وفقط دونما أن يتجاوز هذه المرحلة .. ولكنه تحرك وأخذ بما وصل إلى يديه من أسباب وفى النهاية نجح في تغيير في محيطه .. إذاً ماذا لو غير كل منا في محيطه الذي يعيش فيه ؟! .. هي دافع للنجاح ..
كتب الدكتور ــ على بادحدح ــ عن الإيجابية :- ( إن الإيجابية عمل يمنع الكسل، وحيوية تقصي السلبية، وانتشار لا يقبل الانحسار ، إنها عطاء ليس له حدود، وارتقاء فوق كل السدود، ومبادرة لا تكبلها القيود). وكتب :- ( الإيجابية دافع نفسي واقتناع عقلي وجهد بدني لا يكتفي بتنفيذ التكليف بل يتجاوز إلى المبادرة في طلبه أو البحث عنه، ويزيد على مجرد الأداء الإتقان فيه، بل يضيف إلى العمل المتقن روحاً وحيوية تعطي للعمل تأثيره وفعاليته، دون أن يخالطه جفاف أو جفاء أو تبرم أو استثقال) .يظن البعض أنها النهاية يوم أن نجحت الثورة ولكنى دائماً أقول أنها البداية .. فما سقوط الطاغية وتهاوى الأصنام إلا بداية التغيير.. بداية التشييد.. بداية البناء.
فما أروع أن يحاول كل من وجد حجراً في الطريق أن يرفعه إلى جوار حائط ؟
وما أروع أن يأخذ كل ذاهب للمسجد للصلاة بيد صاحبه الذي لا يصلى ؟! ..
وما أبدع أن يبلغ كل من يملك الخير لمن لا يملك ؟! ..
وما أجمل أن نضرب على يد المخطئ حتى يصوب خطأه ؟!
ولكن كما يقول الأستاذ ــ سليم الكهالى :- (حيث إن الانتقال من المألوف والسائد والذي تربت النفس عليه وأنست إليه والانتقال إلى وضع جديد غير معروف ولا مجرب وله متطلبات ثقيلة على النفس, يحتاج إلى إرادة قوية وعزيمة صادقة وصبر على تبعات هذا التغيير).