لا توجد فى الحياة سعادة تفوق سعادة الإنسان في بيته، ولا شقاء يعدل شقاؤه مع أهلهِ!
فمن كان في بيته سعيداً عاش مع الناس سعيداً ، ومن كان في بيته منغصاً ومعذباً يفقد الهدوء النفسى والأمن مع الآخرين
وفى اعقاب كل مشكلة اجتماعية وكل انحراف خلقى البحث عن البيت والجو الأسرى ، والمشكلات التي تنشأ عن اضطراب الحياة الزوجية كثيرة، وكم أدت الى جرائم اجتماعية كبرى.. وليس اضطراب الحياة الزوجية مقصوراً على فئة دون أخرى أو تختلف فى الأوساط الغنية عن الأوساط الفقيرة .. فالكل سواء انها مشكلة المجتمعات الانسانية فى كل عصر غير أن المشكلة تبدو واضحة الأثر كثيرة الظهور فى البيئات التى ضعف فيها وازع الدين والخلق، الدين الصحيح الذى ينير النفس ويهدى القلب الى ما هو خير وفاضل وليس الدين السطحى الذى يعتمد على المظاهر والشكليات التى تعبر عن طقوس باهتة لا تسمو بروح ، ولا تزكى نفسا.
فمن ذلك تحكيم العاطفة أو المصلحة المادية عند اختيار الزوج أو الزوجة، فكثيرا ما ينشأ الزواج عن حب عاطفى مشبوب لا يلبث أن يفتر حيث يكتشف كل منهما أن هناك فرقاً شاسعاً في الأخلاق ، والميول، والثقافة ، وكثيراً ما ينشأ الزواج عن الاعجاب بالجمال فى الزوج أو الزوجة ثم سرعان ما يكشف هذا الجمال الجسمى عن قبح نفسى ودمامة خلقية.
ومن أسباب المشاكل العائلية التى تجعل الزوج يهرب من زوجته ، ويضيق ذرعاً بهذا الزواج الذى يخنقه هو عدم تقدير الزوجة لأعباء زوجها وواجباتها الاجتماعية فقد يكون الزوج سياسياً ومن واجبه أن يجتمع الى الناس ويستقبلهم .. وقد يكون عالماً أو أستاذاً ومن واجبه أن يقرأ ويكتب، فتضيق الزوجة بالاجتماعات العامة وتتبرم من قراءاته وكتاباته ، بل تتأفف الزوجة اذا رأت هذا الزوج يدخل بيته وفى يده كتاب جديد.
وأقول لمثل هذه ا لزوجة:
من حق الزوج أن تتركي له وقتاً يفرغ فيه لنفسه وفكره طالما أنه يراعى حقوقك الزوجية.. فحاولى أن تكونى نموذجا للسكن والمودة والرحمة لا سبباً منفراً يهرب منه الزوج الى مكان آخر لينجو بنفسه من الازعاج مما يؤثر على تواصلكما معا فى خلق للاستقرار العائلى وبث روح الألفة.
واذا كان من حق ا لزوجة أن يخصص لها الزوج وقتا ليؤنسها ويأنس بها ، فليس من حقها أن تنكر عليه تفرغه لواجبه الاجتماعى أو العلمى أو أن تظهر السخط على عمل يرتاح اليه ضميره وتطمئن اليه نفسه. ولكن لا بد ايضاً من وقفة مع مثل هذا الزوج وهو ألا يشغله الواجب الاجتماعى أو العلمى عن حق الزوجة في الاهتمام بها وبمشاعرها ومشاركتها فيما تصبو اليه نفسها وتشجيعها على تحقيق آمالها وطموحها.