ربما ينمّ تضجر التلامذة من المدرسة عن أسلوب يستخدمونه للإشارة إلى حاجتهم للاهتمام بهم، لأنّهم لسبب أو آخر يعوزهم اهتمام الكبار بالقدر المناسب، كما لا يحصلون على تعزيز كافٍ عندما يقومون بسلوك محمود. فقد يجد هؤلاء أنّ آباءهم وأمهاتهم يعيرونهم اهتماماً أكبر وقت الاستذكار وحلّ الواجبات. بيد أنّ هذه الحالة لا تنفي أخرى متصلة بالتضجر من الدرس، وعائدة إلى نمط الاستذكار المتكئ على التلقين والتكرار المملين، أو صعوبة الدروس وعجز الأطفال عن استيعابها.
في هذا السياق، يترتب على المربين تشجيع الأطفال، ومدحهم عندما يصيبون، وتوجيههم عندما يخطئون، مع استخدام أدوات مساعدة على التعلّم، كالتجارب البسيطة ممكنة التطبيق في المنزل، والاستعانة بالخرائط، أو الكرة الأرضية، كما زيارة المتاحف والآثار، مع شراء أشياء للمنزل بغية تطبيق مبادئ الحساب.
من جهة ثانية، قد يرفق التضجر بحالة الدراسة السهلة، ما يستوجب إضفاء جو من المرح والدعابة أثناء المذاكرة.
لكن، إذا كان مسبّب الحالة القلق أو الخوف الصادق تجاه المدرسة أو كلّ ما يتعلّق بها، فينبغي مساعدة الأطفال على التغلب على هذه المشاعر، ومنحهم الاهتمام الكافي، مع تشجيعهم وطمأنتهم.
عموماً، لا يتوقع من الأطفال أن تكون رغبتهم بالدراسة دائماً مرتفعة، فهذه الفئة العمرية تحتاج على غرار الراشدين وقتاً للتأمل والملاحظة والتفكير والراحة واللعب والحركة، كما أنّ البعض يتطلّب ما تقدّم بصورة أكبر مما يحتاجه أقرانه. لذا، تدعو إحدى الطبيبات الأمهات إلى دفع الأطفال إلى اللعب وقت الراحة، الذي يعدّ هاماً للغاية لأنّه ينقل العقل من التركيز إلى نشاط الجانب الأيمن من المخ. وسيعود الصغار تالياً إلى الاستذكار بسهولة. أما بالنسبة للأطفال من 4 إلى 6 أو 7 سنوات، فإنّ فترة المذاكرة القصوى تبلغ 20 دقيقة على الأكثر.
نصائح للأُمّهات والآباء:
– لابدّ من فهم إمكانات الطفل وقدراته، وبالتالي نقاط قوته وضعفه، كما درجات ذكائه وتركيزه، مع انتظار إنجاز مساوٍ لها، بدون إغفال أهمية محاولة تنمية ما لديه من مهارات (الرسم أو الموسيقى أو الرياضة، مثلاً).
– يمكن تصميم خطة المذاكرة اليومية بمعية الأبناء، مع الدعوة إلى الالتزام بها، والبعد عن تغييرها سوى في الحالات الطارئة.
– لابدّ من أن يشعر الطفل بأنّه يذاكر لحبه في ذلك، وليس لأنّ المذاكرة مفروضة عليه، وذلك من خلال إنتاج حالة تجعله على يقين بأنّ ما يقوم به هو من أجل تحقيق ذاته، مع تشجيعه ومكافأته مادياً ومعنوياً، والبعد عن سبه والتعدي عليه بالضرب حتى يذاكر. لابدّ أن ترتبط المذاكرة في ذهن الطفل بالذكريات الحلوة.
– يجب أن يشعر الأب والأُم أبناءهما أنّهم يمتلكن الحقّ في اتخاذ القرارات في شأن دراستهم، فلا يفرضون عليهم ما يذاكرونه، بل يجعلونهم يختارون أي المواد يفضلون أن يبدأوا بها أوّلاً مثلاً.
– من الهام تخصيص يوم للترفيه حتى يجدّد الصغير طاقته.
– إذا استمر الطفل في رفض المذاكرة، ولازمه سلوك الضجر والامتناع عن الدراسة، فمن الأفضل درس هذا الرفض نفسياً واجتماعياً وصحّياً، وعرض الطفل على متخصص.
طفلي يكره مادة بعينها..
إنّ رفض الطفل أو تضجره من استذكار مواد بعينها قد تكون له مسبباته؛ فمن المحتمل أنّ لديه تصوراً خاطئاً عن هذه المادة. اسألي صغيرك عن سبب عدم رغبته أو ضجره من حل الواجبات أو الاستذكار، فقد يقاوم الطفل لأنّ شخصاً ما أخبره أنّ هذه المادة صعبة، أو أنّ المدرسة قاسية الطباع. متى ما فهمت سبب رفض الطفل أو ضجره من الاستذكار، فإنّه بإمكانك محاولة معالجة تصوره الخاطئ.