الأربعاء 25 ديسمبر 2024 / 24-جمادى الآخرة-1446

أضافك فلان إلى مجموعة كذا!



بقلم د. إبراهيم عبداللطيف الأعظمي

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعدُ: فغالبًا ما أصبح المرء يُفاجأ بعبارة تأتيه على هاتفه المتحرِّك ضمن بعض التطبيقات التِّقْنِيَّة، التي يتعامل معها مكتوب فيها: “أضافك فلان إلى مجموعة كذا”، وقد جرت العادة عند الكثيرين قَبول مثل هذه الدعوة، والانضمام إلى المجموعة مباشرة لأسباب عدة، قد تكون أبرزها الحياءَ من مشرف المجموعة الذي اختارك من بين الكثيرين للانضمام إلى مجموعتهم، ومنها: الرغبة في التواصل، ومنها: صلة الرحم، والتعلم، والتعرف على أخبار العباد والبلاد.. وغيرها من الأسباب، إلا أن هذه الوسائل وبسبب التطور التقني الهائل في مجال برامج التواصل الاجتماعي اليوم – في تنافس كبير فيما بينها؛ لجذب أكبر عدد ممكن من خلال تقديم الكثير من التسهيلات والتطويرات إلى تطبيقاتها باستمرار، بحيث أصبح من الصعوبة الإفلات منها، لدرجة أنه كلما أخطأك تطبيق نهشَك الآخر! ومن هذه التطويرات والتسهيلات “المجموعات التفاعلية” التي يستطيع من خلالها مجموعة من الناس التحدث فيما بينهم عن طريق الكتابة في وقت واحد، بعد أن يقوم شخص بإنشائها، وإضافة من يختاره من قائمة الأسماء الموجودة في هاتفه.

ولا يخفى ما في هذه الوسيلة وما تحتويه من إيجابيات، كما لا يخفى جانب السلبيات أيضًا، وقبل استعراض جانب منهما أودُّ الإشارة إلى ذكر بعض الآداب العامة باختصار التي ينبغي مراعاتها على كل من يُنشِئ مجموعة في تطبيق ذكي ما، ومنها النقاط الآتية:
1- أهمية تجديد النية عند الإرسال، ومراعاة المقصد من حيث إلقاءُ التحية والسلام، وصلة الرحم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونشر العلم، والترغيب في الجنة، والترهيب من النار، وابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى في ذلك كلِّه.
2- إدخال شخص ما في مجموعة يُعدُّ لُطفًا وتكرُّمًا من المشرف على المجموعة تِجاه المُدعوِّ، ولكن ينبغي استئذانه وإعلامُه قبل الشروع في إدراجه؛ لعدم إحراجه أمام بقية الأعضاء في المجموعة من دون سابق علمه.
3- كلما كانت الرسالة خاصة بالشخص المَعْني، كان التفاعلُ معها من حيث الجواب والرد أقوى؛ باعتبار المخاطب؛ وهو الشخص المَعْني بالرسالة حصرًا، على عكس رسائل المجموعة.
4- التمهل في الإرسال ومراجعة ما يُرسل قبل ذلك، من حيث التأكُّد من دقة العبارة وسندها، ودليلها الشرعي، وصحتها، وسلامة لغتها.
5- الإكثار من الإرسال والمبالغة فيه يفقد جوهر الموضوع، ويؤدي إلى إهمال الكثير من الرسائل؛ لتزاحم بعضها وتَكرارها أحيانًا؛ لذلك يُنصح بمراعاة جانب التوسط في هذا الموضوع، وعدم المبالغة فيه.
إيجابيات المشاركة التفاعلية في بعض برامج التواصل الاجتماعي:
1- قد تكون المجموعةُ بين فئة تربطُهم صلةُ رَحِم وقربى، ولا يخفى الخير العميم في مثل هذا التواصل، وما يترتب على ذلك من أثرٍ طيب.
2- كما لا يخفى جانب العلم والتعلم والتواصل بين طلبة العلم والأساتذة والمشايخ في إدارة حوارات علمية رصينة في شتى التخصُّصات، مبنية على طرح أسئلة ومشاركة من قِبَل الكثير من ذوي الاختصاصات.
3- قد تكون المجموعات بينَ فئات تربطُهم قواسمُ مشتركة في عمل أو دراسة تجمعهم، فيكون التواصل التفاعلي بينهم في طرح موضوع أو تحديد موعد ما ومناقشته فيما بينهم، وهذا قد ينفع حلقات التحفيظ، وتحديد مواعيد الإشراف على الطلاب، وبحوث التخرُّج، وما شابه ذلك من الأمور التي لا تتطلب في العادة حضورًا أحيانًا.
4- تزداد أهمية هذه المجموعة في وجود القواسم المشتركة المشار إليها أعلاه، إذا كانت في ضرورة وجود نساء غير محرمات؛ كأن يَكُنَّ طالباتٍ جامعيَّات مع أساتذة، أو موظَّفات مع موظفين في العمل وما شابه ذلك، فإن الكلامَ العام في ذلك يكون أضمنَ للقلوب، وأحوط للنفوس؛ استشعارًا لقول الله عز وجل: ﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ [الأحزاب: 32].
5- التعميم للأخبار النافعة، التي تَخصُّ فئة معيَّنة، ومشاركة أعضاء المجموعة بالأفراح والأحزان؛ مثل وفاة شخص معروف، أو زواج آخرَ، أو استقبال أو توديع مسافر، أو إقامة وليمة، وما شابه ذلك.
أما عن سلبيات المشاركة التفاعلية في بعض التطبيقات الذكية، فتكاد تكون أكثر من الإيجابيات، كما هي مبيَّنة في النقاط الآتية:
1- مجرد قبول مثل هذه الدعوات يزيد تلقي الإشعارات بشكل لافتٍ قد يؤدي إلى الإزعاج أحيانًا.
2- اختلاف توقيتات البلدان الزمنيَّة بين أعضاء المجموعة يؤدي إلى إرباك النوم، حتى لو تمَّ تحويل الهاتف على وضع الصامت، فإن الإضاءة تؤثر على النوم، وتقلق النائم أحيانًا.
3- زيادة رسائل المجموعات وكثرتها تؤدي إلى الانشغال بها في أوقات لا ينبغي الانشغال بها عن شيء آخر؛ مثل: أثناء الدوام الرسمي، وقيادة السيارة، ومجالس العلم، ووجبات الطعام، فضلًا عن المجالس الخاصة وغيرها.
4- زيادة رسائل المجموعات وكثرتها تؤدِّي كذلك إلى إهمال بعض الرسائل المهمة أحيانًا من دون قصد، وقد يفوت المُستقبِلَ فضيلةُ الخبر المهمل؛ مثل صلاة جنازة، أو إغاثة ملهوف، وما شابه ذلك.
5- قد يحصل إشكال بين كل من المُرسِل والمُرسَلِ إليه؛ باعتبار أن المرسل خاطب الجميع بمن فيهم الشخص الذي أهمل الرسالة، وقد يعترض المرسل إليه بالتعميم الذي لم يخصَّه به؛ فينشأ نزاع بهذا السبب.
6- بعض القضايا الخاصة التي تحتاج إلى نوع من الكتمان؛ مثل الاستشارات، والفتاوى الخاصة التي تتطلب نوعًا من السرِّية، والتي يكون فيها سابق معرفة بأوليات القضية بين السائل والمسؤول؛ مما قد يُؤدِّي عرضها في المجموعة إلى تدخل بعض الأعضاء الذين يكونون مؤهَّلين للجواب، لكنهم ينقصهم الاطلاع الكامل على المسألة.
7- الخوض في القضايا التي تشجِّع على الفتن والعداوة والبغضاء، وزعزعة الاستقرار في البلدان، والتي يترتب عليها اختلاف في وجهات النظر، والتي قد تؤدي إلى تبادل الاتهامات، وربما تصل إلى السبِّ والشتم أحيانًا، والوقوع فيما حرمه الله عز وجل

تصميم وتطوير شركة  فن المسلم