عندما ينتهي “ماراثون” الامتحانات وتنتهي أيام الدراسة والاستيقاظ باكراً والمراجعة النهائية، تبدأ فترة الإجازة الصيفية التي يراها الطلبة متنفساً لهم للانطلاق وممارسة كل ما يرغبون به من نشاطات أو تجمع مع الأصدقاء أو السفر خارجاً في رحلات صيفية مع أقرانهم، فهم يجدون أن الإجازة منطلق لهم لرمي تعب عام كامل من الالتزام واتباع القوانين والأنظمة، فنجدهم يتخلون عن كل ذلك للترفيه عن أنفسهم، وخلع ثوب الدراسة بما تضمنه من التزامات،
فنجد الكثيرين منهم يقضون صيفهم داخل البلاد مع أقرانهم من الأصدقاء في التجمعات والأمور التي من الممكن أن تكون مدمرة لهم، وعمل كل ما هو محظور بهدف الاستمتاع والترفيه عن النفس، وهذا الأمر يشكل هاجساً أسرياً للآباء يتجدد مع حلول كل صيف في كيفية شغل أبنائهم لأوقات الفراغ في الإجازة الصيفية التي يجب أن تستثمر بشكلٍ جيدٍ حتى لا يقع الشباب فريسة لأصدقاء السوء والسلوك المنحرف.
الرفيق ثم الطريق
يقول المستشار التربوي لمركز التنمية الأسرية الأستاذ فؤاد بن عبدالله الحمد: “للرفقة أبلغ الأثر في سلوك المرء، فالصاحب ساحب، وَمَنْ جالس الأشرار وعاشرهم لابد أَن يتأثر بهم، ويقتبس من أخلاقهم، فمجالستهم تسوق بصاحبها إلى الحضيض، وكلما هم بالنهوض والتحلي بمكارم الأخلاق، والتخلي عن مساوئها أعاقوه، فعاد إلى ضلاله، واستمر بجهله وسفهه، فعلى الفرد أن يقلع عن صحبة السوء وأن يصاحب أولي الهمم العالية من الصالحين، ومن أقوال الحكماء: “قل لي مَن صاحبك أقل لك مَن أنت”، “الرفيق ثم الطريق، ولا يُعرف الرجل إلا برفيقه”، “عَنِ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قرينه، فكل قرين بالمقارن يقتدي”.
وأضاف: “نجد أن الفراغ مع المال والشباب فتنة كبيرة، ولابد من شغل أوقاتنا وملء فراغنا بكل ما هو مفيد ونافع لنقطع الطريق على شياطين الإنس والجن، وللشباب حاجات متعددة ومتنوعة، والذكاء يكمن بكيفية احتواء تلك الحاجات والاستفادة منها فيما يصلح حال الشباب أولاً والمجتمع ثانياً، وحتى نحفظ شبابنا من براثن أصدقاء السوء يجب الحرص على بناء القيم الإيمانية والإنسانية والأخلاقية بهم، وهنا يأتي دور القدوة، وأعني الأب والأم، فعليهم الدور الرئيسي في غرس القيم النبيلة التي تلامس الفطرة السليمة كالصدق والأمانة والخوف من الله تعالى والتقوى، وأن يبديا ذلك عملياً، وفي الواقع نحن لا نستطيع أن نمنع الشاب من مخالطة أهل السوء في المجتمع، بل نستطيع وبكل سهولة تحصينه ضدهم، وبناء حصانة إيمانية وأخلاقية ضد تلك الفيروسات المجتمعية، وبالتالي يكون محصناً بإذن الله تعالى مما يسوءه، والله سبحانه هو الحافظ”.
فيروسات الصيف
للصديق أثر بالغ في حياة صديقه وتكييفه فكرياً وأخلاقياً لما هو معروف من أن الإنسان مطبوع على سرعة التأثر والانفعال بالقرناء والأصدقاء، فالصديق الصالح رائد خير وداعية يهدي إلى الرشد، بينما الفاسد رائد شر وداعية ضلال يقود إلى الغي والفساد، لذا يجب على الشباب والشابات ان ينتبهو الي تلك الامور اثناء سعيهم للأستمتاع باجازتهم:
1. أن يحسنوا اختيار أقرانهم الذين يرغبون في مصاحبتهم للاستمتاع بإجازاتهم.
2. أن ينتبهوا جيدا ويعوا لأمر هام، فكما أن في الشتاء فيروسات تصيب الجسم بالمرض كالزكام والرشح ونحوه، توجد في الصيف فيروسات بعضها قاتل، إلا أنها فيروسات مجتمعية، وتتمثل في صديق السوء، حيث يكون الشباب هم الضحية للأسف.
3 الانتباه الي ما نرى ونسمع من خلال بعض وسائل الاعلام التي تعتبر مدمرة، فالكثير من وسائل الإعلام مسخّرة اليوم لإشاعة الفاحشة والإغواء بالجريمة والسعي بالفساد في الأرض، وهي خطة للهدم استعملت فيها كل الوسائل لتدمير هذا الدين والقضاء عليه بطريق مباشر أو غير مباشر.
4. الانتباة من التقليد الأعمى للدول الغربية في ما لا يتناسب مع مجتمعنا الشرقي واخلاقنا الاسلامية.
5. الحظر كل الحظر من المماطله والتاجيل او كما يقال التسويف الذي يعتبر بحر لا ساحل له، وهو من جنود إبليس المقربين، وقد أجاد أحد السلف حينما سأله مَن حوله النصيحة، فقال لهم: “احذروا التسويف”، ويلاحظ أَن بعض الشباب يرون أن الإجازة طويلة، فيؤجلون أعمالهم قائلين: سأبدأ غداً أو سأفعل غداً، وتنقضي الإجازة يوماً بعد يوم، وتنصرم الشهور ولم يفعل مِن ذلك شيئاً، ولاشك أَن هذا من إبليس.
يعتبر الفراغ ووفرة الوقت لدى الناس من أعظم الأمور، ومشكلة من المشاكل الكبيرة التي يعاني منها الشباب بصفة خاصة، فكثير من مظاهر الانحرافات السلوكية المختلفة كان الفراغ من أهم الأسباب الدافعة إليها، فوفرة الوقت دون عمل نافع توقع صاحبها في أسر الوساوس الشيطانية، والأفكار والهواجس النفسية الخطيرة، فتظهر له الكثير من التصورات والأفكار الجديدة ما لا يمكن أن يحصل أثناء الانشغال بعمل ما، وتعود مشكلة الفراغ في حقيقتها إلى الفراغ الروحي، وخواء القلب من كمال الإيمان الذي يشعر بالأنس والاطمئنان.
كما أَن الفراغ يجعل الشاب ثقيل الظل في البيت، كثير المشاكل، كثير الأوامر والنواهي، إذا دخل فهِد وإذا خرج أسد، لذلك قال الحكماء: “الفراغ والجدة – أي الغنى واليسار – مفسدة للمرء”.
الشباب طاقة غير محدودة، واستثمارها يقع على عاتق المجتمع ومؤسساته في المقام الأول، ومع هذا يجب أن لا نغفل المسؤولية الذاتية للشاب، فهو أيضاً عليه مسؤولية تنمية نفسه وتطويرها، وفيما يلي بعض النصائح العملية التي تعين بإذن الله تعالى على أن يستفيد الشاب منها في قضاء إجازة ممتعة ومفيدة:
1. البحث عن عمل تطوعي مع أصدقائه لقضاء الوقت دون النظر إلى العائد المادي منه، ولو كان العمل عبارة عن تدريب في ورشة للصيانة والإصلاح أو مرافقاً لصاحب مهنة، فللعمل مزايا وفوائد لا تحصى، منها: يعلم الصبر والمثابرة والجدية، ويكسر حاجز الخوف من التعامل مع الناس، ويعمل على تنمية روح العمل في فريق، ومن خلاله يتخلص الإِنسان من عادات سيئة كالكسل والفوضى والتسويف وسرعة الملل وحدة الطبع والفردية، كما أَنه يشبع حاجاته النفسية كالحاجة إلى الاحترام والتقدير والإِحساس بالذات، والعمل التطوعي أياً كان نوعه سواء كان اجتماعياً أو إنسانياً أو خيرياً يمثل حياة للإنسان وأثراً طيباً له ويكسبه خبرة متنامية.
2. تطوير الذات خلال فترة الاجازات فعلى الشباب ان يطورو من انفسهم من خلال ، التحاقهم بإحدى الدورات العلمية أو العملية النافعة والمفيدة، مثل: دورة في الخط أو الكمبيوتر أو الرسم وغيرها الكثير مما هو ملائم لهوايتهم وشغفهم ليستمتعوا بتقويتها عن طريق تلك الدورات الصيفية.
3. القراءة فهي قاتل الوقت المفيد وأصبحت سبل القراءة كثيرة ومتعددة وليست مقصورة على الكتب، فتستطيع الآن مع تعدد وسائل الإعلام الحصول على المعلومة من كل مكان تقريباً، فقط خصص وقتاً ولو بسيطاً للقراءة فيه.
تتكون (أسرية) من (13) قطاعًا هي: مركز الإرشاد الأسري، ومركز الإصلاح الأسري، ومعهدان عاليان للتنمية الأسرية للتدريب أحدهما للرجال، والآخر للنساء، وأربعة فروع، وأربعة أندية للبنات، وناديان للشباب، و مركزٌ إعلاميٌّ، وإدارةٌ للتنسيق، وإدارةٌ للعمليات المساندة، وإدارةٌ للشراكات، وإدارةٌ للتطوع، والإدارةُ المالية، والإدارةُ النسائية .
تم الاشتراك فى البرنامج بنجاح!